الطلاب الأجانب يمسكون بمفتاح الرخاء في بريطانيا
هل الجيل المقبل من زعماء العالم، من أمثال مانموهان سينج وبي نظير بوتو وبيل كلينتون، سيتلقى العلم في بريطانيا؟
جامعاتنا ذات السمعة العالمية تفسر السبب في أن بريطانيا هي ثاني بلد في العالم، بعد الولايات المتحدة، يقصده الطلاب الأجانب. فالطلاب البالغ عددهم 400 ألف والذين يأتون إلى الكليات والجامعات البريطانية في كل عام يشكلون القسم الأعظم من صادرات التعليم البريطانية التي تبلغ قيمتها 15 مليار جنيه استرليني سنويا، كما أنهم مصدر قيمة دائمة. فهم يأخذون معهم صداقات وولاءات إلى أوطانهم يُستفاد منها في المستقبل على شكل روابط تجارية وثقافية ودبلوماسية.
الجامعات البريطانية قطاع تنافسي عالمي، وهي في موقع جيد يؤهلها للقيام بإسهام أكبر في النمو. ولأن النمو الاقتصادي له أهمية عظيمة، ينبغي لبريطانيا أن تكون حذرة من عرقلته بصورة صناعية. وعلى الرغم من الزيادة في العدد الإجمالي للطلاب الأجانب، إلا أن حصتنا السوقية الإجمالية في تعليم الطلاب الأجانب تراجعت بنسبة 1 في المائة خلال الفترة من 2000 إلى 2009. ومن المهم أن نفهم السبب في أن بريطانيا تمر الآن بحالة تراجع، وأن نفهم ما يمكن عمله في هذا الصدد.
على خلاف كثير من البلدان، لا تميز بريطانيا بين الهجرة المؤقتة والدائمة. فجميع المهاجرين الذين يمكثون أكثر من سنة يظهرون في إحصائية الهجرة طويلة الأمد، بصرف النظر عما إذا كانوا سيغادرون بعد بضع سنين. وهذا يعني أن الطلاب الذين يدرسون في بريطانيا لأكثر من سنة يقعون في أرقام صافي الهجرة المستهدفة بالنسبة للحكومة، على الرغم من الحقيقة التي تقول إنه ليس لديهم تأثير يذكر على المدى الطويل. ويؤدي تقليص أعداد الطلاب الأجانب إلى تخفيضات سريعة على المدى القصير في صافي الهجرة: تصل مجموعات أقل في حين تغادر مجموعات أكبر من السنوات السابقة.
وفي حين أن الهجرة هي إحدى مواطن القلق بالنسبة للجمهور، إلا أن الاستبيانات تشير إلى أن مصدر القلق بالنسبة للشعب البريطاني ليس هو الطلاب الأجانب المجتهدين الذين يمضون أوقاتهم في المكتبات. فالشعب البريطاني لا يشعر بأنه مهدد ثقافياً، أو اقتصادياً من قبل الطلاب الأجانب، وخصوصاً أن احتمال بقاء هؤلاء هو أدنى بكثير من احتمال بقاء المهاجرين الذين يدخلون البلاد عن طريق الفئات الرئيسة الأخرى. وتشير الأدلة إلى أن 15 في المائة فقط من الطلاب يبقون في البلاد بصورة دائمة، مقارنة بنحو الثلث من الذين يدخلون بريطانيا ومعهم أذون عمل، أو من خلال العائلات.
ولأن الحكومة اتخذت الآن إجراءات صارمة فيما يتعلق بمشكلة الكليات الزائفة – التي تعتبر باباً للهجرة غير القانونية – أصبح هناك مجال لإخراج الطلاب الشرعيين من أهداف الهجرة السنوية بحيث نعد فقط الطلاب الذين يقيمون بصورة دائمة للعمل، أو الذين يتزوجون بعد إكمال دراساتهم. وبالفعل، ذلك ما تفعله البلدان الرئيسة المنافسة لنا في السوق العالمية للطلاب. فأستراليا وكندا والولايات المتحدة تعامل الطلاب الدوليين كأشخاص وافدين بصورة مؤقتة، أو غير مهاجرين في إحصائياتها.
كما أنها تتبع نهجاً أذكى تجاه العمل بعد الدراسة. والطلاب يثمنون هذا النهج عالياً (جزئياً لأنه يمكنهم من البدء في سداد القروض التي حصلوا عليها للدراسة) وسيستثمرون رأسمالهم البشري في بلد آخر إذا لم يكن متاحاً هنا. وقد أدركت الدول المنافسة أن الطلاب يميلون لاختيار البلد قبل اختيار جامعة محددة. وتحرص أستراليا بشكل خاص على كسب حصة في هذه السوق. وقد أعلنت في العام الماضي تحريرا شاملا لقواعد التأشيرات الخاصة بالطلاب.
ومن المهم أن تبني المملكة المتحدة علامة تجارية وطنية باعتبارها مكاناً آمناً ومثيراً للدراسة فيه، يقدم تجربة حياتية حافلة واحتمالات وظيفية قوية. إن طرق باب أعلى المواهب الطلابية على الصعيد العالمي لا يعني فقط أن تحقق المملكة المتحدة مكاسب على صعيد الإبداع والبحث وقاعدة أوسع للعلوم والمهارات، ولكن تبادل الطلاب بشكل أكبر الآن يعني علاقات أقوى فيما بعد. ولا يسع المملكة المتحدة أن تخسر الاتصال بالجيل التالي من صانعي الرأي، أو أن تقيد فهم وجهة النظر البريطانية في الشأن العالمي، أو تسمح بتراجع المملكة المتحدة كمرجع ثقافي.
إن تغيير طريقة تصنيف الطلاب سيكون له أثر ضئيل في قدرة الحكومة على ضبط الهجرة على المديين المتوسط والبعيد. وقد أوجد النجاح في معالجة الكليات الزائفة وطلبات الحصول على التأشيرة الطلابية بواسطة التحايل في المجال السياسي الذي أصبح فيه إحداث تغيير في التصنيف أمراً متصوراً. والحكومة تواجه الآن خيارات حقيقية فيما يتعلق بالسياسة الخاصة بالطلاب الأجانب. والفرق الذي تحدثه في الهجرة الصافية طويلة المدى ضئيل نسبياً. أما الفرق الذي تحدثه هذه الخيارات بالنسبة لقطاع التعليم ولقوة بريطانيا الناعمة حول العالم ولاقتصاد المملكة المتحدة فهو كبير جداً.
الكاتبان هما مدير معهد بحوث السياسات العامة، والنائب عن منطقة أوربنجتون.