«حماية المستهلك» لـ"الاقتصادية": عروض رمضان المخفضة وهمية

«حماية المستهلك» لـ"الاقتصادية": عروض رمضان المخفضة وهمية

عد مهتمون بالشأن الاقتصادي عروض التخفيض على السلع الاستهلاكية والغذائية بشكل عام خلال شهر رمضان الكريم أنها عروض مبالغ فيها وتكاد تكون وهمية في أغلبها، ولذا فهي تحتاج إلى رقابة ومتابعة من الجهات المعينة خاصة في المحال التجارية المنتشرة في الأحياء الصغيرة التي أصبح تجارها لا يخشون العقوبة لثقتهم بعدم وجود الرقابة.
وقال الدكتور ناصر آل تويم رئيس جمعية حماية المستهلك لـ"الاقتصادية": إن أغلب العروض المخفضة في شهر رمضان مبالغ فيها من عدة جهات ولا تشمل البضائع والمواد الرئيسية وإنما ترتكز على الكماليات، وقد تكون بمثابة وسيلة لتصريف المواد المكدسة وغير الرائجة، أو قرب انتهاء الصلاحية لها إن كانت غذائية كون كثير من التجار يستغلون الازدحام في الأسواق بغية التجهيز للعيد ومستلزمات الشهر، لافتا إلى أن الاندفاع للاستهلاك المفرط من قبل المستهلكين خلال شهر رمضان الذي يفترض أن يكون الأقل ترشيدا للاستهلاك ساعد على توجه بعض التجار للإعلان عن عروض مبالغ فيها تدل على حاجة المستهلك إلى اكتساب وعي وثقافة الشراء والتسوق والادخار.
وأضاف آل تويم : إن الأسر السعودية تنفق 25 في المائة من دخلها "أي ربع دخلها" على كافة السلع من استهلاكية وغذائية وخلافه من ميزانيتها خلال شهر رمضان فقط ، وأن الاستهلاك الغذائي يستنزف 40 في المائة منها وهو ما يدعو إلى ضرورة اتباع سياسة الاستغناء عن السلع المبالغ فيها خاصة في ظل تواجد البدائل، موصيا بتكاتف الشراكة بين الأطراف السداسية المتمثلة في مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ومن بعدها المؤسسات الرقابية الحكومية لسد الفراغات النظامية، ومؤسسات المجتمع المدني بالتضامن مع المؤسسات الإعلامية لترويج ثقافة التسويق الأخلاقي ونبذ الاستهلاك التفريطي لدى المستهلك والتاجر.
وعن أكثر السلع ارتفاعا في الأسعار لشهر رمضان قال: إن الأواني المنزلية هي الأكثر ارتفاعا مقارنة ببقية السلع الاستهلاكية إذ بلغت نسبة الارتفاع فيها 35 في المائة لتصدرها اهتمام الأسر السعودية وخاصة المرأة ، وإن الارتفاع الملاحظ لهذه السلع نتج بسبب تفشي ثقافة الشراء المؤجل حتى آخر لحظة، ومن بعدها حققت الخضار واللحوم والتمور أعلى نسب الغلاء في الأسعار، مبينا أنه تم رصد غياب البطاقات الغذائية على كثير من المنتجات من قبل جمعية حماية المستهلك والأكثر منها هو غياب بطاقة السعر التي ساهمت في اختلاف قيمة فواتير المشتريات المعروضة عند المحاسبة لدى الكاشير إذ لوحظ الاختلاف الكبير بين قيمة الفاتورة وبين قيمة السلعة المعروضة.
وشدد آل تويم على ضرورة تفاعل المستهلك بوعيه بمخاطر التبذير ونتائجه السلبية سواء فيما يتعلق بالسلع المجزئة أو بكميات الجملة، ولذا فإن الوقت قد حان لإنشاء الجمعيات التعاونية لتنظيم الأسعار وتقليلها بنسبة 20 في المائة في جميع القطاعات الاقتصادية، وإيجاد مرجعية أو هيئة عامة للتعاونيات المستقلة مع إيجاد مصرف تعاوني يسهم في إحياء الاقتصاد التعاوني، ولا سيما أن العروض المعلن عنها لا يعلم حقيقة أسعارها في الأصل ليعرف مقدار التخفيض الجاري عليها إذ لم يتم ربط دخول السلع الجمركية لعدم وجود مؤشر أسعار ذكي.
