تسهيلات رسمية لتحول الشركات العائلية إلى مساهمة
أكد محمد آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، أن الهيئة شرعت في اتخاذ خطوات أساسية وتكميلية نحو تطوير السوق المالية، متطلعا أن تنعكس إيجابا على خيارات المستثمرين واستقرار السوق وجذب المستثمرين، وبما يدعم استقطاب شركات ذات ملاءة مالية مستقرة، مرحبا بإدراج مزيد من الشركات العائلية التي تتماشى مع اشتراطات الهيئة وتنظيماتها وتطلعات السوق والمستثمرين فيها، مشيرا إلى أن هناك عددا كبيرا من الشركات العائلية في المملكة تتماشى مع تطلعات الهيئة وخططها نحو تطوير السوق وتنويع أنشطة الشركات المدرجة فيها.
وقال آل الشيخ في كلمته الافتتاحية في ملتقى تحول الشركات العائلية إلى مساهمة الذي نظمته غرفة الشرقية بالتعاون مع السوق المالية السعودية "تداول" أمس، إن الهيئة تعمل على تسريع وتسهيل إجراءات تحول الشركات العائلية إلى مساهمة وإدراجها في السوق بما لا يتعارض مع الأنظمة واللوائح، سواء الخاصة بالهيئة أو السوق المالية أو الأنظمة المرعية الأخرى، وسنحرص بأن يراعي هذا الطرح حقوق المساهمين والمتداولين، مشيرا إلى أن هيئة السوق المالية و"تداول" نجحتا خلال السنوات الماضية في استقطاب عدد من الشركات العائلية، وما زال طموح الهيئة و"تداول" يشاركها في ذلك الطموح استقطاب المزيد من الشركات العائلية.
وأوضح أن الشركات العائلية، تعد من ركائز الاقتصاد العالمي وفي المملكة تحديدا فإن هذا النوع من الشركات يلعب دورا أساسيا في الاقتصاد المحلي ويعد ركيزة أساسية فيه، ويُسهم بحصة في إجمالي الناتج المحلي، وهذا يؤكد أهمية الشركات العائلية والحاجة إلى استمرارها واستقرارها والتوسع في أنشطتها، لكنها تواجه في الوقت نفسه تحديات جسيمة تزداد مع تولي الجيل الثاني والثالث من ملاك الشركة زمام الأمور فيها إذ يبدأ التباين في الصلاحيات والمسؤوليات ووجهات النظر، ما قد يؤدي إلى إيجاد بيئة غير صحية قد تؤثر في استمرار تلك الشركات، خصوصاً في حال عدم اتخاذ أي خطوات أو تدابير من شأنها أن تحد من تلك المخاطر. ونرى في المملكة أمثلة على شركات تفككت وفقدت القدرة على الاستمرار بسبب ذلك، وهذا أمر بالغ الأهمية ومؤثر في الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن العامل الأساس لاستمرار أي شركة، حسن إدارتها واستمرار نشاطها ونموه، ولا شك أن تحول الشركات العائلية إلى مساهمة عامة وإدراجها في السوق المالية، سيدعم معالجة المخاوف التي تنتاب ملاك الشركات العائلية عند انتقال شركاتهم إلى الأجيال اللاحقة، لذلك فإنه من مصلحة الشركات، ومن ضرورات استمرارها الالتزام بقواعد الحوكمة.
وقال إن هناك إجراءات يمكن للشركة العائلية أن تتخذها لتطبيق هذه القواعد والحد من أي تداخل بين صلاحيات ومسؤوليات الملاك والإدارة، ما يعزز قدرتها على الاستمرار، بل في كثير من الأحيان، يكون ذلك فرصة جيدة للتوسع في الأعمال والدخول في أسواق جديدة، إضافة إلى زيادة القدرة على توفير التمويل بتكلفة تنافسية، مشيرا إلى أن الإدراج في السوق سيحتم على الشركات العائلية تطبيق عدد من التنظيمات والتعليمات المتعلقة بالهيئة والسوق المالية، ومن ضمنها الحوكمة وتعارض المصالح، فضلا عن متطلبات الإفصاح والشفافية.
