ضبط الأسعار ينطلق من قاعدة معلومات خليجية موحدة
أرجع تجار ومسؤولون في الغرف الخليجية، ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، بما فيها السلع الأساسية المدعومة من قبل الحكومات، إلى جملة عوامل عددوا منها ارتفاع تكلفة الخدمات والنقل على التجار، وغياب الرقابة الحكومية الفاعلة وقواعد البيانات التي ترصد حركة أسعار السلع الأساسية، فيما ساق عضو اللجنة التجارية في غرفة الشرقية، الرسوم التي فرضتها تنظيمات سوق العمل الجديدة، في قائمة أسباب ارتفاع السلع.
وطالب التجار في تصريحاتهم لـ "الاقتصادية" الحكومات الخليجية بالتوجه إلى إنشاء قاعدة معلومات ترصد تحركات شريحة واسعة من السلع الاستهلاكية الأساسية، لتنطلق منها عمليات ضبط الأسعار في الأسواق، وفهم المتغيرات التي تجرى في السوق، ويرجح مسؤولو الغرف الخليجية وأعضاء عدد من لجانها التجارية، أن تتجه الأسعار إلى الاستقرار خلال الفترة المقبلة، نتيجة توقع تباطؤ الاقتصاديات العالمية واستقرار أسعار النفط.
وقال جواد الحواج عضو تجارة وصناعة البحرين ورئيس لجنة الأغذية والزراعة، إن ارتفاع الأسعار يعود إلى العرض والطلب في السوق خاصة في المواد الاستهلاكية التي سجلت ارتفاعا على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن لهذه الارتفاعات ارتباطا في أسعار النفط، الذي يعد عاملا من العوامل التي تضم الوضع الاقتصادي العام.
وذكر الحواج في تصريح لـ "الاقتصادية، أن لشركات الشحن والتأمين دورا في ارتفاع الأسعار في السنوات الثلاث الأخيرة، عقب أن سجلت أسعار النقل زيادة بنحو 30 في المائة على مستوى دول منطقة الخليج العربي، مشيرا إلى أن الأسعار تقفز في المواسم كشهر رمضان، بفعل زيادة الطلب، معلقا مسؤولية ضبطها ومنع المغالاة فيها على عاتق وزارات التجارة والصناعة، التي يعتقد أنها تعاني نقصاً على مستوى جودة وفاعلية الرقابة.
ويعتقد بضرورة وجود قاعدة معلومات لرصد حركة أسعار السلع الاستهلاكية على مستوى أسواق منطقة الخليج، وهو ما سيدفع بتقديره إلى المساهمة بضبط الأسواق وتعزيز دور الرقابة فيها، مضيفا، "الآن توجد قوائم تطرح في عدة دول خليجية ترصد وتقارن بين حركة الأسعار للسلع الاستهلاكية"، إلا أنه يؤكد على أهمية تحويل هذا العمل إلى مشروع لبناء قاعدة معلومات متكاملة.
وأشار الجراح إلى أن ارتفاع الأسعار بين الدول الخليجية متفاوت، ففي البحرين هنالك سلع أقل سعرا منها في السعودية والعكس، إلا أنه يمكن القول إن شريحة واسعة من أسعار بعض المواد أرخص في بقية الدول الخليجية الأخرى من السوق البحرينية، وذلك قياسا على أن الارتفاع يعتمد أولا على حجم الكميات المستوردة، فكلما زادت الكميات انخفضت الأسعار.
من جهته قال لـ "الاقتصادية" عبد الرحمن الراشد رئيس غرفة الشرقية، إن أكثر سكان البحرين ودولة قطر يتسوقان من أسواق المنطقة الشرقية، الدمام والخبر والأحساء، مضيفا أن دخل الفرد البحريني مقارنة بدخل الفرد السعودي يعتبر الأقل.
وبين الراشد أن السوق السعودية سوق كبيرة ومفتوحة وتستقبل مواد غذائية من جميع دول العالم، وتسوق دول الخليج من السوق السعودية دلالة على أنها الأرخص، خاصة في المواد الغذائية، حيث تقل أسعارها بنحو 30 في المائة عن الدول المجاورة خاصة في البحرين وقطر ودبي.
وأوضح أن توافر السلع بشكل كبير يسهم في خفض الأسعار، وهذا ما تشهده السوق السعودية من حيث توافر جميع المنتجات الغذائية المحلية والمستوردة، مشيرا إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة تصل إلى 20 في المائة مع دخول شهر رمضان، إلا أنه يعود ويؤكد أنها الأرخص خليجيا.
وطالب الراشد "التجارة" بزيادة الرقابة الميدانية على المحال التجارية المتخصصة في بيع المواد الغذائية لضبط المتلاعبين في الأسعار، مضيفا: "لوزارة التجارة دور كبير في ضبط الأسعار: وشهدت الفترة الجارية تفعيل العديد من التنظيمات وظهور تطورات في العملية الرقابية.
أيضا مساعد السياري رئيس اللجنة الوطنية للتخليص الجمركي في مجلس الغرف السعودية، وعضو اللجنة التجارية في مجلس الغرف السعودية، يعتقد أن السوق السعودية تعتبر أرخص الأسواق الخليجية والعربية من حيث أسعار المواد الغذائية.
وزعم، أن أسعار أسواق دول الخليج للمواد الغذائية غير المدعومة مقارنة بالسوق السعودية أكثر بنحو 20 في المائة، وفي بعض الدول الأوربية تصل نسبة الزيادة عن نفس المنتج والجودة نحو 300 في المائة.
وبين السياري أن السوق السعودية رغم أنها الأقل، إلا أنه يجب أن تكون هناك رقابة مكثفة على الأسواق التجارية خاصة خلال فترة رمضان، الذي عادة ما يشهد ارتفاعا مبالغا فيه في الأسعار، مضيفا أن أكثر من 30 في المائة من الخليجيين يستهدفون السوق السعودية لشراء المواد الغذائية.
من جانبه يشير رباح المرباح، هو مدير غرفة تجارة وصناعة الكويت، إلى أن التطورات الاقتصادية خلال الفترة من 2006 إلى مطلع 2008 حين سجلت أسعار النفط والمعادن ارتفاعات كبيرة نتيجة الارتفاعات المحمومة في اقتصاديات دول العالم، كان لها انعكاس مباشر على ارتفاع الطلب في اقتصاديات الدول الخليجية.
وتابع: "تلقائيا تأثرت دول المجلس، حيث سجلت أرقام التضخم في بعض دول المنطقة ما بين 11 و14 في المائة، ما دعا إلى جهود كبيرة من قبل مسؤولين دول المجلس لكبح جماح هذا التضخم، وحينها ظهرت الأزمة العالمية التي كانت في النصف الثاني من العام 2008، وعلى أثرها تراجع الطلب بشكل كبير".
وأضاف "أسعار النفط لم ترتفع خلال العامين الماضيين، وهذا أدى إلى تراجع ارتفاع الأسعار في دول المنطقة، ما تسبب في نوع من الاستقرار في الأسعار مع الإجراءات الكبيرة التي قامت بها الحكومات الخليجية من زيادة الرواتب ودعم المواد الغذائية، بدأت هذه الحزمة من الإجراءات بكبح التضخم منذ عام 2009، وحتى الآن، حيث وصل معدل التضخم في الكويت مثلا إلى مستويات 3.5 في المائة".
ويعتقد المرباح "أن هنالك استقرارا نسبيا في أسعار المواد الغذائية والأساسية كالحديد والأسمنت"، مرجحا أن تشهد الفترة المقبلة مزيدا من الاستقرار نتيجة توقعات تراجع الطلب العالمي، حيث تتحدث دراسات اقتصادية عن احتمال تسجيل تباطؤ في اقتصاديات الدول الرئيسة عالميا، وهو ما يعني تراجعا في الطلب القادم من تلك الأسواق المؤثرة".
وأكد المرباح أن أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية في الكويت بدأت تسجل نوعا من الاستقرار، بدافع من الجهود الحكومية، إضافة إلى تراجع الطلب على هذه السلع، متوقعا أن هذا التوجه سينسحب على أسواق الدول الخليجية خلال الفترة المقبلة، في ظل أنها اقتصاديات تصدر "السلعة الواحدة"، النفط، التي تشهد ثباتا في الأسعار خلال السنوات الأربع الماضية، مقابل استيراد نسبة شبه كاملة من خريطة احتياجاتها من السلع الأساسية والاستهلاكية.
وأشار إلى أن الأسعار الاستهلاكية وأبرزها اليومية التي يحتاجها الفرد، تبدو أقل سعرا في السوق السعودية من الكويت، مرجعا ذلك إلى كميات السلع المتوافرة في السعودية، فتلقائيا السعر يكون أقل، إضافة إلى أن هناك سلعا أرخص في السعودية بسبب وجود عدد كبير من منافذ دخول السلع في السعودية، مقابل وجود وكلاء حصريين في الكويت.
ويتفق المرباح مع نظيره الحواج عضو تجارة وصناعة غرفة البحرين، في شأن ضرورة إنشاء قاعدة معلومات متكاملة، حول تطورات أسعار السلع والخدمات في الأسواق الخليجية، معتقدا أنها فكرة رائدة ستسهم في تعزيز الرقابة على أسعار ما لا يقل عن 3000 سلعة أساسية.
من جانب آخر ذكر عبد الرحيم نقي الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية، أنه يجري حاليا البحث عن تأسيس لجنة التجارة تحت مظلة الاتحاد على غرار لجنة التجارة الوطنية بمجلس الغرف السعودية، لتهتم بشأن تجارة التجزئة والجملة، والنظر في معوقات السوق وما يواجه التجار في منطقة الخليج ابتداء من فتح السجل التجاري بين الدول لتطبيق السوق الخليجية المشتركة، إلى التعامل التجاري ومكافحة الغش والإغراق والمواصفات والمقاييس.
ودافع نقي عن التجار، قائلا: "البعض يعتقد أن هامش الربح كبير بينما هو جدا متواضع في السلع، فهنالك سلع وبضائع تباع بأقل من أسعارها"، والغلاء المقصود يكون في الخدمات وليس في السلع، كغلاء المعيشة في السكن على سبيل المثال"، لافتا إلى أنه لا توجد هنالك مراكز أبحاث علمية تبحث لقياس الرأي العام بمنطقة الخليج عن الأسعار والخدمات، ومنه يقول، مصطلح أو ظاهرة "غلاء معيشة" مصطنع، وهو انعكاس لممارسات اجتماعية ومستوى الوعي بين الأفراد.
في حين يقول علي برمان نائب رئيس لجنة التجارة بغرفة الشرقية، إن كل ما يخص وزارة التجارة والمستهلك وما يناقش حول الأسعار والسوق لا يتم إبلاغ التجار أو أخذ آرائهم حوله، وغالبا لا يتم اطلاعهم عليه، موضحا أن اللجان التجارية في الغرف لا تشارك في البحث عن أسباب الغلاء، وهو ما حوّلها من لجان إلى نادٍ للتعارف.