«القاعدة» تقود موجة ارتفاعات تاريخية للإرهاب
قبل أيام نشرت قناة CNN الأمريكية تقريراً حصلت عليه بشكل حصري، يفيد بأن عدد الهجمات أو النشاطات المرتبطة بأعمال الإرهاب حول العالم ارتفع عام 2012 بشكل لافت، ورصد التقرير سبعة تنظيمات أساسية مسؤولة عن معظم الهجمات، بينها ستة مرتبطة مباشرة بتنظيم القاعدة.
وبحسب التقرير الذي أعده ''الائتلاف الوطني لدراسات الإرهاب ومكافحة النشاطات الإرهابية'' الأمريكي فقد شهد العالم خلال 2012 أكثر من 8500 عملية إرهابية، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 15500 شخص، وتركزت الهجمات في إفريقيا وآسيا ودول الشرق الأوسط.
في الفترة السابقة لما اصطلح عليه ''الربيع العربي'' كان تنظيم القاعدة أشبه ما يكون في حالة موت سريري، منحصراً وجوده في أفغانستان، باكستان، اليمن، والصومال. ولكن ''الربيع العربي'' الذي ترك خلفه فوضى عارمة في دول الحراك الشعبي، أتاح لتنظيم القاعدة إعادة تموضعه ''السياسي'' على خريطة الشرق الأوسط.
#2#
الملمح الأبرز مع قرب نهاية العام الثالث لـ''الربيع العربي'' هو ظهور تحول جديد على خطاب القاعدة الإعلامي، تبدّى بوضوح في ممارسته ''الدعاية السياسية'' من خلال قيادات التنظيم أو نشراته الإعلامية المتنوعة من خلال ذراعه الفنية ''الملاحم للإنتاج الإعلامي'' ، أو حتى من خلال مجلته الإلكترونية الصادرة باللغة الإنجليزية ''إنسباير'' أو ''إلهام'' التي بدأ صدورها في عام 2010 ثم توقفت بعد مقتل المشرفين عليها (أنور العولقي وسمير خان) المولودين في أمريكا، ثم عادت للصدور في عام 2013، بمحتوى يحمل رسائل سياسية تتعلق بـ''الربيع العربي''، سنأتي على ذكر مقتطفات منها في سياق آخر من هذا التقرير.
وبالعودة إلى رصد ملامح ''الدعاية السياسية'' في سلوك ''القاعدة'' الإعلامي أخيراً، يُلاحظ أيضاً تنوع القوالب الدعائية. فنشرت وكالة الأنباء الفرنسية في ذكرى ''الثورات العربية'' عن زوجة زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، تهنئتها ''النساء المسلمات في الثورات التي تجتاح العالم العربي''.
وتزيد أميمة خميس، زوجة الظواهري، في رسالتها للأمهات المسلمات تربية أبنائهن على ''حب الجهاد وحب الموت في سبيل الله''. خطاب ''السيدة الأولى للتنظيم'' كانت توازيه رسائل أكثر جدية من الرجل الأول في التنظيم وبعض قيادات الصف الأول.
السؤال الذي تبادر لأذهان الباحثين والمتخصصين في سلوك ''القاعدة''، هو لماذا تأخرت ''القاعدة'' في التعليق على أحداث الربيع العربي ما يقرب الشهر قبل إصدار أول البيانات من القيادة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؟ بعض الإجابة لدى '' دونالد هولبروك'' المتخصص في بحث الخطاب الإسلامي المتشدد، والباحث في مركز دراسة الإرهاب والعنف السياسي بجامعة سانت أندروز، الذي نشر في ديسمبر 2012 مقالاً تحليلياً بعنوان (موقف ''القاعدة'' من الربيع العربي) في دورية ''وجهات نظر حول ''القاعدة'''' الصادرة عن ''مبادرة بحوث الإرهاب''.
#3#
يرى هولبروك أنه بدت الأفكار الموجهة إلى العديد من الأنشطة في بلدان الربيع العربي، والعنصر الأساسي للتنمية السياسية التي تلت الثورات السلمية، متناقضة مع القيم الأساسية لعقيدة ''القاعدة''، ويرتبط ذلك خاصةً بأهمية الديمقراطية وشعارات الوطنية التي تعتبر ركيزة الاهتمام في الخطاب الأكاديمي والصحافي المعني بالأحداث، وهذا كله يعتبر أموراً محظورة في فكر ''القاعدة''''.
ويزيد ضمن تحليلات أخرى حوتها مقالته التحليلية ''الجدلية الأساسية للقاعدة، تقوم على فرضية مفادها أن الفساد والدعم الغربي للنظم السياسية الحاكمة يمكن تغييره فقط من خلال استخدام الجهاد العنيف وشن الهجمات الإرهابية لتحقيق مصلحة الأمة، لكن حدث التغيير في كل من تونس ومصر وليبيا دون أي مشاركة حقيقية لتنظيم القاعدة''.
لكنه يخلص إلى أن تنظيم القاعدة اعتاد التأخر في إظهار موقفه من الأحداث العالمية التي يملك فيها وجهة نظر، ويضرب مثالاً بتأخرهم في إدانة الرسوم المسيئة للرسول أكثر من ستة أشهر.
هذا الصمت انكسر أولاً من خلال بيانات أصدرتها مؤسسة ''سحاب للإنتاج الإعلامي'' التابعة للقاعدة بدورها، تحت مسمى ''رسالة الأمل والبُشرى لإخواننا المسلمين في مصر وتونس''.
وكان أسامة بن لادن قد سجل قبل مقتله مقطعاً يتحدث فيه عن ''الثورات في تونس ومصر'' نشر بعد مقتله بثلاثة أسابيع. قدم فيه نفسه وتنظيم القاعدة في لغة متعالية على أنهم أوصياء على هذه الثورات وأنهم مفجروها الحقيقيون. مقترحاً في حديثه ''غرف عمليات من قبل المصلحين وأولي النُّهى لحماية الثورة من الانحراف عن مسارها''. منبهاً إلى أن ''الفشل في اغتنام هذه الفرصة وتحقيق العدالة بعد الثورة أكبر خطيئة''.
وفي نسق مماثل سار من بعده أيمن الظواهري، الذي صرح مرة في أحد تسجيلاته ''إخوتي في الإسلام في مصر، لقد تمت الإطاحة بالحاكم الفاسد، لكن الحكم الفاسد ما زال قائماً، ليست الغاية المنشودة الوصول إلى السلطة بحكومة حرة وقوية أو أخرى ضعيفة ومقيدة، لكن الهدف أن يكون الحكم بالإسلام، فإضاعة الجهود من خلال الوصول إلى السلطة دون أن يكون الحكم إسلامياً يعتبر كارثة، والكارثة الأكبر هي تولي السلطة والحكم بعد ذلك بأي شيء آخر غير الإسلام'' مضمراً ضمنياً رفضه المعايير الديمقراطية التي كانت تُرفع شعاراتها في ميدان التحرير.
ربما ذلك ما يفسر بداية توافد الأعلام السوداء التي تمثل شعار ''القاعدة'' في الاعتصامات الاحتجاجية التي عمت كل ''دول الربيع'' بلا استثناء. خصوصاً مع حالة الانفلات الأمني التي عمت تلك الدول. بل إن فصيلا من ''القاعدة'' شارك في عملية إسقاط معمر القذافي في ليبيا، وكان لافتاً للمراقبين قبول الفصائل التي تدين للقاعدة بالولاء الفكري، القتال بجانب حلف الناتو وأمريكا ''دول الكفر''.
يقول الكاتب والباحث المتخصص في الحركات الأصولية يوسف الديني لـ''الاقتصادية'': ''المتنبئون بزوال شبح ''القاعدة'' يشبهون عددا من الحالمين في ملفات أخرى، كالمؤمنين بنبوءات نهاية العالم أو سقوط وانهيار الولايات المتحدة، ولذلك فإن غياب تنظيمات التطرف المسلح وعلى رأسها ''القاعدة'' عن المشهد منذ اندلاع الثورات، يعود إلى أسباب تتصل باستراتيجية التنظيم في تعامله مع الأزمات الكبرى التي لا يكون هو فيها الطرف الفاعل وهو الدخول في حالة ''الكمون'' وبدء مرحلة إعادة البناء في هذه الأوقات الذهبية بالنسبة للتنظيم الخارج عن حسابات السياسة وتعقيداتها اليومية، التنظيم بالمجمل يجرّم كما في أدبياته العملية الانتخابية وتوابعها كجزء من حربه لمفهوم الدولة بالمعنى الحديث، الدولة القُطريّة التي فرقّت الأمة وهدمت الخلافة وأسقطت هيبتها، لكنه يقف في حال دخول طرف محسوب على الإسلاميين في دعمه ولو على حساب الخلافات بينه وبين الفصائل السياسية التي وصلت للحكم، فهو خلاف في التفاصيل وآليات العمل والبرامج لكنه اتفاق عام في الأهداف ''الحاكمية، الخلافة، وكل منمنمات البناء التقليدي للإسلام السياسي''.
