جموع عربية وإسلامية تشيِّع السميط لمثواه

جموع عربية وإسلامية تشيِّع السميط لمثواه
جموع عربية وإسلامية تشيِّع السميط لمثواه

ودع العالم الإسلامي أمس الشيخ عبد الرحمن السميط رائد العمل الخيري والدعوي الذي وافته المنية صباح أول أمس في الكويت، إثر معاناة طويلة مع المرض.
وشيّعت جموع غفيرة من الكويت والعالمين العربي والإسلامي أحد أهم الدعاة طوال التاريخ الإسلامي في العقود الماضية وذلك في مقبرة الصليبيخات في الكويت.
رحل السميط بعد رحلات دعوية وخيرية كثيرة جاب فيها أدغال إفريقيا وبدأت منذ نحو 30 عاماً أسلم على يديه خلالها نحو 11 مليون شخص علاوة على دعم الفقراء هناك عبر جمعيته الخيرية الشهيرة، جمعية العون المباشر.
ونعى مجلس الوزراء الكويتي الدكتور عبد الرحمن بن حمود السميط الذي وافته المنية عن عمر ناهز السادسة والستين عاماً، داعيًا الله سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته الواسعة ورضوانه وأن يمتعه بعظيم الأجر وحسن الثواب وأن يسكنه فسيح جناته.
وقال بيان مجلس الوزراء: "إن الكويت والأمة الإسلامية فقدتا برحيل الداعية د. عبد الرحمن السميط رمزاً بارزاً ونموذجاً مشرفاً للعمل الخيري الخالص لوجه الله تعالى، يجسد ما جبل عليه أهل الكويت جيلاً بعد جيل من حب العطاء والبذل ومساعدة المحتاجين وابتغاء مرضاة الله".
وأضاف المجلس، في بيان أصدره أول أمس الشيخ محمد العبدالله وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الصحة أنه تلقى بقلوب ثابتة وإيمان صادق بقضاء الله وقدره نبأ وفاة المغفور له - بإذن الله تعالى - د. عبد الرحمن السميط"، لافتاً إلى أن الفقيد - رحمه الله - سخر حياته كلها للعمل الخيري ووصلت يداه الخيرة إلى كل المحتاجين في كافة بقاع العالم من بناء للمستشفيات والمدارس والمعاهد والملاجئ وحفر للآبار وأعمال جليلة في الخير والبر كانت موضع تكريم العديد من الدول والمؤسسات الإسلامية.
وأشار البيان إلى أن السميط تكبد الكثير من المشقة والعناء والمرض في سبيل مساعدة المحتاجين وتخفيف معاناتهم في كل مكان، مبيناً أنه كان طيب الخصال، جم التواضع، حسن المعشر والخلق، كريماً عطوفاً يحظى بمحبة واحترام كل من تعامل معه، وسيظل اسمه محفوراً في سجل العمل الإنساني الخيري، نموذجاً رائعاً للعطاء والخير، وتجسيداً حياً لمبادئ وتعاليم إسلامنا الحنيف وقيمه السامية.

#2#

فيما دعا عدد من نواب مجلس الأمة الحاليين والسابقين إلى إطلاق اسم الشيخ الدكتور عبد الرحمن السميط على مسجد الدولة الكبير أو كلية الشريعة أو أحد الطرق الرئيسة في الكويت.
ويعد السميط شخصية كويتية رائدة في مجال العمل الخيري والإغاثي، حيث أفنى عمره بهذا المجال في مختلف أنحاء العالم ولاسيما في القارة الإفريقية وأصبح أحد أعلامه البارزين على مستوى العالمين العربي والإسلامي.
وأمضى الداعية مسيرة عطاء طويلة في العمل الدعوي والخيري، حيث زرع بصمة طيبة تحكي قصة كفاح هذا الرجل في زرع البسمة على وجوه الملايين من المحتاجين والفقراء في إفريقيا. وولد السميط في 15 أكتوبر من عام 1947 في الكويت، وهو داعية كويتي ومؤسس لجنة مسلمي إفريقيا سابقاً، ورئيس مجلس إدارتها، إضافة إلى ترؤسه مجلس البحوث والدراسات الإسلامية، حيث تخرج من جامعة بغداد بعد أن حصل على بكالوريوس الطب والجراحة ثم حصل على دبلوم أمراض مناطق حارة من جامعة ليفربول عام 1974 واستكمل دراساته العليا في جامعة ماكجل الكندية متخصصًا في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي.
وشكلت رؤية انتظار العمال الفقراء تحت لهيب الشمس الحارق بداية قصة الداعية الشهير.
إذ يروى عنه أنه بداية تعاطفه مع الفقراء يوم أن كان طالباً في المرحلة الثانوية في الكويت وكان يرى العمال الفقراء ينتظرون في الحر الشديد حتى تأتي المواصلات فما كان منه إلا أن جمع هو وأصدقاؤه المال واشترى سيارة قديمة وكان كل يوم يوصل هؤلاء العمال مجاناً رحمة بهم.
وأكمل - رحمه الله - مسيرة العطاء في المرحلة الجامعية، حيث كان يخصص الجزء الأكبر من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية ليقوم بتوزيعها على المساجد، وعندما حصل على منحة دراسية قدرها 42 دينارًا كان لا يأكل إلا وجبة واحدة وكان يستكثر على نفسه أن ينام على سرير رغم أن ثمنه لا يتجاوز دينارين، معتبراً ذلك نوعاً من الرفاهية. وأثناء دراساته العليا في الغرب كان يجمع من كل طالب مسلم دولارًا شهرياً ثم يقوم بطباعة الكتيبات ويقوم بإيصالها إلى جنوب شرق آسيا وإفريقيا وغير ذلك من أعمال البر والتقوى، واستمرت معه عادته وحرصه على الوقوف إلى جانب المعوزين وأصحاب الحاجة.
ولم يتوان الداعية الشهير حينما شعر بخطر المجاعة تهدد المسلمين في القارة السمراء إفريقيا، حتى أدرك انتشار حملات التبشير التي تجتاح صفوف فقرائهم في أدغال القارة السمراء، وعلى إثر ذلك آثر أن يترك عمله الطبي طواعية، ليجسد مشروعاً خيرياً رائداً في مواجهة غول الفقر، واستقطب معه فريقاً من المتطوعين، الذين انخرطوا في تدشين هذا المشروع الإنساني، الذي تتمثل معالمه في مداواة المرضى، وتضميد جراح المنكوبين، ومواساة الفقراء والمحتاجين، والمسح على رأس اليتيم، وإطعام الجائعين، وإغاثة الملهوفين.
وبحسب إحصاءات منشورة ينسب للسميط الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في 4 آلاف داعية سلكوا الدعوة في إفريقيا، وثلاث جامعات وأكثر من 5 آلاف و500 بئر مياه حفرت في قرى إفريقيا التي تتناوب عليها موجات الجفاف ومئات دور الأيتام. يشار إلى أن الشيخ الراحل نال عدداً من الأوسمة والجوائز والدروع والشهادات التقديرية مكافأة له على جهوده في الأعمال الخيرية. ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام والتي تبرع بمكافأتها وهي (750 ألف ريال سعودي) لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء إفريقيا، ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء إفريقيا تعليمها في الجامعات المختلفة.

الأكثر قراءة