صفقات وهمية في كتابات العدل لوقف هبوط أسعار العقارات
كشف مسؤول في قطاع التثمين العقاري، عن وجود صفقات وهمية تجرى في سوق جدة العقارية من خلال شركات استثمارية معظمها قدمت من مناطق الرياض والشرقية والقصيم، مبيناً أن تلك الصفقات الوهمية التي تجرى في كتابات العدل، تهدف إلى الحفاظ على أسعار السوق التي بدأت تنزف وتشهد انخفاضا ملحوظا. ووفقا لعقاريين تحدثوا في التقرير، فإن أسعار العقارات في جدة بدأت تميل للهبوط نحو التصحيح السعري، الذي جاء مصحوباً خلال هذا العام بعدة عوامل، منها: بداية فترة الصيف، التوجه الحكومي نحو إنشاء مشاريع الإسكان الميسر، إقرار برنامج ونظام أرض وقرض، ارتفاع أسعار الأرض بشكل مبالغ فيه ويفوق في المتوسط سعر الأرض الفعلي بنحو 20 في المائة. #2# #3# #4# وعلى الرغم من ذلك إلا أن أحد المختصين الذي أكد وجود هبوط حاد في حجم تداول المبيعات وصلت نسبته إلى نحو 75 في المائة في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالهبوط الذي يحدث بالمعتاد خلال هذه الفترة من السنة العقارية – حسب وصفه – إلا أنه تحفظ عن وجود تصحيح، مشيراً إلى أن السوق ستشهد ازديادا في أسعار العقار ولن تلمس الهبوط السعري على المدى القريب. وقال لـ "الاقتصادية" عوض الدوسي نائب رئيس لجنة التثمين والمزادات العقارية وعضو اللجنة العقارية في غرفة جدة: إن عددا من العقاريين أكدوا في رسائل تحذيرية عبر قروب يجمع العقاريين في برنامج "الواتس أب" أن هناك بيعا وهميا تقوم به شركات قدمت إلى سوق جدة للاستثمار فيه، من كل من: المنطقة الشرقية، الرياض، والقصيم، مبيناً أن المؤشرات الفعلية تؤكد أن الأسعار في طريقها إلى الهبوط. وتابع الدوسي: "انتظار الناس لتطبيق مشاريع الإسكان الحكومي من خلال وزارة الإسكان وتلمسها على الواقع، ورغبتهم في الحصول على برنامج أرض وقرض، وانعقاد آمالهم على مشروع الدولة الضخم الموجه نحو الإسكان، من العوامل المؤثرة التي أسهمت في انخفاض سعر العقار واتجاهه نحو التصحيح"، مستدركاً: "وعلى الرغم من ذلك، إلا أن بعض العقاريين لا يبالون بهذا الأمر، ويحاولون بث الأخبار المغلوطة في السوق التي تفيد بإمكانية زيادة العقار، وهم بذلك يحاولون أن يحموا مصالحهم أو مصالح من يديرون عقاراتهم". وانتقد الدوسي، سياسة المؤشر العقاري الذي تصدره وزارة العدل، واصفاً إياه بالعام الذي لا يمكن أن يوضح الحقائق في السوق أو المجريات التي تحدث فيه، مبيناً أن الأسعار التي ترصدها قد تكون بعيدة عن الواقع، وقال: "ما نلمسه من أعداد منخفضة جداً لمن يرغبون في الإفراغ للعقارات في كتابة العدل بشكل يومي، لا يمثل تلك الأرقام المعلنة، التي تأتي بشكل كبير لا يتناسب مع حجم عمليات التداول المعقولة والتي تجرى بشكل يحمل المصداقية". ودعا نائب رئيس لجنة التثمين وزارة العدل إلى رقابة عمليات البيع والتأكد من صحتها، حيث إن معظم عمليات البيع التي تأتي بأسعار مرتفعة وتجرى بشكل داخلي في الشركات الاستثمارية، يكون هدفها الحصول على نسب تمويل مصرفي مرتفعة، وهي ما قد تلحق مستقبلاً بالضرر على المصارف السعودية نتيجة لعدم مقدرة تلك العقارات على الإيفاء بالقيمة المستحقة في حال حدث التعثر في المشروع. ويرى الدوسي، أن تطبيق وزارة الداخلية عقوبات المشغلين للعمالة الوافدة بشكل غير نظامي بعد انتهاء مدة التصحيح، على ملاك العقار الذين يؤون الوافدين المخالفين، هو أمر يجب أن يكون في حيز التنفيذ بجوار السجن للمالك أيضاً، وهو ما