إيجاد وظائف جديدة أولوية .. الإحلال لا يكفي

الحديث هذه الأيام وردود الفعل المتواصلة على قرار وزارة العمل بفرض رسوم 200 ريال شهرياً على العمالة الأجنبية تدعو إلى التساؤل عن البعد الاستراتيجي لقضية السعودة، والكل يؤمن إيماناً وطنياً بأن أهم التحديات المستقبلية هي توظيف أبنائنا وبناتنا بما يضمن لهم عيشاً كريما، وهذا ما أكدته القيادة وتدفع إليه بكل الوسائل المتاحة وتوفر كل الإمكانات المطلوبة. وأتساءل: هل البرنامج الذي تقوده وزارة العمل بإحلال السعوديين كافٍ، وهم أقدر على تقدير تأثير هذه المعالجات المتعددة في إحلال المواطنين محل المستقدمين؟ لكن السؤال الأهم والأكبر: هل بافتراض النجاح الكامل لهذه المعالجة والضغط على الوظائف الموجودة في سوق العمل والمشغولة بالعمالة الأجنبية وإحلال سعوديين محلهم، والمقصود بهذه الوظائف القابلة للإحلال .. هل تكفي هذه الوظائف لضمان مستقبل شباب هذه البلاد وإرضاء طموحهم في وظائف مناسبة وذات دخول مناسبة تتيح لهم الفرصة في المساهمة الجادة في التنمية؟
كل الدراسات العلمية والاستراتيجية تقول إن هذا حل جزئي لهذه القضية المهمة والمصيرية حتى لو وظفنا كل السعوديين على الوظائف المتوافرة القابلة للسعودة.
وتؤكد الدراسات أن الحاجة ماسة إلى أعداد ونوعيات من الوظائف للسعوديين أكبر بكثير مما هو متوافر اليوم نوعاً وكمّاً، تُقدر في الدراسات أنه بحلول عام 2020 فإننا في حاجة إلى ثلاثة ملايين وظيفة، وهذا يعني أنه لو نجحت وزارة العمل برنامجها القائم وأحلت كل وظيفة قابلة للسعودة بسعودي محل الأجنبي، التي تُقدر إلى عام 2020 بحدود مليون وظيفة، من خلال تشريعات ورفع تكاليف وغير ذلك، لما حققت الهدف المنشود التي تطمح إليه حكومة خادم الحرمين الشريفين، ومع كل التقدير لما تقوم به وزارة العمل فهي تعمل ضمن مسؤولياتها وإمكاناتها، وجهودها واضحة ومقدرة في هذا الإطار، لكن القضية أبعد وأكبر من وزارة العمل.
وعليه، فإن الحل يكمن في تمكين الاقتصاد الوطني من إنتاج وظائف جديدة سنويا مناسبة كمّاً وكيفاً لإمكانات هذا الاقتصاد وما تخرجه المؤسسات التعليمية من كوادر بشرية لتنمية قطاع الأعمال وتوسيع قاعدة الإنتاج، من خلال تطوير قطاعات خدمية وصناعية تكون وظائف السعوديين أساس دراستها الاقتصادية، بالنوعية والمستوى اللذين يتناسبان مع إمكانات هذه البلاد العظيمة، وحرص حكومتها الرشيدة.
ولقد رأينا عندما بنت الجبيل وينبع وسابك مشاريعها وأسست اقتصادياتها وبنيتها التحتية لشبابنا، كيف كان وما زال الإقبال عليها ودرجة الرضا المتبادل بين الموظَف والموظِف، ومستويات الإنتاج لشبابنا التي أصبحت مفخرة لنا جميعا.
لذا فإن الأهم هنا هو قدرتنا على توفير وظائف جديدة مناسبة كمّاً وكيفاً قادرة على تنمية الاقتصاد وتوسيع قاعدة الأعمال، وأن تكون هناك لجهة محددة مسؤولية إيجاد الوظائف، وتمنح كل الدعم المطلوب للتعاون والعمل مع كل الجهات المعنية في منظومة متكاملة، لتحقيق ذلك واستثمار إمكاناتنا التي أنعم الله بها على هذه البلاد، لتنمية اقتصادية مستدامة، وينعم أبناؤنا بمصادر رزق تتناسب ومساهمتهم في تنمية بلادهم، وتحقق طموح خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي