مفهوم السيولة في سوق الأسهم
تعني كلمة ''السيولة'' في سوق الأسهم سهولة تحويل الأسهم إلى نقد، فنقول: إن الأسهم سيولتها عالية، لأن بالإمكان تحويلها إلى نقد بسرعة وبأفضل الأسعار المتاحة وبأقل تكلفة ممكنة، والتكلفة هنا تعني تكلفة عمولة البيع وفارق سعر الشراء عن البيع في أي لحظة من اللحظات. لذا نجد أن العقار بشكل عام يعتبر ضعيف السيولة، لأن عملية البيع تتم ببطء وتكلفتها عالية مع عدم المقدرة على تجزئة العقار، بل بيعه كاملا، إضافة إلى أن سعر البيع لا يكون بالضرورة أفضل سعر متاح، لكونه يتأثر بعدد المشترين وجودة التسويق وشطارة البائع. هذا أحد معاني السيولة، أما المعنى الآخر للسيولة فيطلق على حركة التداول اليومية فيقال: إن السيولة مرتفعة لهذا اليوم، لأنها تجاوزت خمسة مليارات ريال، على سبيل المثال، لكن الخطأ الشائع هنا هو ربط حجم السيولة بارتفاع الأسهم، وكأن ارتفاع السيولة يؤدي إلى ارتفاع الأسهم، وهذا غير صحيح، حيث إن بالإمكان أن ترتفع السيولة وتنخفض الأسعار أو لا تتغير كثيرا. في هذه المقالة نتطرق إلى أبرز مؤشرات السيولة الممكن استخدامها لمعرفة توجه الأسعار ونحاول أن نتفادى كثيرا من الأخطاء الشائعة في ذلك.
تقاس السيولة اليومية بضرب عدد الأسهم المتداولة في سعر السهم لكل عملية. ولمعرفة تأثير السيولة اليومية على الحركة المستقبلية للسوق، يجب علينا مقارنة مستوى السيولة في اليوم الذي يحصل فيه ارتفاع في قيمة المؤشر مع متوسط السيولة اليومية للثلاثة أشهر السابقة، أو أي مدة طويلة نسبيا. على سبيل المثال، لو وجدنا أن المؤشر العام ارتفع بنسبة 1 في المائة لهذا اليوم بسيولة يومية أعلى من المتوسط بنسبة 20 في المائة، فإن ذلك يؤخذ على أنه تطور إيجابي لحركة السوق، والسبب هو أن قوى الشراء تفوقت على قوى البيع فارتفعت الأسعار. ويمكننا عمل التحليل ذاته على سهم بعينه، فنقول: كان هناك شراء في السهم الفلاني، لأن سيولة السهم مرتفعة وسعر السهم مرتفع.
هذا يقودنا للاستفسار عن معنى البيع والشراء في سوق الأسهم، فكيف نقول: إنه تمت عملية شراء لسهم ما ونحن نعلم أنه مقابل كل عملية بيع هناك عملية شراء؟ لماذا لا نقول: كانت هناك عملية بيع في هذا السهم؟ الجواب نجده بالنظر إلى سعري العرض والطلب، فتكون العملية شراء إذا تمت الصفقة على سعر العرض، وتكون بيعا إذا تمت على سعر الطلب. وهناك مؤشرات فنية تقوم برصد الصفقات وقيمتها وتصنيفها حسب كونها عمليات شراء أو بيع، وبالتالي قد نجد في نهاية اليوم (أو أثناء التداول) أنه كانت هناك حالات بيع بمقدار 100 مليون ريال وشراء بمقدار مليوني ريال، وكان السهم مرتفعا بنسبة 1 في المائة، على سبيل المثال. هناك مؤشر للسيولة معروف ومتوافر في كثير من برامج التحليل الفني، يسمى مقياس كمية التداول المرجحة OBV يقوم برصد عمليات البيع والشراء بطريقة بسيطة، بحيث يعتبر إجمالي كمية التداول اليومية كميات شراء إذا أغلق السهم مرتفعا عن اليوم السابق، ويعتبرها كميات بيع إذا كان السهم مغلقا على انخفاض عن اليوم السابق. وهذا المؤشر بسيط ومتاح لكونه لا يحتاج إلى قائمة الصفقات اليومية، ويعطي نتيجة جيدة لحركة السهم أو المؤشر العام.
ماذا لو وجدنا أن سعر السهم في ارتفاع في الأيام القليلة الماضية، بينما خط مؤشر كمية التداول المرجحة لم يواكب هذا الارتفاع، فكيف نفسر ذلك؟ هذه ظاهرة تسمى ظاهرة التباين أو الانفراج، وتفسر على أن الارتفاع الحاصل في السهم غير مصحوب بكميات شراء عالية، ما يدل على عدم قناعة المشترين أو عدم إصرارهم على الشراء، فيفضل أن يكون ارتفاع السهم مصحوبا بارتفاع مؤشرات السيولة، مثل هذا المؤشر.
هناك مقياس آخر يسمى مقياس التجميع والتصريف A/D Line، وهو متاح بسهولة في برامج التحليل الفني، يقوم بتقدير حالات الشراء والبيع بطريقة مختلفة تعتمد على سعر إقفال السهم وعلاقته بحركة السهم خلال اليوم. فيمكن، على سبيل المثال، اعتبار أن 50 في المائة من كمية التداول شراء و50 في المائة بيع إن أغلق السهم في منتصف حركته اليومية، أو اعتبار 100 في المائة من الكمية شراء إن أغلق عند أعلى سعر لذلك اليوم، وهكذا. ومقياس آخر مهم يسمى مقياس تدفق المال، يقوم كذلك برصد حالات البيع والشراء وحصرها من خلال معادلة حسابية كمؤشر تتذبذب قيمته بين صفر ومائة، والهدف منه معرفة علاقة السيولة بحركة السهم أو المؤشر لنتمكن بالتالي من معرفة ما إذا كان الارتفاع أو الانخفاض طبيعيا أو مصحوبا بتجميع أو تصريف.
وأخيرا هناك مقياس آرمز المسمى باسم الشخص الذي صممه، وحبذا لو قامت شركة تداول بنشره على موقعها، لما له من فائدة في تشخيص واقع السوق من خلال حجم السيولة اليومية. وتتلخص فكرة هذا المؤشر في كونه يرصد نسبة عدد الأسهم الصاعدة إلى الأسهم الهابطة مقارنة بنسبة كمية تداول الأسهم الصاعدة إلى كمية تداول الأسهم الهابطة، حيث نعتبر أن السيولة خارجة من السوق إذا كانت قيمة المؤشر أعلى من واحد، وتكون السيولة داخلة إلى السوق إذا كانت قيمة المؤشر أقل من واحد.
وحقيقة هناك عدد كبير من المؤشرات لا مجال لجردها هنا، ولا حاجة إلى معرفتها كلها، لكني أشرت إلى بعض منها للتعريف بها ولاستخدامها في تشخيص حالة السوق بشكل أفضل من مجرد النظر إلى قيمة المؤشر العام بمعزل عن طبيعة السيولة المكونة له، وكذلك لتجنب الحديث عن السيولة من دون استخدام وسيلة علمية منظمة تعطي مقياسا موضوعيا لدرجة السيولة وعلاقتها بالارتفاع أو الانخفاض.