ما العائد المعقول للاستثمار في الأسهم السعودية؟

لو سألنا بعض المتعاملين في سوق الأسهم السعودية عن العائد المعقول للاستثمار في الأسهم فسنجد أن هناك تضاربا كبيرا في مقدار العائد المعقول حسب وجهة نظر كل شخص وحسب معرفة الشخص واطلاعه، وكذلك بسبب صعوبة تعريف العائد المعقول، والتفريق بين العائد الممكن والعائد المعقول، والعائد المبني على أسس إحصائية وذاك المبني على التوقع والتخمين. كما أن حساب العائد المتحقق من المضاربة والدخول والخروج السريع من السوق من الصعب جداً قياسه، وهو يختلف عن العائد المتحقق من الاستثمار طويل المدى.
من المعروف أن العائد السنوي في الأسواق الدولية المتقدمة بلغ نحو 8.5 في المائة على مدى 112 عاماً، حسب تقديرات الكتاب السنوي لمجموعة (كريديت سويس). أما بالنسبة لمؤشر داو جونز فبلغ العائد السنوي - حسب بعض التقديرات- على مدى 100 عام نحو 9.4 في المائة، منها 4.8 في المائة كنمو سنوي في قيمة المؤشر و4.6 في المائة كمتوسط للأرباح الموزعة في كل عام. ولو نظرنا فقط إلى العشرين عاماً الماضية، لوجدنا أن مؤشر داو جونز حقق عائداً سنوياً بلغ في المتوسط 9.6 في المائة (7.1 في المائة نمو في قيمة المؤشر و2.4 في المائة كأرباح موزعة)، على الرغم من كثرة الأحداث خلال هذه السنوات وتقلبها. هذا يعني أننا نستطيع القول إن المعدل المتوقع للاستثمار في الأسهم على المدى الطويل يبلغ 9 في المائة، وهو العائد الإجمالي شاملاً النمو في السعر، إضافة إلى الأرباح الموزعة، التي نفترض أنه يعاد استثمارها في الأسهم.
بالنسبة لسوق الأسهم السعودية، لو أخذنا الفترة من نهاية عام 1994 حتى نهاية عام 2012، أي 18 سنة كاملة، لوجدنا أن العائد السنوي التراكمي بلغ في المتوسط 9.71 في المائة، تضاف إليها 4 في المائة كنسبة أرباح موزعة، وهذا تقدير مني، حيث لم يكن من السهل الحصول على نسبة الأرباح الموزعة السنوية لهذه الفترة، وهو تقدير معقول إذا علمنا أن نسبة الأرباح الموزعة الحالية تبلغ نحو 4 في المائة، وارتفعت في أوقات لأكثر من 7 في المائة وانخفضت إلى ما دون 3 في المائة في سنوات أخرى. إذاً، نقول إن الاستثمار طويل المدى في سوق الأسهم السعودية يمنح عائداً يبلغ 13.71 في المائة، وهو أعلى بكثير من الأسواق العالمية، وهو يعني أن رأس المال يتضاعف كل ست سنوات تقريباً، إلا أن الشيطان في التفاصيل كما يقال.
مغر جداً أن يحقق أي شخص عائداً سنوياً، دون جهد أو عناء، بواقع 13.71 في المائة، وهو أعلى بكثير مما يمكن تحقيقه في العقار أو الذهب أو أي وسيلة أخرى. كما أن هذا هو متوسط العائد السنوي التراكمي فيما لو تم الاستثمار في جميع شركات السوق بنسب مساوية لوزن القيم السوقية للشركات المدرجة، ما يعني أن بالإمكان تحقيق عائد أعلى من ذلك بكثير - أو أقل بكثير - فيما لو أن الاستثمار تم في شركات معينة. المصيدة في هذا التحليل هو إغفال جانب المخاطرة، التي تقاس بدرجة الانحراف المعياري، الذي يقيس مدى اختلاف العائد السنوي عن هذا المتوسط. فلو كان مضموناً لنا تحقيق 13.71 في المائة كعائد سنوي لما استثمر أحد خارج سوق الأسهم، لذا فإن الطرق الإحصائية تبين لنا أن هناك احتمالا معينا أن يختلف العائد في عام ما عن هذا المتوسط، وربما بشكل كبير.
