بريطانيا تسوّق نموذج الخدمة الصحية الوطنية في الصين
لطالما كانت هيئة الخدمة الصحية الوطنية نموذجاً للعملقة. قوة العمال فيها التي تبلغ 1.3 مليون شخص نافست تلك التي في السكك الحديدية الهندية وجيش التحرير الشعبي الصيني في حجم العاملين بها عالمياً.
والآن فإن هذه الخدمة العامة المثقلة – ''أقرب الأشياء للدين بالنسبة للإنجليز''، كما كتب ذات مرة المستشار السابق نيجل لوسون – تسعى لتحويل نفسها من مستهلكة للموارد القومية لصانعة ثروة في الوقت الذي تناضل فيه المملكة المتحدة للعودة إلى طريق النمو.
في مبادرة من كين كلارك، وزير الصحة الأسبق الذي أصبح الآن وزيراً بلا حقيبة وزارية، تأمل هيئة الخدمة الصحية الوطنية في بيع خبرتها للصينيين حيث إنهم يسعون لإنشاء خدمة صحية تلائم الاقتصاد الرائد العالمي الصاعد.
المبادرة جزء من دفعة حكومية أكبر لجني مكافآت تجارية من استثمارها الكبير في الرعاية الصحية. قد تراوح الفرص من الاستشارة والتدريب إلى تصميم المستشفيات وتكنولوجيا المعلومات. أفاد تقرير رسمي نشر العام الماضي فيه مقدمة للسير ديفيد نيكولسون، المدير التنفيذي لهيئة الخدمة الصحية الوطنية، قال: إن الهيئة يجب أن تقوم بعمل مزيد لاستغلال قيمة ''المعرفة والمعلومات والأفكار والأشخاص'' الخاصين بها.
إذا ما سنحت الفرصة، فإن الابتكار والصحة والثروة: ''لن تعود بالأرباح والخبرات والأفكار الجديدة على هيئة الخدمة الصحية الوطنية وحسب، لكنها ستساعد أيضاً على تنشيط النمو في الشركة العمومية المحدودة البريطانية''.
بالنسبة لعديد من منتقدي هيئة الخدمة الصحية الوطنية فإن فكرة تطلع الآخرين لهم للاستلهام أمر مثير للدهشة. مع ذلك فإن تمويل الكومنولث التي تتبع نظام الصحة العالمي، تصنفها باستمرار بين الأقوى أداءً عالمياً.
يقول مايك فرار، الرئيس التنفيذي لاتحاد هيئة الخدمة الصحية الوطنية: ''إذا ما كنت مهتماً بالعالمية كمفهوم، فهذا على الأرجح أفضل حالٍ لها. تكلفتها معقولة مقارنة بمستوى الناتج ونحصل عليها للناس كافة، وليس للقليل منهم فقط''.
يعتقد عديدون أن الحكومة قللت من قدر احتمالية قدرة الإنتاج للرعاية الصحية. أشار ستيفين دوريل، رئيس لجنة الاختيار الصحي ووزير الصحة السابق من حزب المحافظين، إلى أن خدمات الصحة والرعاية يمثلان معاً 10 في المائة من الاقتصاد البريطاني.
ويقول: ''ليس الأمر مجرد إنتاج للأدوية الصيدلانية، ولكن تقديم الخدمات الصحية نفسها هو شكل من نشاط توليد الثروة لكل من الاقتصاد المحلي واحتمالية الاستكشاف الضخمة''.
وتبقى علامة تعجب حول ما إذا كانت الصين ستعرض احتمالية رفع العائد الذي تحلم به الحكومة. أجرى المسؤولون الصينيون دراسات حول النظام البريطاني وأظهروا اهتماماً بنسخ بعض الجوانب مثل رعاية المسنين، لكن المحللين يقولون إنه من غير المرجح أن يدفعوا لهيئة الخدمة الصحية الوطنية للمساعدة في وضع هذه الأفكار في حيز التنفيذ.
أعلنت بكين عن خطة للسماح لمزيد من شركات الرعاية الصحية الخاصة والعالمية أن تستثمر في الدولة، وبالأخص في القطاعات الأكثر تطوراً في السوق.
قد تجد هيئة الخدمة الصحية الوطنية بعض المجال لتقديم عرض للعمل في هذه المنطقة، لكنها ستكون منافسة مع موردي الرعاية الصحية الخاصة الأكبر في العالم، وعلى الأخص الشركات الأمريكية.
شركات الرعاية الصحية الخاصة العالمية التي تعمل في الصين بالفعل تقول إنه سوق بالغة الصعوبة للدخول والنجاح فيها بسبب مشاكل خاصة بحماية الإنتاج الوطني والفساد وسرقة حقوق الملكية الفكرية.
إنه أمر شديد الحساسية سياسياً أيضاً بالنسبة للحزب الشيوعي الحاكم، الذي يرى المشاكل في النظام الاقتصادي مثل احتمالية التحريض على الاضطرابات الاجتماعية في بلد يحكمه حزبٌ واحد.
رفض وزير الصحة الصيني التعليق عندما سئل عما إذا كانت الحكومة الصينية ستسعى للحصول على نصيحة من المملكة المتحدة أو ستدفع لهيئة الخدمة الصحية الوطنية.
يعلم الحزب الشيوعي أنه يتعين عليه صنع نظام رعاية صحية حديث وأن ''يُرى على أنه يؤدي هذه العملية، لذا فإن البحث عن مساعدة من حكومة أخرى لا يبدو أنه يتفق مع أهدافهم'' وفقا لما يقوله جيسون مان، رئيس أبحاث الرعاية الصحية والمستحضرات الصيدلية في مصرف باركليز في الصين. ويقول مان: ''في إطار الشراكة مع هيئة الخدمة الصحية الوطنية، فأعتقد أن الأمر بعيد المنال قليلا، بناءً على الواقع السياسي في الصين''.
يأمل الوزراء البريطانيون أن حماسة كلارك الشهيرة وسياسته الواسعة البعيدة عن الأنظار – في عام 1972 كان مسؤولاً عن عديد من المناصب شديدة الأهمية، بما في ذلك المستشار ووزير الخارجية – سيتغلب على الشكوك عندما تذهب المملكة المتحدة للتفاوض مع العملاء الأجانب.
بكين تبحث عن علاج بينما يكافح المرضى الممولون بالتأمين في النظام العام المتصلب
تناضل الصين من أجل إصلاح نظام الصحة العام المتصلب الذي يعاني ارتفاع التكاليف والوصفات الطبية الزائدة للأدوية ونقصا حادا في المحترفين المدربين جيداً والمختصين والفساد.
نظراً لأنه لا توجد في الدولة شبكة رعاية أساسية فعالة، فإن 95 في المائة من الرعاية الصحية تقدم من قبل المستشفيات، ما يؤدي إلى فاقد هائل وزحامٍ شديد.
تدرس الحكومة الصينية بجد نظم الرعاية الصحية حول العالم، لكن بدلاً من اختيار النموذج البريطاني من الرعاية العالمية الممولة من قبل دافعي الضرائب، اختارت بكين إلى الآن أن تتبع نظاماً يعتمد على التأمين.
وعدت الحكومة عام 2009 أن تقدم رعاية صحية عالمية ذات تكلفة قليلة خلال ثلاث سنوات. في ذلك الوقت، كان يتم تقديم أساسيات التأمين الصحي لـ 95 في المائة من السكان، لكن التغطية كانت محدودة للغاية بحيث إن عديدا من العائلات واجهت تعثراً في النفقات.
الأطباء مثقلون بالعمل ويتلقون أموالاً قليلة – ويعوضون بالزيادة في الوصفات الدوائية لزيادة دخلهم، وفي بعض الحالات يقبلون الرشا – والسخط العام مرتفع.
ترى بكين أن تحسين الرعاية الصحية أمر حاسم للحفاظ على الانسجام المجتمعي – وتريد من القطاع الخاص والوطني والأجنبي أن يلعبوا دوراً كبيراً لتحقيق هذا.
أعلنت الحكومة عن خطط أكثر من ضعف نصيب مستشفيات القطاع الخاص بـ 20 في المائة بحلول عام 2015.
كلوديا سوزموث ديكاروف، الشريك الرئيسي في مكتب ماكينزي شنجهاي، تقول إن هناك فرصاً للشركات الأجنبية كي يكون لها نصيب في الإنفاق الصيني المتزايد على الرعاية الصحية. شركات المستحضرات الصيدلانية ومصنعو الأجهزة الطبية والعاملون في المستشفيات من بين هؤلاء الذين يحاولون توطيد أقدامهم.
أخيراً هذا العام، رفعت بكين قيداً سابقاً من 70 في المائة على الاستثمار الأجنبي في مشاريع المستشفيات. لكن عملية الموافقة تبقى بطيئة، ومعظم المستشفيات الخاصة لا تقبل التأمين الصحي العام – قاصرين قدراتهم على تحسين النقص في الرعاية الصحية للدولة.
يقول أحد التقارير لمكتب ماكينزي هذا: ''هناك مزيد بحاجة لأن يتم فعله لتشجيع المستشفيات العامة على الشراكة مع المرافق الخاصة''.
هناك عديد يجب أن يتم إنجازه في قائمة وزير العدل السابق. زيادة العلاقات التجارية سيكون لها دور كبير في المساعدة على تحسين الروابط مع القوى الصاعدة في آسيا وأمريكا اللاتينية. يأمل الوزراء أنه سيساعد هدف رئيس الوزراء الخاص بأن السفارات يجب أن تروج للمملكة المتحدة في الخارج.
الإعلاء من شأن هيئة الخدمة الصحية الوطنية في الخارج. مهمته الأولى ستكون الترويج لنموذج هيئة الخدمة الصحية الوطنية لمطوري قطاع الصحة في الصين. ومشاريع محتملة أخرى تشمل دفع الاستثمارات من خلال شركات الطاقة البريطانية في أرجاء أمريكا الجنوبية.
تأمين صفقات التجارة الحرة. طلب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من السيد كلارك أن يعمل على تأمين اتفاقية تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. يعتقد رئيس الوزراء من مقره في دوانينج ستريت أن هذا قد ''يحول'' مستويات التجار بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
قيادة مشاريع ما بين الوزارات. في مقر مكتب رئاسة الوزراء سيجلس كلارك مع مجلس الأمن القومي إضافة إلى لجان عمل عن القوى الصاعدة والشؤون الاقتصادية والإنفاق العام والمشاريع العامة. من المتوقع أن يقوم بدور رئيسي بين الوزارات نتيجة لهذه المحادثات.