السعوديون ينفقون 100 مليون إسترليني في فنادق لندن وشققها خلال عام

السعوديون ينفقون 100 مليون إسترليني في فنادق لندن وشققها خلال عام

تبدو الشوارع والمحال التجارية مزدحمة دائماً في وسط العاصمة البريطانية لندن، لكن هذا الازدحام يزداد حدة في فصل الصيف، وتحديدا بين شهري تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر)، ففي تلك الفترة يبلغ الموسم السياحي أقصاه، ويصل الإقبال على التسوق من أكبر المتاجر العالمية حده الأقصى.
وخلال تلك الأشهر تسعى الأسواق التجارية في وسط العاصمة البريطانية إلى اتخاذ جميع الاستعدادات والتدابير اللازمة لتوفير أكبر درجات الراحة لعملائها، ومن بين هذه الاستعدادات توظيف أعداد إضافية من العاملين والعاملات من أصول عربية شريطة أن يكونوا على دراية باللغة العربية.
ويقول استيورت تشابل المدير التنفيذي لفرع السلسة التجارية الشهير دبنهامز لـ"الاقتصادية" إنه لا يوجد لدينا إحصاءات دقيقة للربط بين المشترين وجنسيتهم، ولكن خلال العقد الأخير حرصنا على تكليف إحدى الشركات العاملة في مجال استطلاعات الرأي للتعرف على جنسيات عملائنا في فصل الصيف، باعتبار أن فصول الصيف تشهد تدفقا للسياح الأجانب على لندن، ويضيف أنه خلال السنوات الأربع الأخيرة كان العرب في مقدمة المشترين خاصة الإماراتيين ويليهم السعوديون، ويؤكد أن هذا النوع من الدراسات مهم للغاية لأنه يساعدنا على تطوير أدائنا التجاري بما يتناسب مع احتياجات العملاء.
ولا يختلف الأمر كثيرا مع محال جون لويس، إذ تؤكد مارجريت بانسيني رئيسة قسم المبيعات أن الإحصاءات لديهم تشير إلى أن العرب هم أبرز العملاء في فصل الصيف وتحديدا من السعودية يليهم الكويتيون ثم الروس ثم أوروبا الشرقية، لكن الأمر يأخذ في التغيير تدريجيا ابتداءً من منتصف شهر أيلول (سبتمبر)، حيث تتقلص المشتريات العربية ربما لبدء العام الدراسي في الشرق الأوسط، أما في فصول الشتاء فالعرب يغيبون تقريبا عن قائمة أبرز العملاء لدينا، مؤكدة أن للمشتري السعودي أو الكويتي خاصة النساء نمطاً معيناً من الذوق يختلف عن الأذواق الأوروبية، وهذا يجب وضعه في الحسبان عند اختيار التصميمات خاصة الملابس التي يتم عرضها، كما أن النساء العرب يتحركون بالأساس في مجموعات، ولكسر المشكلات الناجمة عن حاجز اللغة، فإنه يتم توظيف أعداد متزايدة من الموظفين المتحدثين باللغة العربية.
فيما تصف هبة منصور وهي بريطانية من أصل مصري تعمل مستشارة لعدد من المحال التجارية الرئيسية في شارع إكسفورد في وسط لندن، تصف لـ"الاقتصادية" المشتريات العربية من أسواق لندن في الموسم السياحي بأن البريطانيين يعتبرون المشتريات العربية منجم ذهب، فنمط التسوق العربي لا يعتمد على شراء قطعة أو اثنتين كالأنماط الغربية أو حتى السائحين من الجنسيات الأخرى، فالعرب يشترون بكميات كبيرة، ويساهمون بما يتراوح بين 35 و42 في المائة من نسبة المشتريات التجارية في الموسم السياحي، وترصد هبة منصور ظاهرة أخرى في طبيعة السائح العربي فتشير إلى أنه نادرا ما يطلب السائح الخليجي عند دفع قيمة مشترياته الحصول على الأوراق الواجب تسليمها لمكتب هيئة الضرائب في المطار، التي يستعيد بموجبها جزءا من الضرائب المفروضة عليه، وعلينا مثلاً أن نعلم أنه إذا بلغت قيمة مشترياتك نحو عشرة آلاف جنيه استرليني في لندن فإنه يمكنك استعادة ما بين 1000 و1700 جنيه استرليني إذا قمت بتسليم الفواتير للجهات المختصة في المطار، ولكن نادرا ما يقوم السائح الخليجي بذلك،
على الرغم من أن الإحصاءات الرسمية الخاصة بمشتريات السياح الأجانب خلال موسم الصيف الراهن لم تعلن بعد، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى نحو أربعة مليارات استرليني، وتقدر مساهمة العرب فيها بنحو 1.3 مليار جنيه استرليني تقريباً، وذلك وفقا لتقديرات الرابطة التجارية البريطانية.
