مفاوضات منظمة التجارة على «حد السكين»
اعترف روبرتو آزفيدو المدير العام لمنظمة التجارة العاليمة باستمرار الخلافات بين الدول الـ159 الأعضاء في المنظمة، خاصة حول الاتفاقية الزراعية، وذلك قبل ثلاثة أسابيع فقط من افتتاح مؤتمر بالي. وناشد أزيفيدو، الدول الأعضاء قائلاً: عملنا بمشقة على مدار الساعة، جميعنا خسرنا العديد من عُطل نهاية الأسبوع، جميعنا فقدنا ساعات من النوم، لكن ليس أمامنا الآن سوى مضاعفة الجهد للتوصل إلى اتفاق. وأضاف في كلمة له أثناء اجتماع لجنة المفاوضات التجارية أمس أن مخاطر الفشل ما زالت قائمة، لكن على الرغم من جبال الجليد الخطيرة التي ما زالت تقف في الطريق، إلا أنَّ هذه السفينة يمكن أن تنجح في العبور.
وجاء هذا الاجتماع بناء على وعدٍ قطعه المدير العام للمنظمة في اجتماع غير رسمي لما يُسمى بـ ''لقاءات رؤساء الوفود'' في 1 تشرين الثاني (نوفمبر) تعهد فيه أن يُقدِّم تقريرا اليوم يتضمن تقييمه ما إذا كانت ''حزمة بالي'' قابلة للتحقيق.
وأشار إلى ''حصول تقدم في الأيام الأخيرة، لكن بعض النقاط لا تزال تفتقر إلى توافق في الآراء''. وقال: ''هذا أمرٌ مخيب للآمال جداً، في هذه اللحظة بالذات لم نتوصل إلى اتفاق، وأن خطر الفشل لا يزال قائماً، لكن لدي شعور بأن الدول الأعضاء ترغب في مواصلة المحاولة، في الواقع نحن قريبون جداً من النجاح إلى حد لا يُمكننا أن نقبل الفشل''. وأوضح أنه ينبغي علينا أن نضاعف جهودنا بتشجيع البلدان على بذل أقصى المحاولات للتوفيق بين وجهات النظر المختلفة خلال الأيام القليلة المقبلة، الأمر ببساطة الآن كل شيء أو لا شيء. وعلمت ''الاقتصادية'' أنَّ المجلس العام للمنظمة، ثاني أعلى سلطة تنفيذية بعد المؤتمر الوزاري، سيعقد اجتماعاً حاسماً في جنيف 21 من الشهر الجاري وسيكون بمثابة الموعد النهائي لإمكانية إرسال نصوص المعاهدات المعاهدات التي يتم التفاوض عليها إلى المؤتمر الوزاري في بالي الذي سينعقد في الفترة من 3 إلى 4 كانون الأول (ديسمبر).
ويعمل المتفاوضون حالياً على ثلاثة ملفات وهي، تيسير التجارة، والتنمية، والزراعة.
وحول ''تيسير التجارة''، تم التغلب على عقبة مهمة جداً في عطلة نهاية الأسبوع يوم الأحد الماضي عندما أغلقت المنظمة النص المتعلق بقسم ''التعاون الجمركي''، ليتم بذلك إنجاز ''جوهر اتفاق'' حول جانب رئيس من هذه الاتفاقية التي توحد وتُسهل الأنظمة والإجراءات الجمركية في كل الدول الأعضاء، بما في ذلك لون الاستمارات التي تستخدمها الهيئات الجمركية.
وفي القسم الأول من نص تيسير التجارة ما زالت المفاوضات قائمة، والحلول ليست واضحة حتى الآن، أما ''القسم الثاني'' فيمثل ''أكبر جبل جليدي في طريق سفينة المنظمة''، حسب تعبير آزفيدو. وفي التقرير الذي رفعه المدير العام للمنظمة إلى المجلس العام، أفاد آزفيدو بأن هناك تقاربا في المفاهيم، ونحن نسعى إلى تحويل تلك المفاهيم إلى عبارات مكتوبة في النص، لكن المشكلة تكمن في خلافات حول صياغة مصطلحات معينة وتركيبات الجُمل. حول اتفاقية التنمية التي تمنح الدول الأعضاء الأقل نمواً مزايا وفترات سماح، ومُهلا قبل تنفيذ التزاماتها، أكد آزفيدو في تقريره أنَّ المفاوضات في هذا المجال تحرز تقدما جيدا، وأنه تم التوصل إلى اتفاق حول الأحكام التفضيلية لقواعد المنشأ والطابع التشغيلي العملي في قطاع الخدمات.
وأكد آزفيدو أنَّ التفاوض لم ينته بعد بشأن القطن وحجم الحصص المعفاة من الرسوم. لكنه أشار إلى أن المشاورات التي أجراها مع الوفود تركت مشاعر إيجابية لديه. غير أن اتفاقية الزراعة هي الأكثر صعوبة في المفاوضات، فهي '' قضية ذات أهمية سياسية واقتصادية على حد سواء''، حسب تعبير آزفيدو. وقال في تقريره: رغم أنه ما زالت هناك ثلاثة جوانب حساسة، ولا سيما بشأن الضمانات، وأيضا حول مدة برنامج العمل، ''إلا أن هناك أملا في الوصول إلى اتفاق''.
لكن إدارة الحصص التعريفية في مفاوضات الزراعة قصة مختلفة تماماً. فعلى الرغم من بعض محاولات التقارب الحقيقي، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم. وأعطى آزفيدو في تقريره بعداً تاريخياً للخلاف حول الحصص التعريفية، قائلاً: هذا الخلاف ليس وليد البارحة، ولا الأشهر القليلة الماضية، هذا الخلاف قائم منذ فترة طويلة.
وفي عبارة كشفت عن يأس مُطبق، ذكر آزفيدو في تقريره بعد عدة أسابيع من التفاوض غير المنتج حول الحصص التعريفية، بدأت أتساءل ماذا بوسعنا أن نفعل حتى لو كان لدينا المزيد من الوقت للمحاولة.
وأعرب المدير العام للمنظمة عن قلقه أيضاً إزاء ''المنافسة التصديرية''، مشيراً إلى إحراز بعض التقدم في عدد من الجوانب، لكن لا تزال هناك مسألة مركزية تتعلق بأي نوع من الالتزام المادي الذي يمكن للدول أن تقدمه نحو إحراز تقدم ملموس في المستقبل القريب، فهناك علامة استفهام كبيرة تقف أمام هذه المسألة.