من جانبه، أوضح الدكتور علي حسين مخفور القحطاني أستاذ مشارك في كلية الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز أن أهداف تجار العروض الرمضانية تتشكل في خمسة عوامل أبرزها الإعلان عن اسمهم التجاري لزيادة أعداد المستهلكين من خلال جذبهم بالتخفيضات والمنافسة بالأسعار لأن أغلب التسوق أكثر ما يكون في شهر رمضان، إضافة إلى رغبتهم في تنشيط الحركة الشرائية في المحال والمجمعات التجارية، كما أنها تعد فرصة لتسويق السلع المنتهية صلاحيتها أو قريبة الانتهاء، وأن أهم العوامل تتمثل في خلق سيولة نقدية بكمية أكبر، يضاف إلى ذلك أن تنشيط حركة العروض تقوم مقام الإعلان التجاري المرئي المتداول بين المستهلكين إلا أنه فرصة لتوفير ما سيكلفهم الإعلان بالقنوات الفضائية.
وأكد القحطاني أن التشهير التجاري بالشركات المتلاعبة أتى مع شهر رمضان للحد من تكرار مثل هذه الأمور واستغلال المستهلكين من خلال السعر أو التاريخ، الذي يبحث ما نسبته 60 إلى 75 في المائة من مختلف شرائح المجتمع عن العروض الرمضانية للسلع الاستهلاكية بصفة عامة، مشيرا إلى أن عدم وجود رقابة صارمة وفرض عقوبات من قبل وزارة التجارة على أصحاب المحال والسوبرماركت في الأحياء الصغيرة أدى لعدم خشية أصحاب هذه المحال الصغيرة من رقابة وزارة التجارة كون رقابة الأخيرة أكبر على المحال التجارية الكبيرة علما بأن بعض المستهلكين في الأحياء الصغيرة لا يقرأون تواريخ المنتجات الغذائية.
على الصعيد ذاته، أبان عبد العزيز بو كنان عضو اللجنة التجارية في غرفة الشرقية أن دواعي توجه بعض المحال التجارية التابعة لشركات منظمة لها فروع على مستوى المملكة لتبني عروض تخفيضية في شهر رمضان الذي يعد أفضل الشهور على مستوى المبيعات لبلوغها ما يراوح 20 إلى 25 في المائة مقارنة بـ 8 في المائة في سائر الأيام الأخرى، إضافة إلى رغبة هذه المحال في جذب أكبر شريحة من المستهلكين، ورغبتهم في تصريف البضائع المتكدسة التي لا يشترط عدم جودتها وإنما قد تكون قديمة التشكيلات والموديلات التي لا تتماشى مع الحديثة الطرح في السوق.
وقال إن أغلب التخفيضات لدى الشركات المنظمة حقيقية وغير وهمية إذ تبلغ غاية الـ 80 في المائة للبضائع التي مضى عليها وقت ولم يتم تصريفها، في حين أن الجديد منها قد تصل تنزيلاتها بين 10 إلى 20 في المائة، ولذا لا يعد إقبال المستهلك خاصة المرأة على مثل هذه التخفيضات استغلالا أو ترويجا لعروض وهمية ولا سيما أنه يمكن الاحتفاظ بها لوقت الحاجة إن لم تكن الحاجة ماسة إليها وقت شرائها كنوع من الادخار للمال الفائض عن الحاجة لوقت الضيق والعوز.
ولفت بو كنان إلى أن 90 في المائة من المحال التجارية الكبيرة ذات الفروع المتعددة تلتزم بعمل تخفيضات موسمية مدروسة سنويا من قبل الغرف التجارية من حيث نسب التنزيل وعدد القطع وما إلى ذلك، إلا أنها لا تشمل شهر رمضان ضمن برنامجها الموسمي إلا في حال وافق مصادفته للتاريخ الميلادي الذي يشهد تفعيل العروض الموسمية، وإن كانت التخفيضات قادرة على جذب 70 إلى 80 في المائة من شريحة المتسوقين بالأسواق إلا أن شهر رمضان لا يحتاج إلى عمل عروض تخفيضية كونه الشهر الأعلى مبيعات، منوها إلى أن التخفيضات التي تجري خلال شهر رمضان في المحال العشوائية وغير المنتظمة وغير المعروفة هي التي يمكن أن يقال عنها إن عروضها وهمية غير حقيقية كون فواتيرها لا تستند إلى نظام آلي يوثق تاريخ بيع السلعة وقيمتها قبل الخصم وبعده.

الأكثر قراءة