وتشير الرابطة إلى أن متوسط إنفاق السائح السعودي يتوقع أن يكون قد بلغ هذا العام نحو 2487 استرلينيا، يليه الإماراتي 2395 استرلينيا ثم الكويتي بنحو 1965 استرلينيا، والروسي بـ 1169، ثم السنغافوري 980 استرلينيا.
وتقدر الرابطة الزيادة في نسبة المبيعات التجارية جراء السياحة العربية في لندن بنحو 36 في المائة، وهو ما يعني زيادة في نسبة التوظيف خلال الموسم السياحي بنحو 13.5 في المائة.
ولا تتعلق الانعكاسات الإيجابية للسياحة العربية في بريطانيا فقط بالمردودات الضخمة التي تجنيها المحال التجارية جراء المشتريات العربية، بل أيضا يترك العرب خاصة السياح الخليجيين بصمات واضحة في مجال إنعاش القطاع الفندقي.
ويؤكد سيمون جاك مسؤول العلاقات العامة في فندق " ليونارد" في منطقة ماربل ارش بوسط لندن لـ"الاقتصادية" أنه بخلاف معظم السياح فإن السائح الخليجي وتحديدا القادم من السعودية أو الإمارات وأخيرا ليبيا يقضون فترات طويلة في لندن خلال فصل الصيف، وبعض الأسر تقضي ثلاثة أشهر متواصلة وربما أكثر، وهذا الإقبال دفع بالعديد من الفنادق إلى أن تقدم بعض خدماتها باللغة العربية، وأن تخصص غرفة لإقامة الصلاة، مضيفاً أن الإقبال الخليجي على السياحة في لندن رفع من معدل الإشغال الفندقي، وإذا كانت تقديرات العام الماضي تشير إلى أن السعوديين بمفردهم أنفقوا قرابة 78 مليون استرليني للإقامة في فنادق لندن، فالتوقعات أن يتراوح إجمالي إنفاق السائحين السعوديين ما بين 93 و101 مليون استرليني هذا العام للإقامة فقط.
إلا أن العديد من السائحين الخليجيين وبالخلاف مع السياح القادمين إلى لندن من مختلف بقاع العالم يفضلون استئجار شقة للإقامة بوسط العاصمة البريطانية، إذ يوفر لهم ذلك الخصوصية التي تبحث عنها العائلات العربية، كما تسمح لبعض الأسر الكبيرة في الاقتصاد في النفقات الخاصة بالإقامة لتوجيه ذلك للتسوق والنزهة. ووسط هذا الزخم من النفقات العربية الضخمة في لندن من قبل السائح الخليجي فإن الحكومة البريطانية تبرز باعتبارها أحد أكبر المستفيدين من هذه العوائد المالية، حيث تتحقق تلك الفائدة عبر عدد من القنوات أبرزها الضرائب.
ويوضح بيتر داي الخبير الضريبي في هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية ذلك لـ"الاقتصادية" بقوله إن الفوائد الضريبية التي تعود من السائحين الخليجيين على الاقتصاد البريطاني تنقسم لعدة أنواع، فهناك تنافس دائم بين الخليجيين والروس حول من يحتل المرتبة الأولى كأكثر السائحين إنفاقا خلال الموسم السياحي، لكنّ الروس والقادمين من هونج كونج وسنغافورة لديهم حرص دائما على استعادة ما يدفعونه من ضرائب خلال مغادرتهم للندن، فوفقاً للقانون البريطاني يحق للسائح أن يستعيد نسبة من الضرائب التي يدفعها خلال تسوقه، والروس وغيرهم من السائحين يقومون بذلك، أما السائح الخليجي فإنه لا يهتم بهذا وفي أغلب الأحيان لا يحتفظ العرب بفواتير مشترياتهم، بما يضيع على السائح العربي جراء ذلك جزءا كبيرا من حقه وهو بالطبع ما يصب لاحقا في الخزينة البريطانية ويتراوح ما بين 13 و17 مليون استرليني.
وعلى هذا فإن مساهمة السائح الخليجي في المنظومة الضريبية البريطانية تتجاوز مساهمات السائحين من الجنسيات الأخرى، لكن هذا لا ينعكس عليهم في شكل تميز فيما يحصلون عليه من خدمات خلال زيارتهم لبريطانيا.
وبينما يعتقد بعض الخبراء الضريبيين في لندن أنه وعلى الرغم من استحالة تحديد شكل معين لكيفية استخدام الحكومة البريطانية الأموال التي تجنى ضريبيا من السياحة العربية وتحديدا الخليجية إلى لندن إلا أنهم يشيرون وبشكل صريح إلى أنها تلعب دوراً مهماً في تطوير مناطق التسوق في وسط العاصمة البريطانية.

الأكثر قراءة