ترحيب حذر تجاه إصدار بريطانيا صكوكاً إسلامية

ترحيب حذر تجاه إصدار بريطانيا صكوكاً إسلامية

داخل أروقة المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي المنعقد في العاصمة البريطانية لندن تتفاعل بين المشاركين قراءات وتحليلات حول ما أعلنه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، من أن بلاده تعتزم إصدار صكوك إسلامية مع بداية العام المقبل، كما ستطلق مؤشرا إسلاميا في بورصتها.
أغلب ردود الفعل بدت حذرة بشأن الخطوة التي أقدم عليها كاميرون، حيث تعتبر لندن مركزاً مالياً عالمياً ورئيسياً، كما أن إقرار صناع القرار السياسي والاقتصادي في المملكة المتحدة "بالاقتصاد الإسلامي" يعد خطوة كبيرة تساعد المعاملات الإسلامية على أن تتحول تدريجيا إلى أن تصبح أحد الأحجار الأساسية في المنظومة الاقتصادية العالمية. وصرح لـ"الاقتصادية" ديفيد جيل أحد نواب الرئيس التنفيذي لبورصة لندن وهو ضمن المجموعة الموكل لها وضع أسس المؤشر الإسلامي، الذي ستتبناه بورصة لندن وواحد من المشاركين في المنتدى بالقول إنه "في العالم الإسلامي هناك العديد من الفرص، التي توجدها الحكومات للأجيال الشابة، وهناك تأكيد على التمويل الإسلامي في عديد من هذه الفرص، ونتوقع أن تبلغ قيمة أعمال الصيرفة الإسلامية 1.3 تريليون جنيه استرليني العام المقبل، مع الأخذ في الاعتبار أن نموها يتراوح بين 15-20 في المائة سنويا، ومن ثم فإن الأمر لا يتعلق أبدا بجوانب سياسية أو دينية، الأمر مرتبط بفرص اقتصادية رائعة في العالم الإسلامي وعلى بريطانيا أن تستغلها إلى أقصى حد".
وتخطط وزارة المالية البريطانية لإطلاق صكوك إسلامية بقيمة 322 مليون دولار في 2014، وتعول على أن يساعد قبول النظام الاقتصادي البريطاني على إنعاش قطاعات اقتصادية محددة، وفي مقدمتها قطاع العقارات، الذي يعد أحد القطاعات الاقتصادية، التي غالبا ما يستثمر فيها رجال الأعمال والمستثمرون المسلمون الراغبون في الاستثمار في لندن.
لكن مراد عبد القادر أحد أعضاء الوفد الجزائري المشارك في المؤتمر يؤكد أن إدخال الاستثمار والصكوك الإسلامية كجزء ولو بسيطا في الوقت الحالي في الاقتصاد البريطاني، سيؤدي لتوسيع أفق الاستثمار الإسلامي في المملكة المتحدة بحيث سيتجاوز حتما العقارات ليطول أيضا البنية الأساسية، والتكنولوجيا والصحة، وحتما التعليم.
وحول الفائدة التي سيجنيها الاقتصاد البريطاني من توسيع نطاق المعاملات الإسلامية فيه يجيب آدم نيكلسون، وهو باحث اقتصادي اعتنق الإسلام أخيراً بأنه كلما اتسع نطاق تعامل اقتصاد المملكة المتحدة بالقيم والمعايير الاقتصادية الإسلامية زادت إمكانية الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأوضح آدم لـ "الاقتصادية" أن الاقتصاد الإسلامي يعتمد على القيم والمعاملات الاقتصادية الحقيقية، وقوتك في الاقتصاد الإسلامي تعتمد على ما لدى المجتمع أو الدولة من أصول أو ثروات ملموسة وليست ورقية، ومن ثم فالأساس في الاستثمار الإسلامي هو المشاركة ولا يوجد فيه القيم الربوية التي أنهكت الاقتصاد الغربي.
إلا أن ترحيب المشاركين في المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي بخطوات رئيس الوزراء البريطاني بإطلاق مؤشر إسلامي في بورصة لندن، وإصدار صكوك إسلامية لم يمنع البعض من طرح تساؤلات نقدية حول ما هي الجوانب السلبية لتلك الخطوة على العالم الإسلامي.
ويعلق أحد أعضاء الوفد الماليزي المشاركين لـ "الاقتصادية" رافضا الإفصاح عن اسمه قائلا: إن الاقتصاد الإسلامي، سواء استثمارات مباشرة أو صكوكاً يحقق أرباحاً ضخمة تعود بالفائدة على المجتمعات الإسلامية ومراكز هذا النوع من الاستثمار هي ماليزيا وإندونيسيا ودبي والسعودية.
وأشار إلى أن دخول بريطانيا هذا المجال بقوة، ومع امتلاكها لأنظمة مالية متطورة وحديثة، لن يجعلها فقط أحد المراكز الرئيسية للاستثمار والصكوك الإسلامية، بل يمكن من خلال عدد محدود من السنوات أن تصبح المركز الرئيسي للاستثمارات والصكوك الإسلامية، ولهذا أعتقد أن إقدام بريطانيا على هذا الأمر يجب التعامل معه بحذر وروية شديدة، ففي نهاية المطاف بريطانيا لها خبرات مالية تتجاوز 4 قرون، بينما معظم البلدان التي تتعامل بالصكوك الإسلامية لا تتجاوز خبرتها المالية هذه العقود الأربعة.

الأكثر قراءة