ليبيا كانت بداية عودة نجم تنظيم القاعدة إلى نشرات الأخبار العالمية وظهوره خارج حدوده ما قبل ''الربيع العربي''، ولكنه هذه المرة ليس منبوذاً، بل منخرط ضمن حشود فصائل وحركات ''الإسلام السياسي'' الأخرى من ''إخوان مسلمين'' و''سلفية جهادية''.
تنظيم القاعدة الذي كان تحت وطأة التحجيم الأمني والعزل الاجتماعي، وجد نفسه بعد ''الثورات'' لا يتنفس الصعداء فقط، بل ولا يجد غربة اجتماعية، وبدا للحظات يستشعر أنه جزء من حشود، حتى لو كانت لا تعترف به ولكنه على الأقل قادر على إسقاط أوهامه السياسية عليها، لكنه لم يستطع مقاومة فرصة إصلاح ''هندامه'' السياسي أمام هذه الحشود التي تشاركه الرغبة ولكنها قد تختلف معه في الطريقة.
أصدر ''عبد الله محمد'' الذي يقدمه المتعاطفون مع ''القاعدة'' على أنه أحد المحللين الاستراتيجيين لتنظيم القاعدة، منشوراً بعنوان ''الجَمع القيِّم لسلسلة المذكرة الاستراتيجية'' صادر عن مؤسسة ''المأسدة الإعلامية''.
يشير محمد صراحة إلى أهمية استغلال ''الوضع الأمني المضطرب'' نتيجة الثورات، ويحث على محاولة إيضاح الصورة الحقيقية للقاعدة لدى ''عموم الجماهير'' خصوصاً ما يتعلق باستهدافهم المدنيين الأبرياء وقتل المسلمين.
يقول الكاتب ''القاعدي'': ''منذ أن قادنا الوضع إلى تحالفات يمكن أن تُمثِّل لنا نفعاً خلال المرحلة المقبلة، تساءلت منذ اندلاع ثورات الربيع العربي إذا كانت تعتبر خيراً لنا هل نستمر تحت مسمى القاعدة أم أن المرحلة المقبلة تتطلب اسماً جديداً؟ وجاء الجواب من ''القاعدة'' في شبه الجزيرة العربية عندما دخلت في تحالفات قبلية وغيرت اسمها إلى جماعة ''أنصار الشريعة'' لكي تتأقلم وتنتفع من الظروف الجديدة. وفي سبيل أي توسيع نبتغي تحقيقه، يجب علينا أن نتخلى عن أي رداء يمكن أن يرتديه آخرون. وإذا لم نرد أن نتجنب الحقيقة، من الضروري أن نعلم أن هذا المسمى قد شوه بحملات تضليل غير مسبوقة طيلة هذه السنوات بجانب ما حققته من مكاسب وتأييد في الشارع الإسلامي، ولكيلا نقامر بفرص نجاحنا في المرحلة المقبلة بسبب وجود أفكار قديمة في عقول البعض، ولكي نقطع السبل أمام من يريد أن يستغل هذه الأفكار القديمة لإبعاد جماهير الناس عنا، من الضروري أن ندخل هذه المرحلة تحت اسم جديد شامل''.
تلك كانت بعض زوايا المشهد السياسي الذي يعد نفسه له تنظيم القاعدة بداية ''الربيع العربي''، ويعيد تموضعه فيه ليس كفصيل إرهابي مسلح، بل كشريك سياسي يملك رؤيته للمستقبل، ومستعد لعقد الشراكات ''السياسية'' أيضاً.
