مسجد بايرن ميونخ

لم يصل المسلمون إلى الأراضي الألمانية في فتوحاتهم كما لم يصلوا إليها بغية الاستقرار، غير أن كتب التاريخ كتبت عن علاقة توطدت عُراها بين هارون الرشيد الخليفة العباسي وبين شارلمان، وتوطدت العلاقة ما بين المسلمين وألمانيا من خلال وقوفهم مع الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، وتبع هذا حركات نزوح عدد من المهاجرين المسلمين من أوروبا للقطر الألماني، بسبب التقلبات السياسية خلال الحقبة التاريخية ما بين الحربين الكونية، أدى استقرار كثير من المسلمين في ألمانيا إلى وجود قبول وترحيب بالمسلمين حيث تشير دراسات أجريت في العصر الحديث منها واحدة أجرتها مؤسسة "برتسلمان" الألمانية للبحوث والدراسات في عام 2008، أفادت بأن المسلمين أكثر تسامحاً وبأن أكثر من 90 في المائة من مسلمي ألمانيا متدينون، وتشير دراسة أعدها المعهد المركزي للأرشيف الإسلامي في ألمانيا بأن بناء المساجد شهد قفزة منذ عام 2004، ليرتفع من 141 إلى 159 مسجدا، بينما لا يزال 128 مسجداً طور الإنشاء.
وهنا نقف لنبرهن كيف كان أثر التعامل النبيل والجيد من مسلمي ألمانيا على قبول المجتمع لهم حتى باتوا قوة لها تقديرها وكيانها واحترامها، فهم إن قالوا سُمعَ لهم وإن تحدثوا وجدوا من يُنصت، ولأن المجال الرياضي يحقق الشهرة والنجومية وبالتالي كثرة المعجبين بالنجوم كان للفرنسي المسلم "ﺑﻼﻝ ﺭﻳﺒﻴﺮﻱ" دور في تأسيس مسجد داخل مقر النادي، حيث جاء في حيثيات الخبر المنشور بوسائل الإعلام بأن النادي البافاري سيبني أكبر مسجد في الملاعب بالعالم استجابة لمقترح قدمه هذا اللاعب بأن تخصص غرفة يؤدي بها الصلاة جماعة مع اللاعبين المسلمين بالفريق، وكم كانت المفاجأة حين بادرت إدارة النادي بهذا الخبر غير المتوقع بأنها ستبني مسجداً كبيراً مفتوحاً للاعبين والجماهير وبأنها ستتحمل ما نسبته 85 في المائة من قيمة المشروع الذي سيحوي مكتبة وحلق علم وتترك الباقي ليدفعه اللاعبون والجماهير المسلمون.
كل مشاعر الشكر أقدمها لبلال ريبيري، وكذلك لإدارة بايرن ميونيخ على جميل العمل وما قدماه من بذل وعطاء للجالية المسلمة التي تحضر لمقر النادي، فقد تجاوز البايرن حلاوة الترحيب بفتح محاضن تعليمية داخل مقره تخدم الجالية المسلمة، وهنا يبرز دور المسلم بنقل صورة المسلم الإيجابي المتسامح الراقي بفكره وتعامله كي يكون داعيةً بسلوكه، ولو تركنا الخيال يسرح فكم من قدوة سيكون لها شأن بما حباها الله من حب الصغار والكبار وكيف سيكون تأثيرها وأثرها في الأخلاق والنشأة؟ وكيف هي مكاسب المجتمع من توظيف النجم القدوة في الإرشاد والتوجيه وسن الأفعال الحسنة والحث عليها؟ فريبيري أقرانه كثر ولكن من يحمل الفكر والمبادرة فشجاعة القرار والمبادرة تربية من الصغر لا يمكن غرسها في مجتمع يُربي أولاده على الصمت والخوف من العيب فمسايرة الناس في أفعالهم طريق سلامة أصبح مطية يركبها الجميع مرددين "بلا دوشة وبلا تعب رأس" وهو نهج خاطئ يدل على اتكالية واستكانة وعدم تقدير للذات والروح التي يمتلكها وأنعم الله عليه بها، ومن جميل القول التأكيد بأن الرياضي قدوة ومصدر تربية للنشء فيجب عليه مراعاة ذلك وعلى المراكز التربوية والبحثية إيجاد الخطط ووسائل التدريب من أجل هذا الجانب لديهم ومن ثم توظيفها لصالح المجتمع والوطن بعد ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي