أعضاء «الشورى»: خدمات «الصحة» متدنية والبيروقراطية تأصلت في كيانها
انتقد أعضاء في مجلس الشورى، أداء وزارة الصحة ووصفوها بالعشوائية وتأصل البيروقراطية في كيانها، وقراراتها بغير العملية، وطالبوا بدعوة وزير الصحة للمجلس دون مجاملات للإجابة عن استفساراتهم.
جاء ذلك خلال جلسة المجلس الـ 65 أمس، التي تضمنت مناقشة تقرير لجنة الشؤون الصحية والبيئة، بشأن التقرير السنوي لوزارة الصحة للعام المالي 1433/1434هـ، وتمنى اللواء الدكتور محمد أبو ساق في مداخلته أن ينقل الإعلاميون الحاضرون للجلسة ما يصدر من الأعضاء من مداخلات على تقرير الوزارة، وقاطعه رئيس الجلسة الدكتور محمد الجفري بأن ''المجلس لا يعمل من أجل أن يسمع الإعلام بل يعمل أمانة لما أقسم عليه''، ورد عليه أبو ساق ''بأن الإعلام شريك للمجلس وينقل ما يدور فيه''.
وقال أبو ساق في مداخلته: ''آمل توجيه الدعوة إلى وزير الصحة بخطاب ليس فيه مجاملة للإجابة عن ملاحظات واستفسارات المجلس''، ووصف عمل الوزارة بالعشوائي والافتقار إلى نظام إدارة، كما أنها لم تلتزم بالاستراتيجية الصحية المعتمدة، وقال هناك صعوبات كثيرة تعتري خدمات رعاية ذوي الإعاقة واستمرار في معاناة الخدمات الصحية وعدم قدرة الوزارة على الدعم المجتمعي لمصلحة المستشفيات من رجال الأعمال، وافتقار المراكز الصحية في الأحياء للمتخصصين والمستلزمات الطبية.
وتساءل أبو ساق عن تأخر الوزارة في انحاز الأنشطة والبرامج ومتابعة المستشفيات والمشاريع المتعثرة ''الكثيرة''، كما تساءل عن إغفال التقرير الأخطاء الطبية ''القاتلة'' ومشكلات التموين الطبي، وأبدى استغرابه من قرارات الهيئة الطبية بعد الموافقة على علاج مواطنين في الخارج بتحديد الفترة بثلاثة أشهر، مشيراً إلى أن هذه المدة لا تكفي أحيانا لإجراء تحاليل طبية في الخارج، وتابع ''لا أجد ما أجامل الوزارة فيه في ظل نقاط القصور الكثيرة، مدللاً بعدم إرسال الوزارة وفدا من وكلائها للاستماع إلى مداخلات الأعضاء.
وصف العضو خليفة الدوسري المستشفيات الحكومية بالضعيفة جداً، وقال إن الخدمات فيها ما زالت متدنية لا ترتقي للمأمول ولا يضطر للذهاب لها إلا من لا يملكون نفقة العلاج في المستشفيات الخاصة، مشيراً إلى وصول فترات الانتظار في العيادات إلى أشهر ''وسوء الخدمة المقدمة في أقسام الطوارئ''، وشخَّص الدوسري مشكلة الوزارة بأنها إدارية وبعض قراراتها غير عملية، وقال إن الحكومة صرفت أخيراً نحو 200 مليار ريال، مبيناً أنها تكفي لإنشاء 40 مستشفى بحجم مستشفى الملك فيصل التخصصي، وتساءل أين صرفت هذه المبالغ ''التي تعتبر أكثر من احتياجنا''.
وأشار إلى أن المستشفى التخصصي المقرر إنشاؤه في المنطقة الشرقية خارج النطاق العمراني لمدينتي الدمام والخبر بتكلفة أربعة مليارات، لم توفق الوزارة في اختيار الموقع المناسب بسبب بعده الكبير، معلقاً بأن بعض المرضى مستقبلا سيذهبون للعلاج في البحرين بدلا من الذهاب له، واستشهد الدوسري بمستشفى الدمام المركزي وقال إن آخر تطوير لقسم الطوارئ كان في عهد وزير الصحة السابق غازي القصيبي، رحمه الله، ولم يتغير المستشفى مع ازدياد المراجعين، كما يعاني قلة الأطباء والكوادر ولا يستطيع المستشفى تحمل ربع مراجعيه اليومي، كما انتقد في مداخلته قلة الإعانة المقدمة لمرافق المريض المعالج في الخارج.
وقال العضو محمد رضا نصر الله إن علة الوزارة تكمن في تأصل البيروقراطية في كيان الوزارة ومستشفياتها وتفاقم المعوقات، مشيراً إلى أن الحاجة ملحة وعاجلة للخروج من هذه الأزمة الصحية مع ازدياد الطلب على الخدمات الصحية، وأضاف أن الوزارة لم تنجح في استقطاب الكوادر القادرة على تسيير الأنشطة والبرامج وإدارة المستشفيات، وما زال المواطنون يعانون نقص الخدمات الطبية وصعوبة الحصول عليها خاصة في أقسام الطوارئ والعناية المركزة مع قلة توافر الأسرة والأدوية وبعض المستلزمات الطبية، ودعا إلى عقد شراكات استراتيجية مع بيوت خبرة ومراكز متخصصة عالمية للنهوض بواقع الرعاية الصحية والاستفادة من الخبرات العالمية في مجال إدارة المستشفيات.
وقال العضو صالح الحصيني إن تقييم عمل الوزارة من خلال عدد الأسرة المتوافرة يظهر عجزاً صارخاً لا تستطيع الوزارة بآلياتها وجهودها الحالية الوفاء به، حيث إن الخطة الخمسية الثامنة حددت الوصول إلى 56 ألف سرير بنهاية الخطة لكن الواقع أن عدد الأسرة الحالي وصل إلى 31 ألف سرير، مشيراً إلى أنه لم يتبق على نهايتها إلا عام واحد يستحيل خلاله أن تفي الوزارة بهذا الرقم.
واقترحت الدكتورة فدوى أبو مريفة أن تضع الوزارة نظاماً صارماً ودقيقاً يكشف الخطأ الطبي دون الحاجة إلى شكوى المريض، مشيرة إلى ذكر التقرير 5105 قضايا مرفوعة عن أخطاء طبية، ولفتت إلى أن التأمين الطبي مضت عليه سنوات وهو بين الدراسة والرفض والتأجيل الذي يدفع ثمنه المواطن يومياً أمام عجز الوزارة عن الوفاء بحاجات المواطنين الصحية.
من جهتها، طالبت لجنة الشؤون الصحية والبيئة في توصياتها وزارة الصحة بأن تبني خطتها التشغيلية السنوية على مكونات خطتها الاستراتيجية وأسسها وجدولها الزمني، وأن تضع خططاً استراتيجية وتشغيلية محددة ومقاسة للصحة العامة وصحة البيئة والصحة المهنية، ومضاعفة الجهد الكمي والنوعي في البرامج والأنشطة والمشروعات والقوى العاملة الخاصة ببرامج الرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة وتعزيز الدعم المالي والبشري والفني المبذول لها بما يتناسب مع أهميتها وأولويتها.
كما طالبت اللجنة بإشراك القطاعات الأخرى ذات العلاقة برسم استراتيجية الخدمات التي ستقدمها المراكز التخصصية التي تم اعتمادها لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتنسيق الخدمات والمشروعات الصحية لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال مجلس الخدمات وإيجاد تمثيل لوزارة الشؤون الاجتماعية في المجلس، والتوسع في شراء الخدمات الصحية والعلاج للمواطنين.