«القاعدة» بعد 3 أعوام
من الربيع العربي
بينما كانت فرنسا تشن حرباً على تنظيم القاعدة في دولة ''مالي'' الإفريقية لتصفية قياداته المطلوبين عالمياً على قوائم الإرهاب. كان جهاز مكافحة التجسس البريطاني (إم آي 5) يحذر من ''أن تتحول الدول العربية التي شهدت انتفاضات الربيع العربي إلى أرض خصبة لتجنيد وتدريب شبان من الغرب من قبل تنظيم القاعدة الذي يعتقد الأمريكيون أنه ينسق الجهود مع حركات ''متطرفة'' في إفريقيا''.
وقال جونثان إيفانز في حينه ''اليوم عادت أجزاء من العالم العربي لتصبح بيئة صالحة للقاعدة''، لافتاً إلى أن مجموعة من ''الجهاديين البريطانيين يشقون طريقهم إلى دول عربية للحصول على التدريب وعلى فرص للقيام بنشاط عسكري مثلما يفعلون في الصومال واليمن ليعود بعضهم إلى بريطانيا ويشكل خطرا عليها''.
لاحقاً، نشر موقع ''بي بي سي'' البريطاني الناطق باللغة العربية خبراً يفيد بإصدار الشرطة الدولية ''الإنتربول'' تحذيراً من وجود مخاطر كبيرة بوقوع هجمات إرهابية بعد هروب مئات المعتقلين من سجون العراق وباكستان وليبيا.
حيث هرب نحو 248 سجيناً من سجن في شمال غرب باكستان في آخر عملية لتهريب السجناء التي يعتقد أن عناصر من ''القاعدة'' نفذتها. واستخدمت عناصر ''القاعدة'' الأسلحة الأوتوماتيكية والقنابل لتدمير جدران سجن في ديرا إسماعيل خان في 30 تموز (يوليو)، وقتل خلال هذه العملية 13 شخصاً منهم ستة من عناصر الشرطة. وقالت السلطات الباكستانية في حينه إن ''30 من السجناء الفارين متورطون في تنظيم عمليات انتحارية والعديد من الاعتداءات الخطيرة''.
وفي العراق، هرب العديد من السجناء من سجنين في العراق، الأول: أبو غريب الذي يقع في شرق بغداد والثاني سجن التاجي شمال بغداد في 22 يوليو الماضي. وقبيل هروب السجناء، نشب قتال عنيف بين القوى الأمنية وعناصر من ''القاعدة''، مما أدى إلى مقتل 20 من العناصر الموكلة بحماية السجن. كما هرب نحو 1200 سجين من سجن ليبي في بنغازي بعد نحو خمسة أيام من عملية هروب السجناء من سجنين في العراق.
وهو ما رآه في حينه أحمد الجربا، رئيس الائتلاف السوري المعارض تواطؤاً وتورطاً لحكومة نوري المالكي الحاكمة في العراق، التي تتناغم كلياً مع السياسة الإيرانية في المنطقة، وتدعم بقاء نظام بشار الأسد. وهو ما نفاه أحد مستشاري المالكي لاحقاً.
هذه العودة المتصاعدة إلى تنظيم القاعدة، والهروب المتكرر من السجون في بلدان الربيع العربي، وخارج هذه البلدان، يعبر بوضوح عن بحثها مرة أخرى عن موطئ قدم في كل هذه الأراضي التي تعاني اضطراباً أمنياً، بل إن بعض أذرع تنظيم القاعدة في الشمال الإفريقي، التي أصبحت تعيش حالة ازدهار في الوجود المسلح كما هو الحال في ليبيا وتونس.وتشير بعض التقارير الغربية إلى أن نسبة 30 في المائة من المقاتلين المنتمين لتنظيم القاعدة في سورية هم من المغرب العربي، ما يعني احتمالية عودتهم بمهارات وقدرات قتالية جديدة اكتسبوها من أرض المعركة هناك.
