العودة إلى المدارس في سورية وسط تزايد مخاوف الأهالي
بدأ اليوم الأحد أول أيام العام الدراسي الجديد في سورية، وسط تزايد مخاوف الأهالي من الأخطار المحدقة بإرسال أبنائهم إلى المدارس في بلد يشهد حربا أهلية منذ نحو عامين ونصف.
ويفضل أغلب السكان في دمشق إرسال أطفالهم إلى مدارس في ذات الحي بحيث تكون قريبة من منازلهم في حال حصول أي طارئ، و"ما أكثر هذه الطوارئ"، حسبما يقول أبو حسان القادري ، المقيم في منطقة المجتهد بوسط العاصمة دمشق.
ويعمل أبو حسان الذي يعول 4 أطفال، 3 منهم في المدارس، الحكومية ، ليل نهار ليؤمن تكاليف معيشة الأسرة . ويقول إن "حصول انفجار قريب أو سقوط قذائف متفرقة، قد يدفع الأهالي إلى أن يهرعوا إلى المدارس لجلب أطفالهم والاطمئنان عليهم، ووجود هذه المدارس في الحي ذاته يسرع من هذه العملية ، لا شك أنا مثل كل الأهالي أخاف على أبنائي من التفجيرات أو الاشتباكات".
ويضيف "لولا تواجد مدارس قريبة إلى منزلي ، كنت فكرت عدة مرات قبل الموافقة على إرسال أبنائي إلى المدارس، حتى لو أوقفتهم عن الدراسة ، حمايتهم من الخطر أولوية بالنسبة لي وأهم".
ويرى ابو حسان الذي يعمل صباحا موظفا بمرتب شهري وأعمال حرة بعد دوامه في الوظيفة وهو في عقده الخامس ، أن الحرب فتكت بكل مناحي الحياة في سورية، وتشاطر سهى طرابيشي ابو حسان رأيه في بعض القضايا حيث أنها أعادت تسجيل ابنها الذي بلغ الصف الثالث في مدرسة قريبة من منزلها، رغم أنها تقر بأن مستوى التدريس فيها أقل من مدرسته القديمة، لكنها أقرب.
وتقول ربة المنزل المقيمة في منزل بمنطقة باب شرقي إن "المخاوف من الضربة الأمريكية لا تزال ماثلة، مع إنها تضاءلت كثيرا حاليا، وكنت مترددة إزاء البقاء في البلد في الآونة الأخيرة".
ويقول أبو حسان خوفي ليس ناتجا فقط من ضربة خارجية تقول أمريكا إنها ضد النظام ، إنما أيضا أخاف من الفوضى و التفجيرات المحلية" ، وقالت سهى أيضا "الخوف لا يكون من الضربة بحد ذاتها، بقدر ما سيكون هناك مخاوف من رد فعل الأطراف على الأرض، من ناحية استغلال مقاتلي المعارضة لها والهجوم على العاصمة، وما يتبع ذلك من اشتباكات وقصف متبادل بين السلطة و المعارضة ".
كما تحتار كارولين مطر في الإجابة لدى سؤالها عن نيتها إرسال ابنها إلى المدرسة، خاصة مع تصاعد العنف في المنطقة التي تقيم بها، وهي منطقة العباسيين القريبة من حي جوبر الذي يشهد قصفا واشتباكات متصاعدة.
وتقول كارولين "منذ فترة سقطت إحدى قذائف الهاون في مكان قريب من إحدى المدارس"، متسائلة "لا أحد يعلم متى وأين ستسقط القذيفة التالية".
العديد من الأطفال، بشكل عام، ينتظرون عودة المدارس بفارغ الصبر، فعطلة الصيف لم يتمتعوا بها بالشكل الطبيعي بسبب تشدد الأهالي في التزام أبنائهم المنزل أغلب الوقت، وعدم الخروج بشكل مستمر، إن كان للعب في الحدائق أو لزيارات الأصدقاء، على خلفية الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.
ولم تكن المخاوف الأمنية الهاجس الوحيد لدى الأهالي فارتفاع أسعار اللوازم المدرسية من لباس وغيره مع انخفاض الدخل وقلة العمل أدى إلى اكتفاء الأهالي بالحد الأدنى منها، إن كان بالكمية أو الجودة، وسط عدم قدرة العديد لاسيما المهجرين منهم إلى تأمين هذا الحد الأدنى.
وقال مازن العويد ، وهو أب لطفلين في الصفين الرابع والخامس، نزح وعائلته من منطقة الذيابية بريف دمشق الجنوبي إلى ضاحية قدسيا القريبة من الشام الجديدة، إن "مستلزمات الحياة الجديدة من أجرة منزل إضافة إلى بعض الحاجيات والأغراض تلتهم الراتب كله، ولا تترك أي شيء للمصاريف الإضافية نحن نعيش بالكفاف و يوما بيوم".
ويقدر مازن الذي يعمل في سوق الحريقة التجاري وهو في عقده الثالث تقريبا بأن كلفة تأمين اللوازم المدرسية لطالب واحد لا تقل عن 15 ألف ليرة، فيما لا يتجاوز الراتب الـ 20 ألفا، أي أن كلفة تأمين لوازم ابنيه المدرسية تحتاج أجرة شهر بكامله، وهذا ما لا طاقة له به.
وتشهد أسعار الأدوات المدرسية من دفاتر وأقلام وغير ذلك ارتفاعا كبيرا يصل إلى خمس أضعاف تقريبا ما كانت عليه سابقا قبل موجات جنونية متلاحقة من ارتفاع الأسعار وتضخم العملة بعد هبوطها أمام العملات الاجنبية بينما لم تزد رواتب موظفي القطاع العام خصوصا عن 50 %.
ومن ناحيتها، أكدت وزارة التربية السورية مرارا أنها اتخذت كافة الإجراءات والاستعدادات لبدء العام الدراسي الجديد، دون التطرق إلى الإجراءات التي ستتبع في حال حدوث طوارئ أمنية.
وقال وزير التربية السوري هزوان الوز، في تصريحات نشرتها له وسائل الإعلام الرسمية ، إن الوزارة "على أتم الاستعداد لمعالجة أي إشكاليات قد تعترض سير العملية التربوية إضافة إلى التنسيق والمتابعة مع مديرياتها في المحافظات بشكل دائم"، دون إضافة توضيحات.
وأوضح أن وزارته "أنجزت جميع الاستعدادات من حيث إنجاز جميع الخطط ذات الصلة بتدريب المعلمين والمدرسين على المناهج الجديدة وإصدار التشكيلات النهائية للمدرسين والمعلمين وإيصال الكتاب المدرسي إلى المحافظات".
كما أشار إلى أنه تمت صيانة نحو 500 مدرسة تعرضت لأضرار جراء الأحداث في البلاد، مؤكدا أن "الوزارة لديها خطط بديلة"، دون أن يكشف ماهيتها.
ويقابل الاستعداد الحكومي المبهم خوف وتوجس من أهالي يرون أنه لا بد من إرسال أطفالهم إلى المدارس كي لا تفوتهم أعوام دراسية قد لا تعوض لاحقا في حال استمر تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، وشمل الصراع مناطق جديدة.
ويقبل مئات الآلاف من الطلبة من كل الصفوف هذا العام على المدارس مع غياب عدد كبير منهم بسبب التهجير او الدمار والفوضى الحاصلة نتيجة للأحداث التي تشهدها البلاد .