تأخير حسم ملفات التكامل الاقتصادي بين دول الخليج قد يكلفها كثيراً
تسعى الدول الخليجية الست للتغلب على العقبات والمعوقات التي تعترض بعض الملفات الاقتصادية المهمة في إطار مشروعها للاتحاد والتكامل الاقتصادي الكامل وعلى رأسها الاتحاد الجمركي، السوق المشتركة، والعملة الخليجية الموحدة.
وتبرز على السطح عدة تحديات تشير إلى ضعف تنسيق وربما عدم اكتراث لما يحدث على الساحة الاقتصادية العالمية من تغيرات متسارعة، لا سيما في أعقاب الأزمات الاقتصادية التي دكت العديد من الأسواق الدولية ونجت منها دول الخليج بفعل ثروة النفط.
وأبرز هذه التحديات هي عملية فرز لقوى اقتصادية صاعدة ومؤثرة على المستوى العالمي، ولدى دول الخليج تعاملات كبيرة مع هذه القوى لا سيما في آسيا، وعدم تحقيق اختراق في الملفات وخصوصاً العملة الخليجية الموحدة قد يكون له آثار سلبية على اقتصادياتها التي تعتمد في مجملها على الدولار الأمريكي. بحسب الخبير الاقتصادي إحسان بوحليقة.
وتأتي أزمة الدولار كتحدٍ ثانٍ للدول الخليجية فقد نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية في أواخر العام 2009م تقريراً أشارت فيه إلى أن دول الخليج العربية تعتزم مع الصين وروسيا واليابان وفرنسا التخلي عن اعتماد الدولار في المبادلات النفطية لمصلحة سلة من العملات تشمل الين واليوان الصيني واليورو والذهب والعملة الخليجية الموحدة مستقبلاً، وقوبل التقرير بنفي خليجي في حينه.
وكان المجلس النقدي الخليجي قد استبق قمة الكويت التي عقدت قبل يومين بنفي صحة ما أوردته بعض الصحف والمواقع الإعلامية، بشأن موعد إصدار العملة الخليجية الموحدة.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي إحسان بوحليقة أنه تم الإشارة للعملة الخليجية الموحدة وكان من المنتظر أن يكون هناك خطوات في إنجازها، خاصة أن هذا المشروع أخذ وقتاً طويلاً وأصبح ضرورة نظراً لما تعانيه الاقتصاديات الخليجية إجمالاً بسبب ما يتعرض له الدولار.
يذكر أن قادة الخليج اعتمدوا في دورتهم الـ 29 بمسقط في كانون الأول (ديسمبر) 2008 اتفاقية الاتحاد النقدي والنظام الأساسي للمجلس النقدي، بمشاركة البحرين، السعودية، قطر، والكويت، وغياب الإمارات وعمان. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 27 شباط (فبراير) 2010.
وأضاف بوحليقة: "ارتباط عملات مجلس التعاون إجمالاً بالدولار واستخدامه كمثبت أفادها لسنوات، وقد يستمر في أداء هذا الدور لسنوات أخرى لكن لن تكون طويلة، والسبب يرجع إلى أن هناك فرزا كبيرا في الاقتصاديات العالمية، فهناك قوى اقتصادية صاعدة ومؤثرة وتعاملات دول الخليج معها كبيرة مع آسيا تحديداً، لذلك لا بد من إطلاق العملة الموحدة للاستعداد لما هو مقبل، الخيارات أمام مجلس التعاون فيما عدا الدولار تكاد تكون محدودة جداً، وما يضيف خياراً جديداً هو قيام هذه العملة".
وقال بوحليقة: "ما تضمنه "البيان الختامي لقمة الكويت عبارة عن استكمال بنود لقضايا عالقة لسنوات لطالما تم الاعتماد عليها لتحقيق المشروع الاقتصادي التكاملي بين دول المجلس".
ويرى الخبير الاقتصادي أن "استكمال الاتحاد الجمركي أمر غاية في الأهمية، كما أن السوق المشتركة تمثل أهمية كبيرة بحيث يصبح لدينا قيمة وثقل اقتصادي في منطقة غرب آسيا والشرق الأوسط".
وأشار بوحليقة إلى أن الرؤى في دول المجلس قد تتفاوت في قضايا مثل الاتحاد لكنها متفقة على الملف الاقتصادي الذي يمثل باكورة الاتفاقيات الاقتصادية الموحدة، وأضاف بوحليقة: "نحن لا نرى أي سبب يجعل دول مجلس التعاون تتباطأ في إنجاز هذه الملفات".
وأضاف :"دول الخليج محاطة بقوى اقتصادية كبيرة لا يمكن التهاون بها، لا بد من المحافظة على الزخم التنموي وتحسين النمو الاقتصادي وبيئة الاستثمار ولن يتم إلا بإنشاء تكتل اقتصادي".
وحذّر بوحليقة من أن "الخطورة تكمن في عدم تحقق ذلك قريباً، نظراً لحصول منافسات تحدث بين دول الخليج في جذب الاستثمارات وفي بعض الملفات الأخرى، وأضاف :"عند النظر حالياً للتجارة البينية نجد أن دول المجلس أداؤها متواضع جدا، علينا التذكر أن دول الاتحاد الأوروبي نجاحها الكبير هو في تعاملاتها فيما بينها، حالياً دول الخليج استراتيجيات الصادرات لديها مبنية للنظر إلى ما وراء مجلس التعاون، والسبب أن هناك من يظن أن التجارة البينية بين دول المجلس أمراً لا يعول عليه كثيراً، ولذلك ملف التكامل الاقتصادي يدفع به على نار هادئة جداً، وكل الخطط الزمنية التي وضعت في الاتفاقيات السابقة منذ العام 1981 وحتى الوحدة النقدية 2010 تم تجاوزها".
من جهته، قال فضل البوعينين الخبير الاقتصادي على ملف الاتحاد النقدي: "يبدو أن الطريق طويلة جداً، وأحسب أن التوصل إلى اتفاق شبه مستحيل على الأقل في المستقبل المنظور".
وفيما يخص تكامل الأسواق المالية الخليجية قال البوعينين: "لا نشعر بتحسن يذكر في الإجراءات، فما زال ملف الاتحاد الجمركي مفتوح حتى الآن لأكثر من عشر سنوات، فهل يمكن القبول بهذا؟ وهل يمكن أن يكون ملف الاتحاد الجمركي معقداً إلى هذا الحد؟".