أنواع الإسراف في السعودية

أنواع الإسراف في السعودية

يُعتَبر الإسراف كارثة يعيشها مجتمعنا كل يوم, وسأختصر بعض أنواع الإسراف في بلدنا, في حين لا نجد هذه الأنواع مجتمعة في كثير من الدول حول العالم أو لا نجدها بطريقة إسرافية كالحاصلة معنا.

1. المأكولات:
ادخل المطعم ولاحظ كمية الأرز الموجودة في الصحون بعد أن ينتهي الأشخاص من الوجبة, ستجد أنّ نصف الصحن ممتلئ بالأرز وقد سألت عمّال المطعم فقالوا: جميعه يرمى ولا يتم حفظه لأنه لن يؤكل بعد الآن. رأيت قبل أيام ثلاثة أرباع الصحن ممتلئ بالأرز في مطعم وهو في طريقه إلى النفايات وهي مشكلة اشترك فيها أصحاب المطعم والزبون. الحل هو أن تطلب من المطعم أن يقلل كمية الأرز إذا كنت بمفردك, وستلاحظ أنه سيزيد بعد انتهائك من الوجبة حتى وإن قلل المطعم من كمية الأرز. النقطة الثانية هي أننا في الغالب نركز على المنظر لأنه إذا لم يمتلئ الصحن بالأكل فسيصبح منظره غريبا وننسى الكمية التي تحتاجها معدة الشخص, لهذا السبب نسرف نحن عندما يزورنا صديق أو ضيف لكي تصبح السفرة ممتلئة, مرتبة و جذابة المظهر.

2. الإسراف في استخدام المياه:
معدل استهلاك المياه للفرد الواحد يوميا في كثير من دول العالم هو من 100 إلى 150 لتر, أما نحن فازدادت نسبة استهلاك المياه لدينا حتى أصبحت من 200 إلى 300 لتر للفرد يوميا بل قد تتجاوز حاجز الثلاثمائة لتر للفرد في بعض مدننا. هناك هدر آخر وهو استهلاك آلاف اللترات من المياه لغسيل سيارة واحدة, فكم لترا يُهدَر لغسيل جميع السيارات في البلد؟!!

3. الإسراف في استخدام الأدوية:
كاستخدام الفيفادول والأموكسيل والفلتارين عند شعور الشخص بأدنى ألم, وهي أدوية تضر الكبد والكلى وقد يصاب الشخص بأمراض خطرة بسبب تناوله لهذه الأدوية باستمرار.

4. الصيد الجائر:
يصيد البعض من الكائنات البرية كالأرانب والحباري والضباب أكثر مما يحتاجون حتى أصبحت عندهم ملهاة, وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "من قتل عصفورا عبثا عَجّ إلى الله يوم القيامة يقول يا ربّ إنّ فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة" أخرجه النسائي وابن حبان والإمام أحمد والبغوي. فلا يجوز العبث بالموارد الحيوية في الأرض. نحن نعيش أزمة في تدهور التنوع الأحيائي حتى أصبحت خسارة العالم من هذا التدهور 3 تريليونات دولار تقريبا, وأصبحت كثير من الكائنات الحية في انقراض واختفاء مستمر, فهل هذه عقوبة بسبب إسرافنا المتواصل؟!!

5. المبالغة في شراء أغلى المنتجات:
أو ما يعرف بالماركات, فنجد الكثير يتسابقون لشرائها, كما أننا نسرف بوضوح في شراء أحدث المنتجات حتى وإن لم نكن في حاجتها كالجوالات مثلا, فلا نجد صغيرا ولا كبيرا إلا ومعهم هذه الأجهزة الحديثة يتفاخرون فيما بينهم حتى أننا نجدها مع أناس لا دخل لهم, فالمصيبة أن يكون همّ ذو الدخل المحدود هو التباهي وشراء أغلى المنتجات.

6. لبس الفستان مرة واحدة:
وهو إسراف واضح عند النساء وقد وقفنا جميعا عاجزين عن حل هذه المشكلة وكأنها معادلة رياضية أو فيزيائية صعبة الحل لا يفك شفرتها إلا أكبر العباقرة, وهذا دليل على ضعفنا الذي لا يمكن تصوره.

7. حرق ملايين اللترات من البنزين يوميا:
متوسط سعة خزان الوقود هو 70 لترا, فلو قمت بحساب عدد اللترات التي تحرقها السيارات في بلدنا فقط كل أسبوع فستجدها أكثر من 600,000,000 (600 مليون لتر من البنزين أسبوعيا). ينبعث 10 كيلوجرام تقريبا من الغازات نتيجة الحرق عندما تقطع السيارة 100 كيلومتر. نتيجة لهذا الهدر, لم تعد البيئة قادرة على التعامل مع ما يتم حرقه في الطرقات, فقد كان معدل هذه الغازات الدفيئة 275 جزء في المليون عبر ملايين السنين لأن الأرض قادرة على توازن هذه الغازات (التي تبعثها الطبيعة) من دون التدخل البشري, بعدها لوحظ ارتفاع هذا الغاز (الذي سببه البشر) إلى 310 قبل 55 عام, وازداد إلى 335 قبل 30 عام, وارتفع إلى 379 قبل 5 سنوات, أما هذا العام (2012), فقد وصل إلى 396, ونلاحظ ارتفاعه المتواصل عبر السنين, وقد وصل العلماء إلى إجماع حول خطر ارتفاع هذه الغازات بعد أن كان هناك علماء يشككون في هذه القضية البيئية, واتفقوا على أنّ أخطر رقم هو 450 وقد تصل إلى هذا الرقم بعد 30 عام, ويعتقد العلماء بعد دراسة لهم الشهر الماضي أن يذوب الجليد بعد 10 سنوات, فقد ذاب 900 كيلومتر مكعب هذا الشهر, وبقي 7000 كيلومتر مكعب بعد أن كانت 13000 كيلومتر مكعب. قد نكون نحن الوحيدون الذين لا نستخدم وسيلة نقل إلا السيارات الخاصة بينما نشاهد الكثير حول العالم يستخدمون الدراجات و النقل العام وهو حل جيد لتخفيف الزحام, والأهم تخفيف هذه الغازات.

8. ترك إضاءات المنزل الخارجية نهارا:
عندما ناقشت أحد المتخصصين في هذا الشأن, ذكر لي أنّ أغلب سكان أوروبا لا يتركون إضاءات منازلهم الخارجية ليلا, فذكرت له النقيض تماما في بلدنا وهو أنّ كثير من المواطنين مع كل أسف يتركون إضاءات المنزل (الخارجية) في النهار والليل, فلم يصدق, فقلت له عانيت في نصحهم والانتباه لها نهارا لأنه لن يستفيد منها في وضح النهار, وقد سألت البعض لماذا تترك سطح المنزل مضاء باستمرار, فقالوا: لا يهمني هذا الأمر كثيرا. هؤلاء لا يدركون هذا الخطر, فهناك آلاف الأطنان من النفط تحرق بعيدا عنا لتشغيلها نهارا, وقد اعترفت شركة الكهرباء بأنّ هذا الهدر هو أكثر ما يؤثر على البيئة وقد ذكرْت هذا في النوع السابع من الإسراف. اسال نفسك: هل سطح منزلك مضاء صباح مساء؟!

9. القروض لأمور غير هامة:
من المفترض ألا يقترض الشخص إلا في ظروف صعبة جدا وهذا نادر, لكننا مع الأسف نشاهد الكثير إن لم يكن أغلبنا يقترض من أجل أن يقضي إجازته في أرقى الدول أو يشتري سيارة فاخرة جدا أو للزواج, فالزواج على سبيل المثال لا يحتاج هذا الهدر لكن المسَلَّمات هي التي تجبره على الاقتراض, فقد اعتاد الناس إسراف مئات الألوف حتى ينتهي الزواج, وهناك مسَلَّمات كثيرة تخالف العقل والعلم بل بعضها يخالف الدين.

10. الإسراف في السهر والنوم:
وهذا نوع من إضاعة الوقت, فتضيع الصلوات بسبب نومه المتواصل نهارا. أما السهر, فيعاني منه الكثير حتى أصبح من ينام في العاشرة مساء يعتبر مخالفا للفطرة التي عليها الناس وليست الفطرة التي ينصحنا الشارع الحكيم بها, والكارثة هي استمرارية هذا السهر أغلب فترات العام, وكأننا لا ندرك حديث أبي برزة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها, وقد أصبحنا نسرف في السواليف وتضيع ساعات طويلة يوميا في القيل والقال والإشاعات والغيبة والكلام الذي لا يستنفع به المسلم.

أخيرا, أحب أن أذكّر أخي القارئ ببعض الآيات, لعلها تذكرنا بأهمية التقليل من الإسراف واستخدام ما يكفينا من أي شيء.
قال تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " (الأعراف:31).
وقال تعالى: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " (النحل:112).
وقال تعالى: "وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا " (الإسراء:29).

الأكثر قراءة