معدلات التضخم في السودان تتجاوز 29 %
تفيد تقارير رسمية أن معدل التضخم في السودان ارتفع خلال أيلول (سبتمبر) الماضي إلى 29.42 في المائة مقابل 22.9 في المائة خلال آب (أغسطس). ويرى سودانيون أن الحزن على ضحايا الاحتجاجات الدامية التي تشهدها البلاد والصعوبات الاقتصادية في البلاد يجعل الفرحة بعيد الأضحى منقوصة هذا العام.
ولم يستطع عباس محمد أحمد (28 عاما) الذي يعمل طبيبا بيطريا وهو في حالة حداد على شقيقه الذي قتل في أم درمان المدينة التوأم للعاصمة الخرطوم أثناء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المنتجات البترولية أن يصف مشاعره، ويقول: ''خططت لمراسم زواجي في اليوم الذي يلي عيد الأضحى .. خططت لاحتفال كبير بمشاركة الأهل والأصدقاء، أما الآن لن تكون هناك مراسم وحتى العيد نفسه سيكون مختلفا هذا العام''.
وخرج آلاف السودانيين إلى الشوارع غالبهم من مناطق فقيرة في الخرطوم في 23 أيلول(سبتمبر) الماضي عقب تخفيض الحكومة دعمها على المحروقات، وطالبت التظاهرات التي تحاكي ما حدث في بلدان ''الربيع العربي'' بإسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير الذي يحكم البلاد منذ 24 عاما في أسوأ اضطرابات يواجهها في مناطق حضرية منذ توليه السلطة.
وفيما تؤكد منظمة العفو الدولية أن قوات الأمن الحكومي قتلت أكثر من 200 من المتظاهرين غالبهم بإطلاق النار على رؤوسهم وأعناقهم، تؤكد السلطات أن عدد القتلى يتراوح بين 60 و70 شخصا، مشددة على أنها تدخلت بعد أن تحولت الاحتجاجات لأعمال عنف، وخلال التظاهرات، تمت مهاجمة محطات لخدمة الوقود ومراكز للشرطة.
وبرفع الحكومة جزءا من الدعم عن المنتجات البترولية بما فيها غاز الطبخ ارتفعت أسعار هذه المواد بنسبة نحو 60 في المائة، وقد صرح رئيس الدولة عمر البشير بأن هذه القرارات الاقتصادية اتخذت لمنع الاقتصاد من الانهيار بعد ارتفاع معدلات التضخم وعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية.
وأكدت حنان جادين التي تبيع الشاي على قارعة الطريق في الجزء الجنوبي من الخرطوم: ''نواجه أوقاتا صعبة خاصة أننا في مناسبة العيد نشتري الكثير من الأشياء''.
وأضافت: ''لكن مع ارتفاع الأسعار وكل الأشياء ارتفعت أسعارها لا أعتقد أن العيد سيكون مثل الأعياد السابقة. صحيح فقدنا العديد من الشباب في المظاهرات الأخيرة ونحن حزينون عليهم لكن حزننا أيضا لأننا لا نستطيع توفير احتياجات أطفالنا''.
وسيذبح الذين يمتلكون المقدرة المالية أضحية، ويبلغ سعر الأضحية نحو ألف جنيه سوداني (نحو 130 دولارا)، وهو مبلغ لا يستطيع كثيرون تأمينه.
وارتفع سعر كيلو اللحم البقري في السوق إلى 43 جنيها مقابل 32 جنيها قبل شهر، وزاد سعر كيلو البطاطس بنسبة 50 في المائة.
من جهته، أكد كاتب يعمل حرا: ''أكون محظوظا عندما أحصل في اليوم على 10 جنيهات للإنفاق على زوجتي واثنين من الأبناء. طعامنا في الغالب هو الفول وأصناف من البقوليات. نحتاج لنحو 80 جنيها يوميا لتوفير أشياء ضرورية مثل السكر وزيت الطعام وربما كمية قليلة من اللحم، مؤكدا أنه يتطلع للمساعدة من منظمات دولية''.
وللتخفيف من وطأة رفع الدعم عن المنتجات البترولية أكدت الحكومة أن 700 ألف أسرة ستتلقى دعما شهريا قدره 150 جنيها سودانيا، كما قامت بخطوات أخرى منها رفع الحد الأدنى الشهري للأجور في الخدمة المدنية من 300 جنيه إلى 425 جنيها.
ويشير عصام محمد حسن (47 عاما) الذي يعمل في شركة خاصة إلى أن الوضع الاقتصادي سيجبر العائلات على وقف الكثير من نفقاتها، موضحا أنه اضطر لإلغاء رحلة كان متعوداً على القيام بها كل عيد أضحى إلى المنطقة التى تقطنها عائلته، لأنه ليس لديه مال لتغطيتها، لكنه رأى في الوقت نفسه أن القتل في المظاهرات انعكس على أجواء العيد، معتبرا أن هذا العيد سيكون مختلفا تماما عن سابقيه.
ويعتقد حمدان موسى الذي يعمل ميكانيكي سيارات أن مقتل ابن صديقه في التظاهرات الأخيرة غيّر كل شيء، فقد اعتاد طوال حياته على تبادل الزيارات مع أسرة صديقه في العيد، لكننا سنذهب إلى منزلهم هذه المرة والوضع سيكون مختلفاً والأجواء يسودها الحزن والألم.