وأضاف أنه فيما يخص نشاط الشركة فإن العوامل السابقة مجتمعة قد تتيح للشركة الحصول على تمويلات بتكلفة أقل مما لو كانت ملكيتها ما زالت عائلية، كذلك فإن استقرار الشركة ماليا وإداريا سيمنحها فرصة دخول أسواق جديدة، وزيادة قدرتها التنافسية مع الشركات التي تعمل في نفس نشاطها.
وأكد حرص الهيئة على أن تكون السوق آمنة وجاذبة، موضحا أن البيانات والأرقام ذات العلاقة بالسوق المالية تعكس مواصلة الهيئة لجهودها الرامية إلى تعزيز دورها في تطوير وتنظيم السوق المالية وتوفير بيئة استثمارية سليمة وحافزة للاستثمارات وداعمة لثقة المستثمرين، وذلك من خلال استكمال منظومة اللوائح والقواعد التنفيذية وتشجيع طرح الأوراق المالية والأدوات الاستثمارية الجديدة وتطوير صناعة خدمات مالية متكاملة وكفؤة وتعزيز مستويات الشفافية والإفصاح، فضلاً عن تفعيل دور الهيئة الإشرافي والرقابي والارتقاء بأدائها وتوفير الثقة والمصداقية في السوق وحماية المستثمرين فيها.
من جهته قال عبد الرحمن الراشد رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية، إن الشركات العائلية تشكل 60 في المائة من حجم الاقتصاد السعودي، وتتبدّى دلالات هذا الرقم وإيحاءاته، في ضوء أكثر الأرقام تداولا وشيوعا حول حجم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد السعودي، حيث تصل إلى نحو 90 في المائة من حجم شركاتنا الوطنية.
وأشار إلى أن استثمارات الشركات العائلية تصل إلى نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، الأمر الذي يعطي هذه الشركات أهمية كبرى، ضمن اقتصادنا الوطني، ويضع عليها أعباء أكبر في مواجهة التحديّات القائمة والمطروحة على اقتصادنا، في ظل المتغيرات العالمية السريعة والمتلاحقة، ومع تزايد مكانة اقتصادنا الوطني، ضمن المنظومة الاقتصادية العالمية، وموقعه المتميز داخل نادي مجموعة العشرين، التي تضم الدول الأكبر اقتصادا في العالم.
وفي السياق نفسه أكد خالد الربيعة عضو مجلس إدارة السوق المالية السعودية "تداول" على أهمية تنوير الكيانات الاقتصادية حول كيفية التحول إلى شركات مساهمة عامة من خلال الالتقاء بالمتخصصين في المجالات ذات العلاقة والتحاور معهم والاطلاع على تجارب الشركات العائلية عند تحولها إلى مساهمة عامة وما صاحب هذا التحول من تحديات، إضافة إلى تمكين ملاك الشركات وإداراتها التنفيذية من اتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن، مشيرا إلى جهود هيئة السوق المالية منذ نشأتها إلى تطوير هذه السوق من خلال وضع الأنظمة واللوائح ومنها الخاصة بالطرح والإدراج ومراجعتها دورياً وفقاً للمعايير العالمية، وذلك لتأسيس أطر واضحة حول الطرح.
وقال الربيعة إن نحو 95 في المائة من الشركات المسجلة في السعودية شركات عائلية تسهم بنحو 50 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي وتوظف نحو 80 في المائة من القوى العاملة في المملكة، كما أن نحو 4 في المائة فقط من الشركات العائلية تصل إلى الجيل الرابع الأمر الذي يوجب علينا التوعية حول التحول إلى شركة مساهمة عامة كأحد الحلول المطروحة وما يقتضي ذلك من فصل الملكية عن الإدارة من خلال تطبيق لائحة حوكمة الشركات التي تمت صياغتها للحفاظ على مصالح المستثمرين والشركات وفق أطر تعزز مستوى الشفافية.
وبين الربيعة أن التحول يساعد في تعزيز نمو الشركات المساهمة العامة من خلال الحصول على التمويل اللازم لخططها التوسعية من خلال الطرح العام. وأضاف أنه على الرغم من الإيجابيات العديدة التي تحفز الشركات العائلية إلى التحول لشركات مساهمة عامة إلا أن هناك فقط 16 شركة عائلية مدرجة في السوق السعودية من ضمن 161 شركة مدرجة، منوها بحرص "تداول" من خلال هذه الملتقيات على تعزيز الوعي لملاك الشركات العائلية حول التحول إلى شركات مساهمة عامة.
من ناحيته أكد فراس حسن مستشار مالي، أن الشركات العائلية في السعودية أمامها فرصة ذهبية الآن للتحول إلى شركات مساهمة، موضحاً أن التحول بات اليوم هدفا استراتيجياً لا مفر منه، للشركات التي ترغب في الاستمرار بالسوق بالقوة نفسها التي وصلت إليها، مبيناً أن طرح أسهم الشركات العائلية في السوق المالية يوفر السيولة اللازمة للتوسع، بدون فوائد في حال الاعتماد على قروض المصارف.
وقال "بدأ أصحاب الشركات العائلية يستشعرون أهمية التحول إلى شركات مساهمة، لسببين رئيسين، الأول كثرة العثرات والأزمات التي تتعرض لها هذه الشركات مع الجيلين الثاني والثالث، التي أدت في كثير من الأحوال إلى إنهاء عمر الشركة، وتصفيتها، والسبب الثاني، وهو الأهم تعاظم دور السعودية الاقتصادي على الصعيدين الإقليمي والعالمي بما في ذلك انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية WTO، الذي يتطلب من الشركات السعودية الاستجابة لمتطلبات العملية الاقتصادية، إذا ما أرادت الاستمرارية، ويأتي في مقدمة هذه المتطلبات الإدراج في سوق الأسهم، وتطبيق مبادئ الحوكمة والشفافية الإدارية، مشيرا إلى أن عدد الشركات ذات المسؤولية المحدودة في المملكة وصل إلى نحو عشرة آلاف شركة".
وبين أن "التحول من شركة عائلية إلى شركة مساهمة، ما زال محاطا بالمخاطر بكثير من الهواجس والتساؤلات لدى العديد من أصحاب الشركات الخاصة في المملكة. وقال: "لعل أبرزها، الآلية التي تضمن نجاح التحول، واستمرار حفاظ أصحاب الشركة عليها، ولكن يجب على الجميع أن يعي أن عملية التحول تعطي تقييما مجزيا وعادلا للخبرة الطويلة للملاك الحاليين، كما أنها تساعد في تثبيت القيمة العادلة لسهم الشركة عند قبول إدراجه للتداول، كما أنها توفر آلية نظامية لانتقال الملكية للجيل المقبل، بشكل واضح وبدون نزاعات، وهذا يعني حماية ملكية الشركة من التملك والاستحواذ عن طريق تفتيت الملكية الحالية، يضاف إلى ذلك أن عملية التحول لا تعني فقدان العائلة لإدارتها وإشرافها المباشرين للشركة المعنية، بدليل أن هناك اليوم أكثر من نموذج كدليل على ذلك، كما أن عملية التحول تؤدي إلى نقل الخبرات السابقة إلى الجيل الجديد".
