الراتب ما يكفي الحاجة
كل عام وأنتم بألف خير، وتقبل الله صيامكم وقيامكم، وثبت لكم أجركم إن شاء الله. بعد انقطاع شهر تقريباً من الكتابة، فليس خافياً لو قلت: ما أصعب أن تختار موضوعاً لمخاطبة قارئ مثقف ذكي، فكيف لو كنا نموج بأحداث مختلفة لها أول وليس لها آخر؟، أفكار، وأحداث، ومكتشفات، وفتن، وصراعات، وقس على ذلك من إفرازات الوجود الإنساني التي يجعل بعضها الحليم حيران والوالدان شيبا!.
قبل فترة ليست بالقليلة، انتشر هذا النص ''#الراتب_ ما_يكفي _ الحاجة'' على مواقع التواصل الاجتماعي، والأغلب أن الناشر إما أنه تابع هذا ''الهاشتاق''، أو سمع عنه في أحد المجالس، أو ربما قرأ عنه في الصحف المحلية، حيث أصبح أحد موضوعات الساعة، أو يمكن أن يكون له، وأطلقه طمعاً في راتب إضافي، أو شيء ما بمناسبة العيد، ربما؟
''الراتب ما يكفي الحاجة'' لكي نفهمها، علينا أن نفهم في البداية ما هي الحاجة؟، وأعتقد أن تعريف الحاجة المناسب لهذا الموضوع هو تكلفة المعيشةCost of living وتعريفها: مقدار من المال يكفيك للبقاء في الطبقة المتوسطة، ويشمل التكاليف الأساسية مثل مكان السكن ''المنزل/ الشقة''، الأكل، الضرائب، الرعاية الصحية، ويستخدم هذا المصطلح عادة عند المقارنة في مستوى المعيشة بين مدينتين.
وحسب ما نشر على موقع مصلحة الإحصاء العامة والمعلومات: ''سجل الرقم القياسي العام لأسعار الجملة لتموز (يوليو) 2013 ارتفاعاً بلغت نسبته 1.0 في المائة مقارنة بما كان عليه خلال حزيران (يونيو) 2013 - أعتقد أن لديهم خطأ مطبعيا مقصودا في يونيو 2013-، للمعلومة، يتكون الرقم القياسي العام من عدة مؤشرات تجمع كلها على حسب الأهمية النوعية لكل مؤشر، ونخرج برقم واحد وهو ما يمثل الرقم القياسي.
ومن التقرير نفسه، سأتوقف مع الفصول أو المؤشرات التي تهم المواطن بشكل مباشر: قسم المواد الغذائية والحيوانات الحية، سجل هذا القسم ارتفاعاً بلغت نسبته 2.6 في المائة متأثراً بالارتفاعات التي سجلتها خمسة من الفصول العشرة المكونة له، كان من أبرزها: فصل الخضراوات والفواكه بنسبة 10.0 في المائة متأثراً بالارتفاعات التي سجلتها بعض البنود المكونة له، ومنها: الطماطم بنسبة 47.1 في المائة، والخيار بنسبة 8.9 في المائة، والبرتقال بنسبة 8.2 في المائة، والتمر بنسبة 6.2 في المائة، والتفاح بنسبة 3.4 في المائة.
قسم الزيوت والدهون الحيوانية والنباتية، سجل هذا القسم انخفاضاً بلغت نسبته 0.2 في المائة متأثراً بالانخفاض الذي سجله فصل الزيوت النباتية بنسبة 0.2 في المائة المتأثر بالانخفاض الذي سجله بند زيت الذرة بنسبة 0.2 في المائة.
قسم الآلات ومعدات النقل: سجل هذا القسم ارتفاعاً بلغت نسبته 3.7 في المائة متأثراً بالارتفاعات التي سجلتها أربعة من الفصول السبعة المكونة له، كان من أبرزها: فصل السيارات وقطع غيارها بنسبة 7.7 في المائة متأثراً بالارتفاع الذي سجله بند سيارات النقل ''الوانيت'' بنسبة 15.4 في المائة، وبند السيارات الصغيرة بنسبة 7.1 في المائة، وبند قطع غيار السيارات بنسبة 3.9 في المائة.
حقيقة أخرى، حسبما نشر في شباط (فبراير) 2012 في هذه الصحيفة أن الارتفاع في تكلفة المعيشة من عام 1402هـ إلى عام 1432هـ وصل إلى 760 في المائة والارتفاع في الأجور لم يتجاوز 66 في المائة، إذن المواطن يعيش تحت ضغط كبير جداً من ارتفاع تكلفة المعيشة، وكما هو معلوم أن متوسط الرواتب في المملكة يقدر بين 7000 إلى 7300 ريال شهرياً.
إذن، الراتب هل يكفي الحاجة أم لا يكفي؟ هناك إجماع وبالأرقام على أن تكلفة المعيشة ارتفعت بشكل كبير جداً ولم يصاحب هذا الارتفاع ارتفاع في الأجور، وكذلك هناك سوء تدبير من قبل المواطن أيضاً. تجد شخصا لا يتجاوز راتبه خمسة آلاف ريال ويحمل في يده جهازي جوال بقيمة راتبه نفسها، وإذا ما كان أكثر مثال راتب شخص خمسة آلاف ريال، أي 60 ألفاً في السنة، لو اشترى جهازين من الأجهزة الذكية لصرف 8 في المائة من دخلة السنوي على جوال غير مصروفاته من إكسسوارات وإعادة تعبئة أرصدة.
الحلول؟ لا تقال هكذا في الهواء الطلق، وإنما يجب أن تدرس في المدارس وتكون ضمن المنهج التعليمي مادة تخص الإدارة المالية الشخصية حتى يتعلم الناس كيف يديرون أمورهم المالية، إما إعادة توزيع الدعم في المملكة، فإنه يعيش فيها اليوم ما يقارب ستة ملايين أجنبي يحصلون على الدعم نفسه الذي يحصل عليه المواطن السعودي وهذا يكلف ميزانية الدولة الكثير، ويجب أن نرفع الدعم المباشر للسلع ونحوله إلى دعم مباشر إلى المواطن، لكن كيف؟
فيما يخص الدعم الغذائي لابد من إنشاء جمعيات تعاونية على غرار ما هو موجود في دول الخليج الأخرى، وتعزيز شبكة القطارات بين مدن المملكة مما يسهل العيش خارج المدن الرئيسة، والعيش في المدن الصغيرة، ووقف الهجرة إلى المدن الكبيرة مما يساهم في خفض تكلفة المعيشة على المواطن، وكذلك من مسؤولية البلديات أن تخرج تقارير ربع سنوية عن تكلفة المعيشة في كل مدينة.
وختاماً، أرجو ألا أكون قد أفسدتُ تهنئتي بالعيد بحقائق هذا المقال، فالمواطن السعودي يستحق الأفضل، ويجب أن تكون لدينا أرقام صحيحة تساعدنا في التخطيط لمستقبل أفضل، ومثل هذا الموضوع المهم يحتاج عودة بعد عودة، لعل لقاء آخر في قابل الأيام يكون.