حذارِ.. حذارِ.. مهندسون مزوّرون

لدينا مساحة واسعة للعمل حتى لأولئك الذين يحملون شهادات مزوّرة أو من جامعات وهمية، وهذا غير مقتصر على مجال علمي واحد، بل نسمع كل يوم عن زمرة جديدة من أدعياء الشهادات والتخصّصات يُساقون إلى الفحص لهم ولمستنداتهم، حيث لا يستغرق الأمر كثيراً من الإجراءات في التدقيق حتى تظهر الحقيقة المرة، فقد خضعنا ولا نزال نخضع للغش العلمي المتواصل وفي معظم الميادين التي نحتاج فيها إلى القوى العاملة من الخارج، ومنها الطب والصيدلة، وأخيراً هناك مجال الهندسة الذي يتغلغل في كل المشاريع الإنشائية من طرق ومبان وجسور وغير ذلك من المنشآت التي تفوق الحصر وتحتاج في إنشائها وصيانتها إلى مهندسين أكفاء.
نعم، لقد أحالت الهيئة السعودية للمهندسين 1200 وافد للجهات المختصّة؛ ألقوا بثقلهم في علم الهندسة وفروعها المختلفة وقدّموا أنفسهم على أساس متين من الثقة بمستنداتهم وسعوا إلى تغيير مهنهم في جوازات سفرهم وإقاماتهم ليتمكنوا من الحصول على تلك المزايا للمهندسين من استقدام عائلاتهم ونحوه مما هو خاص بأصحاب التخصّصات، ولأن الأمر لا يكلف سوى تقديم صور للوثائق ومراجعة الجوازات ومن ثم تعديل المهنة فإن كثيرين تجرّأوا، فالمخاطرة ليست عالية عليهم وإن كانت عالية جداً على المجتمع والتنمية في الدولة الحاضنة لهم وتنميتها وحقوق المتعاملين مع أولئك الأدعياء والدخلاء بين المهندسين على اختلاف تخصّصاتهم.
لقد أحسنت الهيئة السعودية للمهندسين أن لفظت ورفضت وجود أولئك بين مَن يحملون اسم مهنة المهندس، حتى وإن لم يمارسوا المهنة، فالضحية يجب إلا تكون الحقيقة مهما كانت قسوة الإجراء، وهو إحالتهم إلى وزارة الداخلية لتتخذ فيهم القرار المناسب، فهم خطر وضرر وإساءة لعلم وفن ونشاط تعتمد عليه التنمية بشكل ضروري، وحتى قبل أن تبدأ الفكرة في التطبيق، فالمهندس رفيق للمشروع منذ وجوده بمجرد رسمه على ورق أو في مخطط سيتم البدء به. أما تركز جنسيات أولئك المحتالين في تزوير شهادات الهندسة في جنسيتين هما الفلبينية والهندية، فإنه لم يتم الكشف عن كل من يعملون بتأشيرة مهندسين، فهناك 15 ألفاً حصلوا على تأشيرات مهندسين أو غيّروا مهنهم إليها وهم لا يعملون جميعاً في مجال الهندسة.
وبحسب قراءة المختصّين في الهيئة السعودية للمهندسين، فإن المملكة أقل دول العالم في دفع الرسوم للتصاميم الهندسية، وهناك خسائر بالملايين سنوياً بسبب تعثر المشاريع الناتج عن الأداء الهندسي السيئ. أيضاً هناك مطالب بسد الفجوة في عدد المهندسين السعوديين، حيث لا بد من زيادة أعداد السعوديين في هذا المجال بإنشاء كليات جديدة خلال العقدين المقبلين وزيادة عدد المبتعثين لدراسة علوم الهندسة وتخصّصاتها لمواءمة احتياجات المملكة التي تتزايد فيها المشاريع كل عام، فعدد المهندسين المعتمدين في المملكة وصل إلى 170 ألفاً، منهم 30 ألف سعودي و140 ألفاً غير سعوديين، وهو ما يعني أن غير السعوديين ضعف السعوديين خمس مرات.
إن عدد المكاتب الهندسية في المملكة أكثر من أربعة آلاف مكتب هندسي، والأهم من عدد المكاتب قانونية عملها، فإذا كان بعض المكاتب يعتمد على مدعين ودخلاء على مهنة وعلم الهندسة، فإن المسؤولية على صاحب الترخيص الذي هو سعودي في كل الأحوال وعليه تقع مهمة فحص كفاءة العاملين لديه والتأكد من جدارتهم للقيام بالأعمال التي ينفذها المكتب لعملائه، كما أن توضيح هذا الجانب القانوني مهم جداً لأن عملية اقتحام المهنة لن تتوقف، فهناك جدد يبحثون أيضاً عن فرص لهم في هذا الميدان، ومن ثم فإن الواجب الوطني يملي على أصحاب المكاتب القيام بدور المدقق قبل عملية التشغيل لسلامة المشاريع ومستخدميها وساكنيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي