الإعلام والكُتاب .. بين النقد والشماتة

مشكلة أضرار السيول هزت وجدان المجتمع السعودي من ناحيتين، أولاهما الأرواح التي ذهبت وثانيتهما كشف المستور وظهور حالات من الغش في التنفيذ رغم ضخامة المبالغ التي صُرفت على مشروعات الأنفاق والطرق ومباني المطارات التي لم يسلم منها حتى مطار العاصمة ومطار الدمام اللذين يعتبران من أحدث المشروعات وأجملها .. وشمر الكتاب عن أقلامهم حتى أصبحت جميع المقالات على مدى أيام ليس لها حديث إلا السيول وأضرارها وتصدّت وسائل الإعلام المختلفة للموضوع بنقد مطلوب ومفيد بشرط ألا يصل إلى حد الشماتة التي يستقبلها الأعداء بفرحة كما فعلت قناة فضائية سورية.. وبالطبع فإن هناك خطاً رفيعاً جداً بين النقد والشماتة وخير مَن يعطي رأياً حول هذا الخط الزميل عبد العزيز السويِّد بناءً على مقاله المنشور في "الحياة" يوم أمس تحت عنوان "في جلد الذات"، وأتفق معه (أن مواجهة الحقائق هي الطريق الصحيح للخروج من العثرات والإخفاقات)، كما ذكر في مقاله .. ولذا فإن هيئة مكافحة الفساد مدعوة إلى اعتماد (السيد المطر) على وظيفة المفتش الأول لديها وتوثيق ما كشفه ليس لغرض التوثيق فقط، إنما لوضع تلك الملفات بعد اكتمالها أمام الادعاء العام والقضاء لمعرفة مَن غش ومَن قصر ومساءلته ثم معاقبته والتشهير به، وهذا ما سيضع حداً لعدم تكرار ذلك مستقبلاً، وليس ذلك السيل من المقالات والتعليقات والصور الساخرة التي ظهرت في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي .. ولو نظرنا بتعقل لما حدث لوجدنا أنه يحدث في معظم دول العالم، فالسيول والكوارث تفعل أكثر من ذلك، لكن الفرق يكمن في أساليب المعالجة التي تبدأ بالنقد من متخصّصين في الهندسة وبناء الجسور والأنفاق وشبكات تصريف المياه ثم البناء على ذلك للوصول إلى مكامن التقصير والنقص والغش وملاحقة المنفذين حتى وإن تقاعد بعضهم وظن أنه أفلت من العقاب!
وأخيراً: كان الله في عون كُتاب الرأي، فإن المهمة أمامهم ليست سهلة فإن كتبوا نقداً هادئاً اُتهموا من القارئ حتى من بعض زملائهم بالمجاملة، وإن رفعوا سقف النقد ربما اُتهموا من البعض الآخر بالحدة والمشاغبة، فيضطر الواحد منهم إلى أن يسير على حد السيف دون أن يقع يميناً أو شمالاً حتى ولو أدمى قدميه!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي