«الاستثمار في الفضاء».. خطة أثرياء العالم المقبلة

«الاستثمار في الفضاء».. خطة أثرياء العالم المقبلة
«الاستثمار في الفضاء».. خطة أثرياء العالم المقبلة
«الاستثمار في الفضاء».. خطة أثرياء العالم المقبلة
«الاستثمار في الفضاء».. خطة أثرياء العالم المقبلة

يخطط أثرياء العالم للاستثمار في الفضاء بدءا من العام القادم، بعد ما سنحت لهم الفرص لدخول عالم الفضاء من الناحية الاقتصادية وتحقيق ثروات طائلة في قطاع جديد في القرن الجديد.
وليس من الغريب أن يكون أصحاب المليارات الساعين لاقتناص أكبر قطعة ممكنة من أرباح الفضاء، هم من دهاة رجال الأعمال العالميين الذين حققوا ثرواتهم من العمل في صناعات أخرى. فهم يمتلكون المال والذكاء والخبرة والأهم البصيرة لرؤية أسواق وفرص استثمارية جديدة تضيف إلى ثرواتهم.
يعد الملياردير البريطاني ريتشارد برنسون صاحب مجموعة فيرجن جالاكتيك في مقدمة هؤلاء جميعا. فريتشارد يسوق لمشروعه الفضائي بلاعب على وتر الحلم. فهو قادر على تحقيق أحلام الأثرياء الساعين إلى أن يكونوا رواد فضاء. ريتشارد سيكون أول رجل أعمال يطلق سفينة فضاء بستة ركاب وطيارين ستحلق خارج الغلاف الجوي لتعود مجددا للأرض، ولتعزيز الثقة لدى ''عملائه'' قرر أن يكون هو وأبناؤه الاثنين ضمن ركاب أول رحلة سياحية جماعية للفضاء العام المقبل. ولكن ما هو سعر التذكرة ..السعر باختصار 200000 دولار للفرد في الرحلة الواحدة. مبلغ كبير للبعض لكنه لا يذكر لتحقيق أحلام البعض الآخر، ولمعرفة هزالة هذا المبلغ في عيون الأثرياء فإنه يكفي القول إن قائمة الانتظار تضم 535 من أثرياء الكوكب الساعين لتحقيق أحلامهم بأن يكونوا رواد فضاء.
برنسون ليس الوحيد في هذا المجال، فجيف بيزوس رئيس مجلس إدارة موقع أمازون دوت كوم قام بشراء مساحة مهولة من الأراضي في ولاية تكساس الأمريكية لبناء منصة لسفينة فضاء سيطلقها في الفضاء الخارجي. وتسعى حاليا ست شركات من القطاع الخاص لبناء مركبة شبه مدارية لمنافسة المليادير البريطاني ريتشارد فرينجسون وشعارهم ''إننا نحطم الأسعار تحطيما''، فتذكرة السفر لمشاهدة الفضاء لن تتجاوز 95000 دولار للفرد.

#2#

تشير أحدث الدراسات لولاية فلوريدا الأمريكية إلى دعم سياحة الفضاء بأن هذه الرحلات ستحقق عوائد تراوح بين 600 مليون و1.6 مليار دولار خلال العقد الأول من انطلاقها. فهناك 8000 شخص حول العالم تتجاوز ثرواتهم خمسة ملايين دولار للفرد أعربوا عن رغبتهم في السفر في الفضاء من بينهم 3600 مستعدون لخوض غمار هذه التجربة خلال العقد الاول من انطلاق هذا المشروع.
تهيمن واشنطن وموسكو على عالم الفضاء فالحكومتان وشركات البلدين تسيطر على معظم الأقمار الصناعية وإشارات البث التلفزيوني. لكن هذا الاحتكار يواجه تحديات مختلفة إحدى هذه التحديات يأتي من لندن التي تسيطر على 6.5 في المائة من هذه الصناعة. نسبة متواضعة لكنها كانت كفيلة بجذب انتباه جورج اسبورن وزير الخزانة البريطاني لما حققته من نمو اقتصادي رغما عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها بريطانيا.
فخلال العقد الماضي أضحت صناعة الفضاء في بريطانيا صناعة متوسطة الحجم وحققت نموا بمعدل 10 في المائة، وخلال الأزمة الاقتصادية كان معدل نموها 8 في المائة لتحقق عائدا قدر في عام 2008-2009 بنحو 7.5 مليار استرليني. صناعة الفضاء البريطانية أقل اعتمادا على الحكومة مقارنة بنظيرتها الأمريكية، وتعتمد عوائدها على مبيعاتها التكنولوجيا والخدمات المقدمة من جانبها للعملاء.
أين العرب من هذه الصناعة وآفاقها الواعدة؟ للأسف الشديد يبدو أنهم خارج المشهد الدولي في هذا المجال. فمع نهاية القرن العشرين لم يكن لدى العرب في الفضاء الخارجي سوى قمرين للبث الإذاعي والتليفزيون هما عربسات ونايلسات ثم تبعهم قمر ثالث هو الثريا للاتصالات. الأقمار الثلاثة صنعت وأطلقت عن طريق جهات أجنبية بطريقة ''تسليم المفتاح''. وبذلك خسرت فرصة نادرة لنقل جزء من تقنية الفضاء إلى العلماء والمهندسين العرب، وبالتالي التقدم خطوات على طريق امتلاك مفاتيح صناعات الفضاء والأقمار الصناعية.

