مسرحيات العيد تُعيد الحياة للمسرح السعودي

مسرحيات العيد تُعيد الحياة للمسرح السعودي
مسرحيات العيد تُعيد الحياة للمسرح السعودي

بعد أن غابت طويلا، ها هي تعود حركة المسرح في بلاد صحراوية مقفرة من وسائل الفن والإبداع، وكشوقها للمطر تشتاق أيضا لفن يرطب أجواءها الساخنة وإبداع يعبر عن تطلعات أبنائها، لذا عادت المسرحيات هذا العام بشكل قل نظيره وإن كان المستوى الفني يراوح مكانه باستثناء عدد من المسرحيات الفارقة.

وبرزت خلال عطلة عيد الفطر 2013 الفعاليات المسرحية التي نظمتها بدرجة أكبر أمانتا الرياض والمدينة المنورة، وتراوحت ردود الفعل الناقدة لجل هذه المسرحيات بين الرفض والقبول لما قدم من أعمال في ظل ظروف استثنائية للمسرح السعودي، إلا أن الفنان المسرحي المعروف علي إبراهيم أثنى على تنظيم أمانة الرياض لمثل هذه الفعاليات، مؤكدا أنها السبيل الأمثل لتطور المسرح المحلي للوصول إلى العالمية.

وقال علي إبراهيم لـ"الاقتصادية": إن المسرحيات التي قدمتها الأمانة في عيد هذا العام في العاصمة وهي عشر مسرحيات ست منها رجالية وأربع نسائية شكلت ما يمكن أن يعد بداية جديدة لمسرح سعودي نشيط".

مسرحيتا المدينة المنورة.. بداية جديدة لحياة مسرحية
وفي المدينة المنورة قدمت مسرحيتا "جبا يا هووه" لبادي التميمي ومحمد الكنهل و"مبتعثون في ورطة" لعبد الإله السناني وبدر اللحيد ونايف فايز ومحمد علي، ووجدت المسرحيتان وفقا لنقاد فنيين تفاعلا جماهيريا معقولا كبداية لحركة مسرحية رائدة في مدينة "طيبة".

حيث تم تقديم عروض المسرحية الفكاهية "مبتعثون في ورطة" ضمن فعاليات الاحتفال بعيد الفطر المبارك 34 الذي تنظمه أمانة منطقة المدينة المنورة على خشبة مسرح مركز الأمير سلطان الاجتماعي في الحرة الشرقية.

وبدت المسرحية واعدة وهي التي كان في واجهة نجوميتها عبد الإله السناني وقادها للمسرح خالد الباز وأعدها كتابة الدكتور نايف فايز، وكان إلى ذلك أحد أبطالها بمعية بدر اللحيد والمبدع محمد علي الذي يعمل مهندسا وهو غير متفرغ للفن إلى جانب النجم الشاب محمد الشدوخي وفيصل حاكي.

خرج المراقبون من المسرحية التي استمرت زهاء ساعة ونصف بانطباع متفائل بالغ، وذكر بعضهم أن المسرح السعودي قد يولد من جديد من رحم هذه المجموعة التي أبدت تفهما لأدوات المسرح ومتطلبات الجمهور في مسرح أكثر إقناعا لا يلعب على وتر الضحك على المشاهد، أو استدرار قفشاته من خلال كوميديا العاهات، تلك التي صبغت كثيرا من مسارح الدول الخليجية والعربية واستوردتها المسارح السعودية في مرحلة مبكرة من نشوئها، غير أن مسرحية الشبان السعوديين الذين أنتجوا التجربة الدرامية اللافتة "37 درجة" بدت أكثر فهما وتفهما للعيوب التي مل تكرارها نقاد المسرح والتلفزيون.

ورغم الشعور بالتميز الذي خلقه شباب مسرحية "مبتعثون في ورطة" إلا أن العيوب الثابتة والدائمة في المسرح السعودي ألقت بظلالها على هذه المسرحية رغم تميزها خصوصا في ظل استحضار مشكلات المبتعثات في ظل حضور رجالي كامل، فيما كان عبد الإله السناني يحاول سد الفراغ في دوره في المسرحية من خلال التعبير عن مشكلات الفتيات المبتعثات في دوره كوالد للمبتعثة سارة، وتبدو محاولات سد النقص بالحضور النسائي من خلال الحوار معقولة في ظل ظروف المسرح السعودي.

ويقول الممثل أيمن الجعفري أحد أبناء المدينة المنورة الذي حضر العرض الأخير إن المسرحية تضم أسماء كبيرة على مستوى التأليف والتمثيل والإخراج، ما يجعل منها بداية لعمل مسرحي دائم في المدينة المنورة، غير أن النقص ظهر في بعض الإمكانات التي لم تعد خصيصا للمسرح، ما قلص وقت المسرحية واقتطعت بعض أجزائها وأقحمت فيها بعض الإسقاطات التي حاول الممثلون تغطية جوانب النقص من خلالها باستحضار اهتمامات جمهور المدينة المنورة عوضا عن المكان الذي كان العمل مقصودا للدوران فيه وهو شقة أحد المبتعثين في الولايات المتحدة الأمريكية والبيئة المحيطة في المبتعثين هناك.
ويبقى القول إن المسرحية هي تحول قد يقود لولادة جديدة للمسرح السعودي الذي عانى الفقر الفني والنقص الإبداعي في الأعوام الماضية، يقود ذلك شبان متعلمون ومبدعون في آن واحد.