وبالعودة إلى الكاتب يوسف الديني يشير إلى أن ''منطق ''القاعدة'' بعد الثورات كان منحازاً سياسياً أكثر من كونه ممثلاً أميناً لفكر التنظيم، ولعل ثقة ''القاعدة'' بنفسها تجلّت في النجاحات المتتالية لها في إقامة مجموعاتها الصغيرة سريعة النمو في البلدان التي فشلت في استثمار الثورات لمصلحة بناء الدولة، الأمر يحدث بكثافة نوعية في اليمن وليبيا وشمال إفريقيا وبنسب أقل في تونس وسورية. والأكيد أن قوة ''القاعدة'' في أفكارها العابرة للقارات التي تصل إلى شرائح جديدة كل يوم بسبب تفاقم الأزمات على مستوى الهوّية والانتماء في ظل الاضطرابات السياسية، فيما تتحكّم العوامل الاقتصادية وحالة التهميش الاجتماعي لمسلمي أوروبا في تبني خيار ''القاعدة'' ولو بشكل تدريجي وبين مجموعات وفئات سِنية معينة''.
هذه النشوة ''القاعدية'' في الشمال الإفريقي تحديداً، باتت تهدد دولا مستقرة وتنعم بتنمية مستمرة، مثل المملكة المغربية. حيث أصدر ''تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' شريطاً وجه فيه نقداً لاذعاً للنظام المغربي.
يفسره مصباح معتوق، في ورقة تحليلية نشرتها ''مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي'' بأن هناك ملامح تغير في الخطاب السياسي للتنظيم أخيرا ''ما يثير الانتباه في هذا الشريط المعنون بـ''المغرب: مملكة الفساد والاستبداد'' والذي تبلغ مدّته 41 دقيقة، هو التطور الكبير على مستوى إخراجه الفني والتقني، بل مضمونه أيضاً - وهي ملاحظة تنسحب على عدد من أشرطة ''القاعدة'' الصادرة أخيرا - حيث تضمن تحليلاً سياسياً دقيقاً معتمداً على مقاطع من وثائق ويكيلكس ومن كتاب ''الملك المفترس'' الذي تحدث عن استشراء الفساد داخل القصر الملكي. هذا إضافة إلى مقاطع من تقارير إخبارية نشرتها قناة الجزيرة وغيرها تسير في المنحى نفسه. كما دعم الشريط تحليلاته بتصريحات لمثقفين محسوبين على تيار الإخوان المسلمين، على غرار المثقف الكويتي عبد الله النفيسي في الدقيقة الـ 14، الذي انتقد تركيز السلطة والثروة في يد الأقلية الحاكمة. كما أن الشريط ركّز بشكل كبير على الرموز المعروفة في تاريخ شمال إفريقيا والأندلس مثل يوسف بن تاشفين وطارق بن زياد بدل الرموز المشرقية، وفيها دلالة على التوجه المحلي للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عوضاً عن التوجه الدولي أو الإقليمي التقليدي الذي سعى التنظيم سابقاً إلى التركيز عليه، على غرار النزاع العربي-الإسرائيلي والحرب في كل من أفغانستان والعراق''.
رغم أن صعود ''نجم الإسلام السياسي'' في بداية الربيع العربي أثار تساؤلاً حول مدى تأثير ذلك على النهج السياسي المسلح الذي تنتهجه ''القاعدة''، إلا أن الباحث الطيب الميموني في حديثه لـ''الاقتصادية'' رأى أن '' السؤال يجب أن يكون: إلى أي مدى أفاد سقوط الإخوان المسلمين وسقوط نجم ''الإسلام السياسي'' التنظيمات الأصولية التي تؤمن بالعنف المسلح مثل ''القاعدة''؟ لأن هذا الفكر يعارض السياسة ولا يرى جدوى منها، فسقوط الإسلام السياسي يعزز موقفهم ضد الإسلاميين الآخرين وقد يساعدهم في نشر نظريتهم التي تؤمن بالسلاح كحل وحيد لتغيير الوضع''.
إذا كانت الموجة الثالثة من ''الربيع العربي'' تشهد تراجعا واضحاً في مستوى الحماس لـ''الإسلام السياسي'' متمثلاً في ''الإخوان المسلمين''، فإن الموجة الرابعة لـ''الربيع'' ذاته يُخشى كونها ذات نكهة ''قاعدية'' بامتياز، خصوصاً مع إعادة تموضعها من المشرق العربي إلى مغربه، وحالة الانفلات الأمني الذي تعانيه بلاد ''الثورات''.