كم هي نسبة المخاطرة في سوق الأسهم السعودية على مدى 18 عاماً؟ في هذه الحالة نجد أن الانحراف المعياري يبلغ نحو 42 في المائة، ما يعني أن العائد ممكن أن يرتفع إلى نحو 56 في المائة وممكن أن ينخفض إلى سالب 28 في المائة، وهنا المشكلة في الاعتماد على متوسط العائد دون النظر إلى حدة المخاطرة. ولكن ما احتمال أن يقع العائد بين هذين الحدين في عام ما؟ حسب النظرية الإحصائية التي تفترض أن مقدار العائد المتحقق يتم وفقاً لما يعرف بالتوزيع الطبيعي، فإن هناك احتمالا بنسبة 68 في المائة أن يكون العائد في هذه الحدود، وهو احتمال كبير نسبياً.
النقطة الأخرى المهمة تتعلق بطبيعة البيانات وما إذا كان هناك قيم شاذة في البيانات السنوية أثرت بشكل كبير في حساب متوسط العائد، وكذلك الانحراف المعياري، وهي بالفعل موجودة في بيانات الـ 18 عاماً التي تمت دراستها. فنجد أن العائد في عام 2005 بلغ 104 في المائة، وهذا بلا شك عائد غير طبيعي، مثله كذلك عام 2004 بنسبة 85 في المائة وعام 2003 بنسبة 76 في المائة. وفي المقابل كان هناك كذلك عوائد سلبية شاذة لعام 2006 بنحو سالب 53 في المائة وعام 2008 بنحو سالب 57 في المائة. فماذا لو استبعدنا هذه السنوات الخمس الشاذة ومن ثم قمنا باحتساب متوسط العائد السنوي التراكمي، فهل ستتغير النتائج؟
الحقيقة غير البديهية هي أننا حتى لو استبعدنا عوائد السنوات الخمس المذكورة فلن يتغير متوسط العائد السنوي إطلاقاً، والسبب هو أن العائد السنوي التراكمي في مثالنا هذا يعتمد على قيمة المؤشر في أول الفترة (عام 1994) وفي نهاية الفترة (عام 2012)، ولا يكترث بما يتم فيما بين هذين العامين، فيبقى العائد كما هو 13.71 في المائة. هذا يؤكد من زاوية أخرى أهمية الاستثمار على المدى الطويل وعدم الاكتراث بالنتائج المرحلية، فمن استثمر في نهاية عام 1994 حقق بالفعل عائداً بنسبة 13.71 في المائة بشكل سنوي تراكمي حتى نهاية عام 2012. الشيء الذي فعلاً يتغير، إذا استبعدنا القيم الشاذة هو حدة المخاطرة، إلا أن من الصعب القيام بذلك دون عمل بعض الافتراضات لمعدل العائد للسنوات المحذوفة. لذا فقد قمت بافتراض أن العائد التاريخي 9.71 في المائة هو العائد للسنوات المحذوفة، وبذلك نجد أن المخاطرة تنخفض إلى نحو 15 في المائة.
خلاصة هذا التحليل البسيط، هو أن العائد السنوي التراكمي للاستثمار في سوق الأسهم السعودية يصل إلى 13.71 في المائة، شاملاً الارتفاع في قيمة الأسهم والأرباح الموزعة التي يعاد استثمارها في الأسهم، وأن نسبة المخاطرة التي تقاس بدرجات الانحراف المعياري تصل إلى 15 في المائة. بهذه الفرضيات، نستطيع القول إن الاستثمار طويل المدى في سوق الأسهم السعودية ممكن أن يحقق عائداً في حدود 13.71 في المائة، وأن هناك احتمالا بنسبة 68 في المائة أن يراوح العائد بين موجب 28.71 في المائة وسالب 1.3 في المائة. أما إذا أخذنا المخاطرة الفعلية المتحققة – دون حذف نتائج أي من السنين – فإن نسبة المخاطرة تكون أعلى من ذلك ويراوح العائد بين نحو موجب 56 في المائة وسالب 28 في المائة. ولتبسيط الفكرة بشكل أكبر، نقول إن من يستثمر 100 ألف ريال في أحد الأعوام في سوق الأسهم السعودية، له أن يتوقع بنسبة احتمال كبيرة أن يرتفع المبلغ إلى 150 ألف ريال أو ينخفض إلى 75 ألف ريال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي