تحويل المنح لـ «الإسكان» وآلية الاستحقاق بعد عام
في خطوة تهدف إلى تيسير تنفيذ الأمر الملكي بتخصيص 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية في جميع مناطق المملكة وتحديد الأسلوب الأمثل لتحقيق ذلك، أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بوضع كل الأراضي الحكومية المخصصة للسكن في عهدة وزارة الإسكان التي أمرها بأن تمنح وفق ذلك المواطنين أراضي سكنية ومطورة وقروضا للبناء عليها.
وقال الدكتور شويش الضويحي وزير الإسكان إن خادم الحرمين الشريفين أمر بأن تتوقف وزارة الشؤون البلدية والقروية فوراً عن توزيع المنح البلدية التي تتم من قبل الأمانات والبلديات بموجب ما لديها من تعليمات، وأن يتم تسليم جميع الأراضي الحكومية المُعدة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح البلدية التي لم يتم استكمال إيصال جميع الخدمات وباقي البنى التحتية إليها، إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق، على أن تقوم وزارة المالية باعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية لأراضي الإسكان.
وأضاف أن خادم الحرمين أمر أيضا بأن تقوم وزارة الإسكان بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق، وإعطاء وزارة الإسكان الصلاحية الكاملة لاعتماد المخططات لمشاريعها الإسكانية وفق الضوابط والاشتراطات العامة وتقوم بإحاطة وزارة الشؤون البلدية والقروية.
كما وجه خادم الحرمين كل الوزارات والجهات المختصة وذات العلاقة بتزويد وزارة الإسكان بالبيانات اللازمة لتنفيذ مشروع تحديد آلية استحقاق وأولوية طلبات السكن المشار إليها بالأمر الملكي.
وهنا كشف لـ ''الاقتصادية'' المهندس محمد الزميع المشرف على وكالة الوزارة للتخطيط والدراسات والمتحدث الرسمي لوزارة الإسكان أن صدور الأمر الملكي يأتي استكمالا لعمل الوزارة لتكون الجهة المنوط بها توفير المساكن وتتيح للمواطن العديد من الخيارات في الحصول على أرض وقرض أو الوحدات السكنية التي تمنحها الوزارة، كما أنه يأتي في إطار توحيد جهة الدعم في موضوع الإسكان ليصب في مصلحة المواطن ويجعل المواطن يحصل على الدعم في أسرع وقت.
وبين الزميع ''نعمل حاليا على الحصول على كل المعلومات عن حجم الأراضي من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية وهي الجهة المسؤولة عن الأراضي ليتم بعد هذا الأمر الملكي المنح من خلال وزارة الإسكان، ولن يتم المنح للمواطن إلا بعد تطويرها، بحيث يحصل على أرض مطورة جاهزة للبناء وتدعم المواطن بقرض'', مشيرا إلى أن جميع المستحقين سيخضعون لبرنامج آلية للاستحقاق وترتيب آلية المستحقين في صندوق التنمية العقاري، وكذلك الذين على قائمة الانتظار في وزارة الشؤون البلدية والقروية وتوزع عن طريق الآلية الجديدة التي سيتم اعتمادها, مشيرا إلى أن وزارة الإسكان ستتيح برامج منها أرض أو أرض وقرض ومنها مسكن جاهز، وهناك منتجات متعددة، والذين في قائمة الانتظار في وزارة الشؤون البلدية والقروية سيخضعون للآلية الجديدة التي تعمل عليها الوزارة من خلال شركة العلم بالتعاون مع جميع الجهات الحكومية، كاشفا أن هذه الآلية ستكون جاهزة في أقل من عام.
وأضاف الزميع ''تعتمد على حجم الأراضي التي ستستحوذ عليها الوزارة وهناك مبلغ مرصود وهي المكرمة الملكية بتخصيص 250 مليار ريال، وهذا المبلغ خصص ليطور قرابة 500 مليون متر مربع من الأراضي ولم تحصل الوزارة إلا على الثلث، مشيرا إلى أن أمر خادم الحرمين الشريفين بمنح الوزارة تسليم جميع الأراضي سيسرع في تملك المواطن للمسكن'', وبين أن الوزارة سيكون لها بمشيئة الله مخزون من الأراضي.
وألمح المشرف على وكالة الوزارة للتخطيط والدراسات إلى أن من حصل على أرض قبل الأمر الملكي فلن تسحب منه الوزارة تلك الأرض ولكن سيخضع حصوله على القرض لبرنامج الاستحقاق الذي سيشخص مدى حاجة المواطن إلى الدعم السكني.
وفي هذا الصدد وصف سلمان بن عبد الله بن سعيدان رئيس مجلس إدارة مجموعة سلمان بن عبد الله بن سعيدان للتطوير العقاري، القرارات الملكية التي صدرت أمس بالقرارات الحاسمة والمفصلية، وأنها وضعت يدها على الجرح.
وأشار إلى أن السعودية بالرغم من مساحتها الشاسعة تعاني عدم توافر الأرض التي يمكن أن يبنى عليها المسكن، مضيفا ''وأعني هنا الأراضي المطورة التي تصل إليها الخدمات من كهرباء وهاتف وماء وأسفلت وخلافه إضافة إلى المرافق''.
وأوضح سلمان بن سعيدان أن ''الأمانات'' في السابق كانت تحمل المطور العقاري تكلفة تخطيط المخططات، وهو الأمر الذي دفع أسعار الأراضي للارتفاع من خلال تحميل المستهلك النهائي وهو المواطن تلك التكلفة حتى أصبحت الأرض تستقطع نحو 70 في المائة من القيمة الإجمالية لتكلفة السكن.
وأضاف أن تلك القرارات ستعيد الأمور إلى نصابها وستكون تكلفة الأرض من القيمة الإجمالية للمسكن مقاربة للمعايير الدولية التي لا تتجاوز فيها قيمة الأرض 35 في المائة من التكلفة الإجمالية للمسكن، بل إنها ووفق الأمر الملكي بمنح الأرض والقرض ستكون نسبة تكلفة الأرض من التكلفة الإجمالية للمسكن معدومة وصفرية.
وطالب ابن سعيدان وزارة الإسكان بالعمل على وضع ضوابط تحقق الغاية التي صدرت من أجلها تلك الأوامر الملكية ألا وهي تملك المواطنين للمسكن، مقترحا أن يكون للمطور العقاري دور في تنفيذ تلك القرارات وألا يتم تنفيذها من خلال التطوير الفردي.
بدوره قال الدكتور إبراهيم القحطاني عضو هيئة التدريس في قسم المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران إن القرار الملكي سيسهم في إعادة التوازن للسوق العقارية، وسيستفيد منه جميع الأطراف من أصحاب الأراضي والمواطنين.
وأوضح القحطاني أن القرار الملكي سيؤدي إلى الحصول على المسكن بشكل ميسر، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار الإيجار، وكذلك أسعار الأراضي بأنواعها سواء المطورة أو التي لم تطور والبعيدة من أطراف المدينة أو القريبة منها.
ولفت القحطاني إلى أنه في الثمانينيات كان العرض للسكن أكثر من الطلب، وبالتالي كانت توجد هوة فيما بين العرض والطلب، وفي التسعينيات لم يكن هناك تطوير فكانت توجد فجوة بين العرض والطلب فجاءت الطفرة، فأصبح المعروض للسكن قليلا مقابل الطلب العالي، ومن ثم حدث العكس، حيث كان العرض أقل نوعا من الطلب والآن من المتوقع أن يعود التوازن في وضع السوق العقارية بما يتوافق مع حجم الطلب مع العرض.
القحطاني توقع أن يكون هناك خروج فعلي من سماسرة العقار والمضاربات من السوق العقارية بعد تلك القرارات التي وضعت قضية المسكن في يد جهة واحدة تملك كل الصلاحيات.
الدكتور علي التواتي المحلل المالي وأستاذ الاقتصاد والتمويل المالي في جامعة الملك عبد العزيز، شدد على أن القرار سيضمن تطوير المخططات قبل منحها للمواطنين بدلا من توزيع الأراضي البيضاء للمواطنين، وهو أمر سيقضي على المضاربات التي أضرت بالسوق العقارية.
وأضاف ''وزارة الإسكان ليس بيدها شيء, فهي لا تمتلك الأرض ولا الأموال, فإذا لم يكن هناك حسن نوايا ومساندة من وزارتي الشؤون البلدية والقروية والمالية لدعم صندوق التنمية ودعم المشاريع الإسكانية, فلا يمكن أن تنجح وزارة الإسكان''.
ولفت إلى أن أمر خادم الحرمين الشريفين بإعطاء المواطنين أراضي مطورة وقروضا للبناء عليها هو أحد أهم قرارات دعم مشاريع وزارة الإسكان, وإيقاف مهزلة توزيع الأراضي بالطريقة الحالية, وعملية المحاباة في توزيع الأراضي البلدية, والقرار إحدى الخطوات التصحيحية في سبيل توفير السكن المناسب للمواطنين, ونتمنى أن تتبعه قرارات التعجيل في تطوير هذه الأراضي ومنح الأولويات للأراضي والقروض للأسر الكبيرة قبل غيرها.
وشدد على أهمية تجنب الرهن العقاري لبناء أراضي المنح وتكون القروض من خلال صندوق التنمية العقاري, أما الرهن العقاري فنأمل أن يظل للمستثمرين, دون تغيير فكرة حصول المواطن على قرض بغرض البناء دون فوائد على الأمد الطويل, أما الرهن فيكون للمستثمرين لبناء الوحدات السكنية في حال وجود أصول أو ما يكفى لدى المستثمرين لتغطية القرض, أو في حال ضمان إنشاء مشروع حيوي, أما قروض المواطنين فيجب أن تظل كما هي، فالصندوق العقاري صندوق مساعدات من الدولة للمواطنين.