وأكد حسن أن "عملية التحول تسهم في رفع مستوى إنتاجية الشركات وكفاءتها من النواحي التشغيلية والإدارية والقانونية، حيث إن مرحلة التحول تتطلب إجراء دراسات عناية مالية وقانونية شاملة، وبالتالي فإن الشركة تحصل على فرصة ذهبية في تقوية هيكلها التنظيمي والإداري، وفق أسس علمية ثابتة، من خلال جذب أفضل الطاقات الإدارية والخبرات لقيادتها، ما يسهم في تعزيز موقعها التنافسي. وتابع "على الشركات الراغبة في التحول أن تعمل على تطوير أنظمتها الداخلية بشكل يضمن تخفيف المخاطر عليها، ورفع مستوى إنتاجية أنشطتها التشغيلية، ومستوى الشفافية والإفصاح، وأن تكون قد حققت معدلات نمو إيجابي متصاعد خلال فترة لا تقل عن ثلاث سنوات قبل الطرح، والأهم من هذا كله أن تتحلى الشركة الراغبة في التحول إلى مساهمة عامة، بحس المسؤولية الاجتماعية، من خلال مشاركتها الرأي العام بأعمالها وإنجازاتها أن يتم الفصل بين أموال الشركة وأموال الملاك"، مضيفا أنه يجب أن نعي أن عملية التحول تحتاج إلى وقت، وإلى بناء فريق متكامل من المستشارين ذوي الخبرات الفنية العالية، للوصول إلى الهدف المنشود"، مشيراً إلى أن "قدرة الشركة على مواجهة استحقاقات ما بعد التحول إلى شركة مساهمة ومدرجة، لا يمكن أن تكون ناجعة ما لم يتم التحضير والتجهيز المناسبين خلال مرحلة ما قبل التحول، وهنا يأتي دور المستشار المالي، الذي عليه أن يواكب عملية التحول منذ البدايات، ويطلع على أدق التفاصيل، ويفيد الشركة في الوقت المناسب، لطرح أسهمها للاكتتاب العام". وأكد أن "الوقت الحالي فرصة كبيرة لأصحاب الشركات العائلية لتعزيز تواجدهم في سوق المال، خاصة في ظل توافر كل الضمانات باستدامة رأس المال العامل، ورفعه وبتكلفة أقل من القروض المصرفية، وبما يتوافق مع الشريعة الإسلامية".
وأضاف أن حركة سوق المال في السعودية تسير بشكل متحفظ، ولكن الصحيح أنها تسير في الطريق الصحيح أكثر من أي وقت مضى، خاصة في الوقت الراهن، في ظل التقلبات التي تشهدها كبرى أسواق المال العالمية"، مبيناً أن أبرز متطلبات التحول إلى شركات مساهمة، تتطلب وجود إدارة فاعلة، لم تتغير بشكل جوهري خلال السنوات الثلاث السابقة للتحول، وأن تكون الشركة المقرر طرحها، قد أمضت سنة مالية على الأقل دون إجراء أي تغييرات هيكلية تنظيمية، أو تغيير في رأس المال باستخدام تمويل خارجي بما في ذلك استخدام التمويل من جاري الشركاء، وأخيراً أن يكفي رأس المال العامل لمدة 12 شهراً تلي فترة الطرح، وألا تقل ملكية الجمهور من فئة الأسهم المطلوب إدراجها عن 30 في المائة، وألا تقل القيمة السوقية الإجمالية المتوقعة لجميع الأسهم المطلوب إدراجها عن 100 مليون ريال".
من جهته توقع عبد الله الحبشي المستشار الإداري، أن يشهد سوق المال السعودية دخول 100 شركة عائلية خلال خمس سنوات مقبلة وتحويلها إلى شركات مساهمة، مضيفا أن الهدف الرئيس من تحول الشركات إلى مساهمة وتطرح للاكتتاب هو زيادة وحفظ رأس المال، مؤكدا في الوقت نفسه أن النظام في المملكة وسياسة هيئة سوق المال لا تلزم الشركات العائلية على التحول لشركات مساهمة مدرجة في سوق المال، مبينا أن أسباب امتناع بعض الشركات عن التحول لشركات مساهمة يعود إما لوجود خلافات داخلية لا تظهر على السطح أو تعرضها لمقاومة التغيير من قبل ملاك الشركة.
وأوضح الحبشي أن هناك حراكا كبيرا في الشركات للدخول في هذا التغيير وبدا ذلك واضحا من خلال الكثير من الملتقيات التي يحضرها كثير من رجال الأعمال وأصحاب الشركات العائلية للتعرف على أنظمة وقوانين وهيئة سوق المال التي يجب أن تتبعها الشركات وتلتزم بها عند رغبتها في التحول إلى شركات مساهمة.