«إخوان» السعودية.. كفاكم تحزباً

أن يكون هناك سعوديون تابعون لجماعة ''الإخوان المسلمين''، ويقدمون بيعتهم للمرشد، وولاؤهم للجماعة مقدم على بلادهم، فهذا ليس بالأمر الجديد أو المفاجئ، غير أن الجديد والكارثي استغلال هؤلاء شريحة من السعوديين يضللونهم باسم الدين، ويغررون بهم باسم الدفاع عن المسلمين، وتصل بهم الحزبية إلى أن يروجوا أن الدفاع عن الإسلام يبدأ من هناك، بينما الهجوم على الإسلام يصدر من هنا. قاتل الله الحزبية.
كانت الرسالة من الوضوح والقوة كي تصل لكل من ألقى السمع وهو شهيد، أو كما قال الملك وولي عهده في كلمتهما بمناسبة شهر رمضان بأن السعودية ''لن تسمح بأن يستغل الدين لباساً يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون لمصالحهم الخاصة''، وكذلك صدرت الرسالة أشد وضوحاً لكل من لبس عباءة الدين وطعن بالآخرين وأقصاهم، فقط لأن يعلي كلمة ''الجماعة'' حتى ولو كان ذلك على حساب وطنه، وهو ما جاء في الكلمة التاريخية، إذا صح التعبير، عندما أكد الملك عبد الله والأمير سلمان أن السعودية تعلن ''أنها لن تقبل إطلاقاً وفي أي حال من الأحوال أن يخرج أحد في بلادنا ممتطياً أو منتمياً لأحزاب ما أنزل الله بها من سلطان، لا تقود إلا للنزاع والفشل.
المصيبة أن هناك فئة من الناس أصبحت تتساهل في إخراج الآخرين من ملتهم، واتهامهم بالعلمانية والصهيونية وغيرهما من الألفاظ المخرجة من الملة، ليس لشيء سوى أنهم رفضوا الانصياع لتوجهات حزبية مؤدلجة، لا تنظر إلا بعين واحدة. أصبح، مثلاً، كل من يختلف مع توجهات (حزب) الحرية والعدالة المصري المنبثق عن ''الإخوان المسلمون''، عميلا وصهيونيا، حتى كافرا، وأيضاً ضد الإسلام والمسلمين، فيما هم أنفسهم لا يخجلون من مهاجمة بلادهم وشتمها صباحا ومساءً، ومع ذلك لم يكفرهم أحد ولم يتهمهم بأنهم صهاينة وعلمانيون. يا سبحان الله أصبح الإسلام الحقيقي هو من تحدده الأحزاب السياسية، بينما ما لا يوافق هواهم وحزبيتهم فخارج نطاق الإسلام الحقيقي.
استراتيجية ''إخوان السعودية'' واضحة جداً ومكشوفة ولا تنطلي على أحد، فالخطة تقضي بضرب مصداقية الدولة، بدءا من القضاء مروراً برجال الأمن وحتى وسائل الإعلام، وبذلك يضمنون شيئاً فشيئا أنهم وحدهم من يملكون تلك المصداقية، أما مؤسسات الدولة فلا تملكها أبداً، ألم يطالب كبيرهم بمحاكمة الموقوفين، فلما تمت محاكمتهم قام يشكك في نزاهة القضاء وبأنه موجه؟
مساكين أولئك الذين صدقوا الأكذوبة الشهيرة: من هو ضد الإخوان فهو ضد الإسلام، هم أنفسهم من يردد العبارة الأكثر شهرة: لست مع الإخوان، لكن أتعاطف معهم. لا بد من الاعتراف هنا بأن اللعب على وتر العواطف الدينية استطاع أن يؤثر في كثيرين، استجابوا فعلاً للتضليل والتزوير بأن حزب الإخوان غدا صاحب مظلومية، وأن الظالمين هم كل من يخالف توجهاته السياسية – يا سبحان الله.
أما الكارثة الكبرى التي يندى لها الجبين، هم أولئك الذين يؤمنون بفكر الإخوان ويروجون له ويسعون للطعن من تحت الحزام ومن فوقه، ويتبنون منهجهم بصراحة، لنكتشف في نهاية الأمر أنهم لا يعملون من خارج الحدود، أو بالخفاء، أو بأسماء مستعارة، بل مسؤولون رسميون ويمثلون الدولة أيضاً!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي