دعوة لوضع مقياس علمي يحد من زيادة إيجارات المساكن في السعودية
طالب مواطنون بإيجاد مقياسٍ علميٍ يضبط الأسعار ويوضح المواصفات والشروط التي يجب أن يعتمد عليها السماسرة وأصحاب العقار في تحديد قيمة إيجارات الشقق السكنية، مؤكّدين على ضرورة العمل على الحد من الزيادات المتوالية في الإيجارات وبحث خفضها، مشيرين إلى أن الأسعار الحالية تلتهم النسبة الأكبر من رواتبهم ومداخيلهم، خاصة أن النظام السائد بسداد الإيجار بشكل سنوي أو نصف سنوي يثقل كواهل أرباب الأسر، فيما طالب قانونيون بضرورة نقل التجارب الناجحة في مختلف الدول القاضية بتحديد أسعار الإيجارات وفقًا لمعايير واضحة تضمن حقوق كل الأطراف.
وقامت ''الاقتصادية'' بجولة في مختلف أحياء مدينة جدة للوقوف على أسعار إيجارات الشقق السكنية وتداعيات الارتفاعات المفرطة فيها، خاصة في تلك المباني القديمة التي لم تتكبّد التكاليف الحالية في أسعار الأراضي وفي مواد البناء، حيث بلغ متوسط سعر الوحدة السكنية الجديدة ذات الثلاث غرف في أحياء جنوب جدة 20 ألف ريال، وتأخذ الأسعار في التصاعد كلما اتجهنا شمالا لتصل إلى 40 ألف ريال في أحياء المرجان والبساتين وغيرهما كمتوسط لسعر الوحدة السكنية الجديدة ذات الثلاث غرف فيما وصل متوسط سعرها في الحمراء والأندلس إلى 42 ألف ريال.
#2#
وأشار أحمد السفياني إلى أنه يحاول بشكل مستمر أن يقسم راتبه وفق احتياجاته ومصاريفه الأساسية، مبينًا أنّه يقوم بجمع ما يزيد على ثلث راتبه من كل شهر ليتمكن من سداد إيجار شقته التي لا يقبل صاحبها إلا أن يتم السداد بشكل سنوي أو نصف سنوي (كل ستة أشهر)، مؤكدا أن صاحب الشقة عكف على زيادة قيمة الإيجارات كل عام على مدى العشر سنوات الماضية، مشيرا إلى أنّ المبالغة في أسعار الإيجارات إضافة إلى زيادة تكاليف المعيشة المستمرة قد تضع المستأجر أمام خيارين لا ثالث لهما، فإمّا أن يأخذ جزءا من الإيجار ليتمكن من تغطية مصاريف الحياة وبالتالي يتأخر شهرا أو أكثر عن دفع الإيجار، أو أن يقترض ليقوم بالسداد، مطالبًا بأن يتم توفير فرصة دفع الإيجار بشكل شهري.
وأوضح سعود حجازي أن عدم وجود نظام صريح يتم تطبيقه في آلية دفع الإيجارات بين المستأجر والمالك، هو ما جعل سماسرة العقار والملاك يتخذون الإجراءات الخاصة بهم دون النظر في حاجة وظروف المستأجرين، مشيرا إلى أن دفع الإيجار بشكل شهري يمكنه كمستأجر من الالتزام بشكل أكبر، ويحد من تعرضه للضائقة المالية واضطراره للاقتراض في سبيل توفير المبلغ المطلوب دفعه نهاية كل ستة أشهر.من جهته أكد سليمان العمران الخبير العقاري أن أكثر من 90 في المائة من الملاك لا يوافقون على تحصيل إيجاراتهم بشكل شهري، مشيرا إلى أن الملاك يتذرعون برغبتهم في ضمان حقوقهم لمدة عام أو ستة أشهر على أقل تقدير، مشيرا إلى أن نسبة بسيطة من سماسرة العقار والملاك الذين يقبلون بالدفع الشهري خاصّة في الشقق الصغيرة والغرف المفردة التي تستهدف العزاب وطلاب الجامعات إلا أن الشقق الكبيرة والمحال التجارية وغيرها من العقارات المؤجرة لا يتم قبول تحصيل إيجاراتها إلا بشكل سنوي أو نصف سنوي كحد أقصى، مبينا أن عدم التزام المستأجر بالدفع في حالة التحصيل السنوي أو النصف السنوي يتيح للملاك والسماسرة اتخاذ الإجراءات القانونية بشكل يضمن حقوقهم بشكل أكبر، خاصة أن هناك نظاما محددا تقوم به الشرطة ومرجع العمل الذي ينتمي إليه المستأجر في سبيل مخاطبة تلك الجهات وإنذار المستأجر والضغط عليه ليقوم بالدفع إضافة إلى إخلاء الشقة في حال اضطر الأمر لذلك، مشيرا إلى أن فترة مراجعة الجهات المعنية واتخاذها الإجراءات القانونية تحتاج إلى أكثر من شهرين، مبينا أنّ النظام الحالي لا يخدم الملاك في حال كان الدفع شهري في العقارات المخصصة للتأجير السنوي.
فيما طالب الدكتور نضال عطا -محامي- بتطبيق نظام يضمن حقوق كل الأطراف، مشيرا إلى أن وجود أنظمة التأجير والتملك في عدة دول مجاورة ساهمت في ضبط سوق العقار في تحديد أسعار إيجار الوحدات السكنية ومقدار الزيادة المسموح بها، واصفًا النظام القائم في دبي بالواضح بالنسبة للمالك وللمستأجر على حد سواء في وضع قيود تحدد حقوق كل منهما وفي الأسعار من خلال وجود مكاتب عقارية رسمية معتمدة من الحكومة مسؤولة عن كل العقود المبرمة بين المستأجر والمالك، بحيث لا يمكن لصاحب العقار رفع الإيجار أو اتخاذ أي إجراء خارج عن ذلك العقد، مشيرًا إلى أنّ كل الدول المتقدمة تعمد إلى تحديد أسعار العقارات بمختلف أنواعها معتمدةً على الموقع والمساحة ونوع العقار إن كان برجًا سكنيًا أو عمارة أو فيلا أو غيرها.
وأبدى عطا استغرابه من صمت الجهات المسؤولة في المملكة خاصة وزارة التجارة والصناعة أمام جشع أصحاب العقارات الذين قاموا خلال الخمس سنوات الأخيرة برفع قيمة الإيجارات إلى أكثر من الضعف، مشيرًا إلى أنّ الأسعار الحالية مبالغ فيها ولا تعتمد على أي مقاييس علمية، وقال''الضحية هو المواطن الذي يتكبّد زيادات تصل إلى 100 في المائة في أسعار إيجار الوحدات السكنية علاوة على الزيادات في تكاليف المعيشة بنسب كبيرة، في الوقت الذي زادت فيه رواتب الموظفين الحكوميين بـ 15 في المائة فقط''.
من جهته كشف عبد الله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري في الغرفة التجارية الصناعية بجدة عن قرب صدور المشروع الوطني للإسكان (إيجاره)، مبديا استغرابه من عدم تطبيقه بالرغم من الحاجة الماسة إليه ووضوح آلياته وكل نقاطه الخاصة بالعلاقة بين المستأجر والمالك، مشيرًا إلى أن ''إيجاره'' يشرح طرق السداد وآلياتها ويتيح للمستأجرين فرصة الدفع بشكل شهري، مبينًا أن الدراسات والإحصائيات أثبتت أنّ العقارات التي يتم سدادها بشكل شهري لا تسجل مماطلات أو تأخيرات في السداد كما هو الحال في تلك التي تعتمد النظام نصف السنوي أو السنوي في تحصيل الإيجارات، وقال: ''الدفع الشهري يتيح للمستأجر اقتطاع مبلغ الإيجار وسداده بشكل مباشر دون تعريضه للتأخير أو المماطلة جراء تراكم المبلغ المطلوب أو زيادته''.
وشكك الأحمري في قدرة وزارة الإسكان على إنهاء ما لديها من مشاريع عملاقة، مبينًا أنّنا نعيش في العام الثالث على صدور قرار بناء 500 ألف وحدة سكنية دون أن يكون لها النتائج المرجوة، مضيفًا أن إيجاد الأراضي المخصصة لتنفيذ مشاريع الإسكان والإجراءات المتعلقة بها والعقبات التي يواجهها هذا الأمر كلها محل تقدير، واستدرك قائلاً: ''ألوم وزارة الإسكان لأنها لم تقدم إلا الدراسات والوعود دون أن نلمس نتائج حقيقية على أرض الواقع''، مشيرًا إلى أنّ هناك أنظمة وقوانين بالإمكان تطبيقها ومنها ''إيجاره'' لا تحتاج إلى عقود كبيرة أو البحث عن شركات عملاقة أو ميزانيات كبيرة، فهي أنظمة تضبط السوق وتضمن حقوق كل الأطراف على حد سواء، بما فيها حقوق الملاك والمستأجرين والوسطاء وغيرهم.