الاستثمارات الخاصة تقود النمو في الشرق الأوسط وإفريقيا
بعد ما يقرب من ثلاث سنوات على بداية انتفاضات الربيع العربي لا تزال دول مختلفة تواجه نفس المشكلات الاقتصادية، التي أغضبت الشباب من ذي قبل، وما زال التحدي الأكبر يتمثل في توفير فرص العمل.
ووفقاً لـ ''الألمانية''، فقد سجل معدل البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 25 في المائة في العام الماضي، متجاوزا بذلك كل المناطق في العالم.
ويشدد مؤيد مخلوف المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أن الدول العربية تحتاج إلى البدء في تقديم حوافز للقطاع الخاص حتى تستطيع التغلب على هذه المشكلة. وأكد مخلوف أنه إذا أرادت حكومة ما تعزيز النمو الاقتصادي فعليها أن تفعل ذلك بالتعاون مع مستثمري القطاع الخاص، فالحكومة لا تستطيع أن تفعل ذلك وحدها.
وذكر مخلوف أن مؤسسة التمويل الدولية، ذراع البنك الدولي المعني بالقطاع الخاص، تعتبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة واحدة من الحلول الرئيسية لدفع النمو وتوفير فرص العمل في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا القطاع لا يزال يواجه الكثير من التحديات حتى بعد ثورات2011.
وأضاف ''لا تزال الفجوة هناك، وإذا كان هناك شيء تغير على مدى الأعوام القليلة الماضية فهو تصدر المشاريع الصغيرة والمتوسطة لجداول أعمال الحكومات، لقد أدركوا أن خلق فرص العمل الجديدة المطلوبة تحتاج للعمل حول المشاريع الصغيرة والمتوسطة. ومن أجل القيام بذلك، يتعين على الحكومات أن توفر لهم التمويل''. وأكد مخلوف أنه نظرا لأن الخدمات المالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ما زالت مقيدة فإن مؤسسة التمويل الدولية تقوم بالاستثمار وتقديم المشورة للبنوك لتوفير الآلية اللازمة لتمويل صغار المستثمرين في العديد من البلدان، بما في ذلك مصر والسعودية ولبنان، منوهاً بضرورة أن يدرك المصرفيون أن إقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو عمل مربح.
ووفقا لأحدث تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، فإن النظرة المستقبلية الشاملة لاقتصادات البلدان المصدرة للنفط إيجابية، وقد حققت القطاعات غير النفطية، التي تعتبر مقياسا أفضل للنشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل نموا قويا بلغ نحو 3.5 في المائة خلال العام الجاري.
أما بالنسبة للبلدان المستوردة للنفط، التي تعاني في الغالب ارتفاع معدل البطالة وتحدوها آمال تحسين مستويات المعيشة في أعقاب انتفاضات الربيع العربي، فلم تكن توقعات النمو جيدة بالدرجة الكافية لمواجهة هذه المشاكل.
ويعتقد صندوق النقد الدولي أنه يتعين على تلك الحكومات اتخاذ تدابير فورية، مثل إصلاح مناخ الأعمال وإنشاء بنية تحتية، لمساعدة القطاع الخاص على التعافي فيما يجري العمل على استعادة الثقة والاستقرار السياسي.
وردد مخلوف النصيحة ذاتها بالنسبة لمصر قائلا إنه ''يتعين على الحكومة تطبيق المزيد من الشفافية وتوفير بيئة صديقة للاستثمار، وعندما تضع المعايير السليمة لإقامة مشروعات فثق بأن المستثمرين سيأتون. لقد جاءوا من قبل وعلى الأرجح سيأتون مجددا''.
وعلى الرغم من أن الإضطرابات دفعت الكثير من المستثمرين إلى الإنصراف بعيدا أو تسببت في عرقلة بدء مشاريع جديدة، يمكن أن تساعد استثمارات القطاع الخاص من دول الخليج الغنية بالنفط الدول المجاورة لها الأقل حظا وهي تواجه القلاقل الاجتماعية والسياسية الجارية.
ويشير مخلوف إلى أن هذه الدول النفطية بالتأكيد يمكنها المساعدة، حيث إن لديها المال، والقدرة والمعرفة في مجالات معينة، ويمكن أن ينقلوا نشاطهم إلى البلدان الصاعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضاف مخلوف أن ''الكثير من المستثمرين في الخليج وصل إلى حجم وقدرة معينة يتيحان لهم التوسع خارج السوق المحلي. لقد رأيت ذلك في مجال تجارة التجزئة والأسمنت والفنادق. إنهم مستثمرون محنكون ينظرون إلى ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفي مناطق أبعد منها. لقد فعلوا ذلك بشكل جيد للغاية في المنطقة''.
ويسرت مؤسسة التمويل الدولية استثمارات وتجارة تقدر بنحو 5.3 مليار دولار منذ عام 2003 من خلال برنامجها للاستثمار، فيما بين بلدان الجنوب، لدعم المستثمرين وتوجيه الاستثمارات إلى قطاعات يميل المستثمرون التقليديون الأجانب إلى تجنبها، والتزمت المؤسسة باستثمارات بنحو ثلاثة مليارات دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام المالي 2013، بما في ذلك 914 مليون دولار تم جمعها من مستثمرين آخرين.
ويقول مخلوف إن هذه استراتيجية كنا نعكف على بنائها منذ فترة لربط المستثمرين الخليجيين مع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأقل نموا، مشدداً على أن هناك فرصا غير مستغلة في كثير من القطاعات على الرغم من التحولات السياسية المحلية والمشاكل الاقتصادية العالمية، التي ما زالت تقيد الاستثمارات في المنطقة، ولا تزال منطقتا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاجان إلى كثير من الاستثمارات في كثير من المجالات، ولا تزال أمامنا فرصة للنمو.