سينتج معه انخفاض في معدل الطلب المرتفع أمام حجم العرض المنخفض جداً في الوقت الحالي. وقدر الدوسي حجم زيادة السعر في قيمة الأرض عن قيمتها الحقيقية يقدر بـ 40 في المائة، ولكن العمل ما زال بها في ظل وجود السيولة النقدية في السوق التي كان معظمها نتيجة لمشاريع التطوير التي تشهدها المنطقة وحصل ملاك العقارات المنزوعة فيها على التعويضات، لافتاً إلى أن سعر المتر قبل نحو 20 عاماً كان يباع في منطقة أبحر بنحو 15 ريالا، وهو الذي ارتفع في الوقت الحالي متجاوزا 1500 ريال لكل متر مربع. وأما وهيب اللامي المستثمر العقاري والمستشار القانوني فأرجع الانخفاض في حجم التداول العقاري في جدة خلال الشهر الجاري إلى ثلاثة عوامل، وهي، بداية الإجازة الصيفية، سعر الأراضي وصل إلى حد عال لا يمكن مجاراته، ما جعل من المستثمرين يحجمون عنها ويتجهون لمكة المكرمة والمدينة المنورة للاستثمار فيها وتحقيق عوائد أفضل، وتوجه الدولة نحو إنشاء مشاريع الإسكان ومنح الأراضي والقروض، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على أسعار الأراضي السكنية، حيث إن تأثيره سيكون ملموساً في حال بدأ التنفيذ الفعلي لأولى الخطوات في ذلك المشروع الحكومي الضخم. وأشار اللامي، إلى أن الأسعار المعمول بها في السوق العقارية في جدة خاصة في الأراضي السكنية، مبالغ فيها وتصل إلى 20 في المائة من قيمته الحقيقية، مستدركا: "انخفاض أو ارتفاع المؤشر العقاري لن يغير من سلوكيات تداولات المستثمرين ومبيعاتهم، ولكن تأثيره الأكبر سيكون على الشريحة التي ترغب في الاستفادة من شراء العقارات لأجل السكن، الذين يتمثلون في شريحة ذوي الدخل المحدود والمتوسط". من جهته يرى محمد بن عاشور الزهراني رئيس مجلس إدارة شركة استثمار القابضة، أن مع بداية السنة العقارية من كل عام، وتحديداً في الربع الأول منها، يرتفع حجم التداول العقاري ونسبة المبيعات إلى النسبة القصوى وصولاً إلى 100 في المائة، وفي الربع الثاني منها تنخفض نسبة المبيعات إلى نحو 75 في المائة من أصل الأصول المعروضة للبيع، مردفاً: "أما في الربع الثالث من السنة العقارية، فتنخفض نسبة المبيعات لتشكل نحو 25 في المائة، وأما في نهاية السنة العقارية التي تصادف فترة موسم الحج فترتفع فيها نسبة المبيعات العقارية إلى 40 في المائة". وأشار الزهراني، إلى أن هذا العام خالف جدولة السنة العقارية التي بين أن من أسباب نجاح شركته، سيرها على تلك القاعدة لعشرة أعوام مضت، موضحاً أن سبب الانخفاض جاء نتيجة لصدور عدة قرارات متتالية تمس الشأن العقاري، وخاصة فيما يعنى بالإعلان الرسمي عن قرب البدء في برنامج أرض وقرض. وأفاد الزهراني، بأن الانخفاض في حجم التداول ومبيعات الأراضي الذي تشهده السوق العقارية في جدة في الوقت الحالي، يأتي نتيجة لتقلص حجم المضاربات على الأراضي خاصة تلك الواقعة في أطراف المدن ولم تصلها الخدمات بعد، مستدركاً: "لن يكون هناك انخفاض حاد في الأسعار، السوق ستظل متمسكة بأسعارها، وأن حدث الانخفاض فإنه سيأتي بشكل بطيء جداً، ولكن الأصل في ذلك هو الارتفاع والزيادة في حجم الأسعار". ووصف الزهراني المؤشر العقاري الذي تصدره وزارة العدل، بالمحتوى الذي لا يملك المعلومات الدقيقة، وهو مجرد تقرير وتجميع لحجم الصفقات الأسبوعي، مضيفاً: "كما أن التقرير قد لا يحتمل المصداقية بشكل كبير، إذ إن بعض الصفقات التي ترد فيه قد تكون وهمية، أو أنها قد تكون مجرد مخرجات بين الشركاء أو لتصحيح القيمة الدفترية".