#3#

قد يكون مبررا في كثير من الأحيان وفي عديد من السلع والخدمات أن يكون الشراء الوسيلة للحصول عليه، لكن في صناعة الفضاء فإن هذا الأسلوب لن يعود علينا بالنفع مهما بلغت الأموال المنفقة في هذا الصدد، فهذه صناعة لا تُشترى. وقد يمكن شراء قمر صناعي بتكلفة كبيرة، ولكن لا يمكن شراء كيفية صنعه. وبدون معرفة كيف صنع فإنه لن يفلح في تغيير هياكل التعليم والبحث العلمي ليكونون مشاركين حقيقيين في عملية الصناعة وما بها من أرباح.
ومع مطلع القرن الحادي والعشرين اختار العرب طريقة المشاركة في إنتاج تكنولوجيا الفضاء. ولا يقصد من المشاركة الإنتاج بترخيص، لكن يقصد المشاركة الحقيقية في التطوير والتصنيع، وهي المشاركة التي ينتج عنها نقل التكنولوجيا. ونظراً لارتفاع تكلفة التطوير فإن الشركات الدولية الكبرى تلجأ لطريقة المشاركة مع دولة نامية، فعندما تجد الشركة الصانعة أنها لا تستطيع أو لا ترغب في تحمل هذه التكلفة العالية للتطوير ـ مع المخاطرة المتضمنة معها ـ فإنها تقبل إدخال شركاء يتحملون جزءا من التكلفة والمخاطرة مقابل اشتراكهم في التصنيع. وفي جميع الأحوال فإن المشاركة هي صيغة القرن الحادي والعشرين للصناعات المتقدمة.
في مطلع القرن الحادي والعشرين كان قد تم استنبات ثلاثة برامج فضائية في التربة العربية في آن واحد بطريقة المشاركة وهم برنامج الفضاء المصري، برنامج الفضاء الجزائري، برنامج الفضاء السعودي.

#4#

• برنامج الفضاء السعودي:
وهو البرنامج الذي ينفذه معهد بحوث الفضاء في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في الرياض بالمشاركة مع روسيا، ولقد تم إطلاق القمر الصناعي الثاني سعودي ـ2 في 17 نيسان (أبريل) 2007 على الصاروخ الروسي نفسه الذي حمل مصر سات ـ1 إلى الفضاء الخارجي.. وسعودي ـ2 هو قمر ميكروستاليت للاستشعار عن بعد للأغراض السلمية. إلى جانب أن السعودية أطلقت في ذات اليوم على الصاروخ نفسه خمس أقمار صناعية صغيرة لأغراض علمية بحثية.

• برنامج الفضاء المصري:
وهو البرنامج الذي تبناه مجلس بحوث الفضاء في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا والهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء في القاهرة بالمشاركة مع أوكرانيا في تصميم وتصنيع قمر صناعي من النوع ميكروستاليت للاستخدامات السلمية في مجال الاستشعار عن بعد (مصر سات ـ1) والذي تم إطلاقه بصاروخ روسي في المطار الفضائي في كازاخستان يوم 17 إبريل 2007 بنجاح. ولقد تم الحصول على صور دقيقة وواضحة من هذا القمر لأجزاء مختلفة لمصر. ويجري الآن تصميم وتصنيع القمر الصناعي الثاني مصر سات ـ2 لإطلاقه في 2012 والقمر الثالث المسمى Desert Sat لإطلاقه في عام 2017.

• برنامج الفضاء الجزائري:
وهو البرنامج الذي تنفذه الهيئة القومية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء الجزائرية بالمشاركة مع مركز بحوث الفضاء في جامعة سيري البريطانية لتصميم وتصنيع قمر صناعي ميكروستاليت الجزائري ـ1 والذي تم إطلاقه في تشرين الأول (أكتوبر) 2002 للأغراض العلمية، ثم تبعه قمران آخران من النوع نفسه.
يوجد طموح وقدرات مالية وبعض القدرات العلمية لأن يكون للعرب موطئ قدم في عالم الفضاء، لكن ما يزال ينقص ذلك القرار الحقيقي والتعبئة الضخمة والتكامل العربي لبناء كيان عربي واحد وموحد يضم برامج الفضاء العربية ليجنبها التفتت والتشرذم، ويجعلها بالفعل قادرة على تحقيق إنجاز ملموس في هذا المجال، كما أن القطاع الخاص العربي يبدو غائبا تماما في هذا المجال وهو ما يجب إعادة النظر فيه بشكل سريع حتى وإن كانت بدايات مشاركة القطاع الخاص ضعيفة ومتشككة من الجدوى، إلا أن مواصلة التحفيز سيجعلها تدرك حقيقة الفرص الذهبية لهذه الصنعة.
ومن هذا المنطلق فإن الوقت قد حان لأن تكون هناك وكالة فضاء عربية على غرار وكالة الفضاء الأوروبية ESA والتي تضم 15 دولة تتراوح مساهماتها بين 26 في المائة لفرنسا إلى 0.2 في المائة لإيرلندا. ومن المؤكد أن ذلك سيسهم في تشجيع الدول المشاركة رغم تباين مساهماتها المالية في التحمس لمشاريع الفضاء، فسيكون من حق كل دولة اختيار البرنامج الذي تركز عليه وتهتم به وتخصص لهذا البرنامج القدر الأكبر من مساهماتها، وفي المقابل تحظى بالنصيب الأكبر من العائد التقني لهذا البرنامج سواء عن طريق إسناد المشروعات لشركاتها أو إجراء البحوث والتطوير في معاملها أو تشغيل أكبر نسبة من مهندسيها وهكذا.
إن صناعة الفضاء مكلفة لكن هذا لا يجب أن يعوقنا عن البحث عن صيغ عملية للتعاون العربي المشترك في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء. فعلينا أن نتذكر أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.

أهم شركات المستقبل:
على غرار مؤشر ناسداك للشركات التكنولوجية هناك مؤشر في البورصة لمؤسسات الفضاء، صمم لمتابعة أداء الشركات التي تحقق عوائدها المالية من اقتصاديات الفضاء. وخلال العام الماضي ارتفع بنسبة 18 في المائة. المؤشر يضمم شركات عملاقة مثل لوكهيد مارتين لصناعة الطائرات وشركة الينت تيكسيستم المتخصصة في صناعة الذخائر وأنظمة الدفع الصاروخية ومجموعة هاريس للاتصالات.
لكن من أبرز الشركات الخاصة العاملة في مجال الفضاء بالأساس شركة العلوم المدارية الأمريكية، وهي متخصصة في صناعة الصواريخ. وتقع في مجال وسط بين العملاق لوكهيد مارتين وشركات الفضاء الصغيرة. الشركة أسست عام 1982 ومنذ ذلك التاريخ أطلقت 60 صاروخا وتدخل في منافسة حادة مع غريمتها شركة ''الفضاء إكس''. العلوم المدارية ووقعت عقدا مع ''ناسا'' بما يقارب ملياري دولار أمريكي لتزويد رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية بمستلزماتهم. ثلث عوائد الشركة والمقدرة بـ 1.5 مليار دولار هذا العام يعود إلى عقودها مع الحكومة الأمريكية، بينما الثلث الآخر يأتي من عقودها لإطلاق الأقمار الاصطناعية وباقي عوائدها من عقود عسكرية. وبدلا من أن تركز الشركة على الأبحاث والتطوير فإنها تسعى الآن للتخصص أكثر فأكثر في مجال إطلاق صواريخ الفضاء، وهو ما يضمن لها مزيدا من الأرباح المستقبلية.
افينتي ''Avanti'': شركة متخصصة في مجال الاتصالات الفضائية مقرها شرق لندن. أطلقت أخيرا ثاني أقمارها الاصطناعية ''Hylas 2'' عبر صاروخ تابع لشركة العلومة المدارية الأمريكية. القمر الصناعي الجديد زاد من قدرات الشركة وسمح لها باقتحام أسواق أمريكا الشمالية والشرق الأوسط بقوة. تخطط الآن لإطلاق قمرها الاصطناعي ''Hylas 3'' بحلول عام 2015.
استوريم ''Astrium'' أحد أكبر شركات الفضاء العاملة في بريطانيا، فدخلها السنوي يقدر بنصف مليار جنيه إسترليني وتوظف قرابة 4000 شخص، وهي ملكية مشتركة فرنسية – ألمانية. الشركة تتخصص في تصنيع الأقمار الاصطناعية التجارية والخدمات الملازمة لها. نجحت عام 2008 في شراء تكنولوجيا للأقمار الاصطناعية المستخدمة في بناء الأقمار الصغيرة منخفضة التكلفة التي يتصاعد الطلب عليها من الهند ونيجيريا.

الأكثر قراءة