#2#

المسرحيات الرجالية
شارك عدد من النجوم البارزين في عدد من المسرحيات خلال العيد، مثل مسرحية "الملحق" من تأليف عبد الله الزهراني وإخراج صالح العلياني، وبطولة الدكتور نايف خلف وعبد الله الزهراني، وبمشاركة مجموعة من الشباب الواعدين، إذ تحكي المسرحية التي عرضت على خشبة مسرح مدارس التربية النموذجية معاناة عاطل تعرض للضغوط والاستغلال وأشكال مقاومته لهذه الضغوط في قالب درامي تغطيه القفشات الكوميدية.
وتأتي مسرحية "شباب البومب" كامتداد للمسلسل التلفزيوني الذي عرضه التلفزيون السعودي بطولة ممثلين شباب هم فيصل العيسى وشعيفان محمد وفيصل العمري، حيث ناقشت في قالب كوميدي على خشبة مسرح مدارس المملكة، قضايا الشباب وهمومهم، مثل التفحيط وجرائم الشبان الأحداث.

وكانت مسرحية سكة سد تسير في السياق نفسه، إلا أن بطلها ممثل من جيل التسعينات الميلادية وهو الفنان عبد العزيز الفريحي الذي قام بدور مفحط سابق، وذلك ضمن أحداث مسرحية "سكة سد"، إذ شاركه البطولة فنان من الجيل نفسه هو عبد العزيز السكيرين، وأخرجها الفنان بندر عبد الفتاح، على خشبة مسرح جامعة اليمامة شمال الرياض.

مسرحية أخرى تسير في اتجاه آخر هذه المرة، إذ بدت مسرحية "الحقني يا جاري" محاولة فنية من أصحابها للإبقاء على الرسالة الخالدة التي طالما رددها الفنانون عن أهداف مهنتهم، إذ تحكي المسرحية التي هي من بطولة الفنان علي إبراهيم، والنجم الكويتي عبد الإمام عبدالله، والفنان خالد الحربي، عن القيم الاجتماعية الغائبة في المجتمعات الخليجية كقيمة الجوار، فيما جرى عرض المسرحية أثناء عيد الفطر على خشبة مسرح كلية المدربين التقنيين بحي الريان.

وفي عمل آخر قدمه فنان مخضرم آخر، قام علي الهويريني بتقديم مسرحية "البلطجيون"، في قالب كوميدي يصور مجموعة مجانين في مستشفى يظنون أنهم في مهمة حربية لإنقاذ الوطن، وهي من بطولة رياض الصالحاني إلى جانب الهويريني وكان مسرح جامعة دار العلوم هو الذي احتضن المسرحية التي حاولت الربط بين أوهام البطولة ووقائع الحال بخيط يصعب تمييزه.

المسرحيات النسائية
وكان من الملفت الحضور القوي هذه المرة للمسرحيات النسائية التي تتقدمها مسرحية "كلنا حكاية"، من تأليف وإخراج لورين العيسى، حيث جرى لأول مرة توظيف الفولكلور في أعمال مسرحية جسدت حكاية خمس نساء يجتمعن في سوق نسائية ويعرضن بضاعتهن ومشاكلهن وهمومهن في قالب كوميدي، فيما يتخلل ذلك العرض القصصي للهموم الفولكلور السعودي والعربي.

المسرحية التي احتضنها مسرح مدارس دار العلوم للبنات هي من بطولة العنود حسين ورجاء الحاضي ومنال العيسى، إضافة إلى لورين عيسى.
وفي مسرحية "عفواً ممنوع الرجال" التي احتضنها مركز الملك فهد الثقافي اختارت الفنانة البحرينية أميرة محمد وزميلتها السعودية أغادير السعيد، مناقشة عدد من القضايا النسائية بشكل كوميدي تدور أحداثها حول مجموعة من النساء تجمعهن الظروف في أحد الفنادق الخاصة بالنساء.

وشاركت كل من أمل حسين وجوري اليحيى في مسرحية "أربع نساء وامرأة"، وهي التي كتبها عباس الحايك وأخرجتها غرام الجابر، لتناقش القضايا النسائية هذه المرة في قصر أفراح تجتمع فيه أربع نساء مدعوات لحفل زفاف، وحين يتأخر أزواجهن تنشأ بينهن وحارسة القصر صداقة، ليكتشفن لاحقا من خلال بعض المواقف الكوميدية المدروسة أنهن زوجات لرجل واحد.

الأكثر قراءة