إيران .. هل تغيّر الرئيس؟

ها هو أحمدي نجاد الرئيس الإيراني ''المتشدد'' يرحل، و''يُنتخب'' بدلاً منه الرئيس حسن روحاني ''الإصلاحي''. وكالعادة، في أعقاب كل انتخابات إيرانية، يلتفت عرب الخليج، بقلق تجاه جارهم على الضفة الشرقية باستفزازاته المستمرة .. فهل عليهم التفاؤل بتغيير إيجابي في منظومة الحكم الإيرانية؟ ليس من المناسب تكرار أسطوانة قبضة اليد الحديدية التي يمسك بها مرشد الثورة الإيرانية وحده بزمام الحكم بصورة فعلية، فهذه يقرها الدستور الإيراني، فالانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومجلس صيانة الدستور ومجمع مصلحة تشخيص النظام، كلها أدوات مرتبطة بالمرشد الأعلى، الذي يمثل السلطة الإلهية، غير أنه من المهم معرفة أجندة الرئيس ''الإصلاحي'' وما الذي يمكن له أن يغيره عن سلفه الرئيس ''المتشدد''. الحقيقة أن روحاني لن يتزحزح قيد أنملة عن موقف نجاد، الذي هو في واقعه موقف النظام الإيراني ولا يبدله رئيس سابق أو آخر لاحق، هنا نتحدث عن القضايا الرئيسة الخارجية، فمثلاً عندما سُئل، في حوار مع الشقيقة ''الشرق الأوسط'' عن موقفه من أزمة سورية، استمر الموقف العدائي الإيراني، حيث كرر موقف سلفه نفسه قائلاً : ''إن الجماعات المتطرفة التي لديها أجندات مخيفة وتاريخ بغيض من الوحشية هيمنت – مع الأسف - على المعارضة المسلحة في سورية''، مضيفاً: ''ولا ينبغي أن تكون سورية أرضاً خصبة للإرهابيين''، بالطبع الإرهابيون هنا هم السوريون وليس حزب الشيطان ولا عناصر الحرس الثوري. أما عندما سُئل عن الاتهامات بتدخل بلاده في الوضع الداخلي في البحرين فقد أجاب: ''نعتقد أن الاستقلال السياسي والأمن والوحدة الوطنية تمثل عوامل مهمة لأمن المنطقة واستقرارها''، هل فهمتم شيئاً؟ مضيفاً، وهو المهم في الموقف الإيراني من البحرين : ''لا ينبغي تجاهل تطلعات الشعب البحريني في الحصول على حقوقه المشروعة''، وهي العبارة نفسها التي يكررها المرشد علي خامنئي لتبرير تدخل بلاده في البحرين .. فهل فعلاً تغيّر الرئيس؟ مهمة روحاني الوحيدة التي يمكن أن تترك له مساحة للتحرك فيها والاختلاف عن نجاد، هي الشؤون الداخلية والإصلاح الاقتصادي وترميم ما أنهكته العقوبات الغربية على المواطن الإيراني، وكل هذه لا تهم المواطن الخليجي، فإذا لم يغير روحاني سياسته الاستفزازية لجيرانه، وإذا استمر في تدخله في الشؤون الداخلية للبحرين، وإذا ما واصل مساندته النظام السوري بالسلاح والمال والرجال، وإذا ما استكمل مخططات نظام طهران في إشعال نار الطائفية، فما الذي بقي كي نعتقد أن هناك رئيساً ''إصلاحياً'' جديداً في إيران يمكن أن نتفاءل معه بحسن جوار حقيقي على ضفتي الخليج العربي. مخطئ مَن يعوّل على روحاني في تغيير السياسة العدائية الإيرانية لدول الخليج، فمرحلتا الرئيسين السابقين رفسنجاني وخاتمي لن تتكررا أبداً، في كلتا المرحلتين لم تكن هناك قضايا معقدة كما الآن : أزمة سورية أو أحداث البحرين أو حتى تقارب إخواني - إيراني رسمي، كما في مصر وتونس. روحاني سيكون دوره وضع مكياج لنظام هو في حاجة ماسة إليه بعد ظهور وجهه القبيح في سورية على وجه الخصوص. لقراءة أي تغييرات في السياسة الإيرانية لا بد من التفريق بين الحكومة والنظام، فالرئيس فعلياً يرأس الحكومة التي يقتصر دورها على القضايا الداخلية، بل حتى وزير الأمن والاستخبارات يتم تعيينه من قبل المرشد، أما النظام الإيراني، ونواته مرشد الثورة وأركانه الرئيسة الحرس الثوري ومجلس الأمن القومي ومكتب المرشد، فهم من يمنحهم الدستور رسم السياسات العامة للدولة وقضاياها الكبرى. لدينا هنا رئيس لا يمكنه بمفرده أن يغيّر مواقف بلاده الخارجية مهما تطرفت، لأنه لا يملك الصلاحية أصلاً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي