تمويل «مترو الرياض» متوافر .. والأولوية لتوفير العمالة
أكد مسؤول كبير في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، أن تمويل مشروع المترو العملاق، الذي تتكلف عقوده 84 مليار ريال (22.5 مليار دولار) "متوافر بالفعل" لدى الحكومة السعودية، مستبعدا بذلك التكهنات بأن تصدر الحكومة صكوكا لتمويل المشروع كما حدث في مشاريع أخرى.
وقال إبراهيم السلطان، عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ورئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة، لـ "رويترز": إن الحكومة تُولِي المشروع أهمية كبرى، وستعطي الأولوية لتوفير العمالة اللازمة لإنجازه في الوقت المحدد.
وبدأت الحكومة السعودية المشروع العملاق الأسبوع الماضي، بمنح عقود لثلاثة ائتلافات تقودها شركات أجنبية من أكبر مصنعي ومنفذي شبكات القطارات في العالم، لتصميم وإقامة أول شبكة مترو في الرياض ضمن مشروع سيستغرق تنفيذه خمس سنوات.
وردا على سؤال عما إذا كانت التكهنات في الأسواق المالية صحيحة، بشأن احتمال إصدار الحكومة السعودية صكوكا لتمويل المشروع العملاق؛ قال السلطان: "عندما جرى الإعلان عن فائض الميزانية العام الماضي، أمر الملك عبد الله بتخصيص مائتَيْ مليار ريال (53.3 مليار دولار) لمشروعات النقل العام. هذا المبلغ موجود بالفعل لدى مؤسسة النقد العربي السعودي.
وأضاف: "ننظر لهذا المشروع كجزء من البنية الأساسية، مثل المياه والكباري، وعادة ما يجري دعم مثل تلك المشروعات وتمويلها من قبل الحكومة".
وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، قال الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية: إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وجه الحكومة بتخصيص مائتَيْ مليار ريال من فائض ميزانية 2012 لمشروعات النقل العام.
وقال العساف آنذاك: إن الحكومة تريد توفير تمويل هذه المشاريع بعيدا عن الميزانية، نظرا لطبيعتها الاستراتيجية، ولتجنيبها أي ظروف قد تؤثر في إيرادات الموازنة، أو أي معوقات تتعلق بالتمويل.
وكانت السعودية قد حققت فائضا قيمته 386.5 مليار ريال في ميزانية 2012، بعد أن بلغت الإيرادات 1239.5 مليار ريال والمصروفات 853 مليار ريال.
#2#
وعن الجدوى الاقتصادية للمشروع، قال السلطان، إن مترو الرياض سيؤثر إيجابا في كل القطاعات في العاصمة بصورة مباشرة، لكن تأثيره الأقوى سيكون بشكل غير مباشر.
وقال: "السبب المباشر وراء هذا المشروع هو إتاحة بديل آخر لوسائل النقل في المدينة أمام الناس. لكن ذلك المشروع الضخم سيؤثر في كل القطاعات في المدينة. سيؤثر في البطالة، والنفط، وحتى في البيئة وجودة الهواء، وسيحد من التلوث وعدد الحوادث".
وتابع: "عندما أجرينا دراسة الجدوى، وجدنا أن كل ريال أو كل دولار سيجري إنفاقه على المشروع سيحقق عائدا نحو ثلاثة ريالات أو ثلاثة دولارات بشكل غير مباشر".
وربما يكون توفير العدد الكبير من العمال لاستكمال المشروع في موعده تحديا كبيرا، في ظل قوانين إصلاح سوق العمل في السعودية، التي تهدف للحد من عمل الأجانب والوافدين في القطاع الخاص، في محاولة لتوفير فرص عمل للمواطنين والحد من البطالة.
وكانت شركة "إف سي كونستركسيون" الإسبانية، التي ستنفذ ثلاثة خطوط من الخطوط الستة للمشروع، قالت إنها قد تحتاج إلى 15 ألف عامل لتنفيذ الجزء الخاص بها، في حين قالت شركة "بكتل" الأمريكية التي فازت بعقد لتطوير خطين أنها قد تحتاج نحو 20 ألف عامل.
وبسؤاله عن حجم العمالة التي قد يحتاج إليها المشروع، قال السلطان إنه لا يمكن تحديد الأرقام بصورة دقيقة في الوقت الراهن، وقال إن الحكومة ستمنح الشركات العاملة بالمشروع الأولوية والتسهيلات لجلب العمالة.
وقال: "قبل بدء مرحلة الإنشاء ستكون هناك ثمانية أشهر للتنسيق مع الجهات الحكومية، وجزء من ذلك سيتعلق بجلب العمالة اللازمة للمشروع. المشروع يحظى بالدعم الكامل من الحكومة، وستمنح الشركات جميع التسهيلات اللازمة. لا نشعر بالقلق لأن المشروع سيكون له الأولوية". وعلى مدى العامين الأخيرين، أطلقت وزارة العمل عددا من البرامج الرامية لإصلاح سوق العمل، ورفع نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص، حيث عدلت نظام حصص التوظيف القائم في القطاع الخاص، وفرضت غرامات على الشركات التي تعين عددا من المغتربين أكبر من عدد موظفيها السعوديين.
وقال السلطان، عندما سئل عن إمكانية منح الشركات أي استثناءات لنظام نطاقات أو لقوانين وزارة العمل: "لن يكون هناك أي استثناءات لنظام (نطاقات). سنعمل وفق القواعد القائمة، لكن الأولوية ستكون لمنح التأشيرات للعاملين".
وأكد السلطان أن المشروع سيتيح متسعا كبيرا لتوظيف المواطنين السعوديين، لا سيما في مرحلة التشغيل التي ستستوعب النسبة الكبرى من المواطنين.
وقال: "ننظر إلى المشروع كمرحلتين، الأولى تتعلق بأعمال الإنشاء، وستكون في الأساس لبناء ومد خطوط المترو، وبالطبع سيشارك فيها المواطنون السعوديون في المناصب الإدارية ومناصب أخرى".
وأضاف: "لكن المرحلة الثانية ستكون أكثر أهمية، وهي تشغيل المشروع، إذ ستوجد عددا كبيرا من الوظائف للمواطنين السعوديين. 90 في المائة من العاملين في تلك المرحلة سيكونون من السعوديين".
وخفض البطالة بين السعوديين أحد التحديات طويلة الأجل أمام السعودية. وفي عام 2012 بلغ معدل البطالة 12 في المائة. وهناك 602 ألف و853 عاطلا وفقا لبيانات 2011، ويشكل السعوديون بين 15 و29 عاما 78 في المائة من العاطلين عن العمل.
وعما إذا كان المشروع، لا سيما نزع ملكية الأراضي اللازمة له، قد يزيد من المضاربات في السوق العقارية، ذكر السلطان أن الهيئة تبقي على عملية نزع ملكية الأراضي اللازمة للمشروع عند الحد الأدنى، مستبعدا أن تؤثر في السوق العقارية الكبيرة في الرياض.
وقال: "حددنا بالفعل 35 موقعا ستنزع ملكيتها للمشروع. وخصصنا المبلغ اللازم لتعويض الناس عن تلك الأراضي، وهو في حدود ثلاثة مليارات ريال، وبدأ فريق العمل بالفعل تلك العملية منذ ثلاثة أشهر".