تركيا وجهة الكويتيين الباحثين عن عقار
غدت تركيا قبلة للكويتيين الراغبين في شراء عقارات، إذ تحولت إلى ملاذ آمن لقاصدي السياحة والاستثمار من الأفراد والأسر والشركات في ظل تزايد الاضطرابات في مصر وسورية ولبنان التي كانت تمثل في السابق إلى جانب دبي وجهات تقليدية لأهل الكويت، وفقاً لـ "رويترز".
وفي معرض العقارات التركية والكويتية المقام حاليا في الكويت أخذ المواطن محمد الحريتي يتنقل من شركة إلى أخرى بحثا عن عقار جديد في تركيا بعد أن اشترى فيلا هناك منذ ثلاث سنوات يسافر إليها مرتين أو ثلاث سنويا مع أسرته أو بدونها.
وأشار الحريتي إلى أن لديه تجارة تتوسع في تركيا يوما بعد يوم وأنه أتى إلى المعرض مع صديقه ليقنعه بشراء بيت هناك بعد أن أصبحت تركيا هي "الملاذ والدولة الأقرب" للكويتيين في ظل تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في غيرها من الدول.
وأضاف "إن تركيا أصبحت بلدي الثاني الذي أخاف عليه وعلى سمعته لأني أملك فيها، وبعد الأحداث التي حصلت في مصر وسورية ولبنان صارت أقرب دولة لنا هي تركيا، والمسافة لا تبعد أكثر من ثلاث ساعات وربع عن الكويت، وإنها دولة مسلمة والشعب التركي طيب".
وتسعى تركيا إلى تحقيق زيادة مضطردة في أعداد السياحة القادمة إليها سنويا وتركز بشكل خاص على دول الخليج النفطية التي يفضل الكثير من أسرها السفر إلى تركيا عوضا عن دول أوروبا والولايات المتحدة نظرا للقرب الجغرافي وتشابه العادات والتقاليد.
وطبقا لبيانات وزارة السياحة التركية فإن عدد السياح الأجانب الذين زاروا تركيا في الأشهر العشرة الأولى من العام ارتفع 10.2 في المائة إلى 31.8 مليون سائح وذلك رغم الاحتجاجات التي شهدتها في الصيف الماضي.
وخلال السنوات القليلة الماضية قام الرئيس التركي عبد الله جول ورئيس الوزراء رجب طيب أردوجان بزيارات عديدة لدول مجلس التعاون الخليجي وفي كل مرة كانا يصطحبان عددا كبيرا من رجال الأعمال والمستثمرين الأتراك ما يعكس تنامي العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.
وأكد نواف فاضل عثمان من شركة بروجى بياز التي تقوم بتسويق العقارات التركية في الكويت أن هناك زيادة في عدد المعارض المتخصصة في بيع عقارات تركية، وأنه شهد خلال الشهرين الأخيرين ثلاثة معارض للعقارات التركية اثنان منها في الكويت والثالث في إسطنبول استهدفت مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.
وذكر نادر تنار مدير إدارة الأصول في "بيتك تركيا" وهو مصرف إسلامي مملوك بنسبة 62 في المائة لبيت التمويل الكويتي أن "بيتك" قدم منذ بداية 2013 وحتى الآن 15 مليون دولار تمويلا لشراء عقارات في تركيا للأجانب يمثل الكويتيون ما بين 60 إلى 70 في المائة منهم، حيث يمتلك "بيتك" 240 فرعا في تركيا يسعى لزيادتها إلى 280 في نهاية 2014.
وأوضح تنار من "بيتك تركيا" أن التشريعات الجديدة سهلت عملية التملك، حيث كان الخليجيون سابقا يلجأون للشراء عن طريق طرف تركي أو تأسيس شركة لشراء العقار من خلالها، وهو أمر مرهق، لكن الآن يمكنهم الشراء مباشرة.
وأشار تنار إلى أن هناك إقبالا كبيرا على شراء العقارات في تركيا من مختلف الجنسيات وليس الخليجية فقط، مشيرا إلى أن 15 ألف أجنبي اشتروا 21 ألف عقار في تركيا منذ بداية 2013.
وأشار أحمد الصياد مساعد الرئيس التنفيذي لشؤون المبيعات في شركة سمارت تارجت التي تطور عقارات في تركيا وتسوقها للكويتيين إلى أن تركيا غدت مهمة في العالم الإسلامي كله ولدول الخليج بشكل خاص وهم يقبلون على اقتناء العقار فيها بهدف إيجاد مكان دائم هناك لاعتبارات السياحة وكذلك بهدف الاستثمار.
وأكد فيض الله يتجين عضو مجلس إدارة شركة تشاليك جايريماكول التركية التي جاءت للكويت لتسويق عقاراتها في المعرض أن عدد الأجانب الذين اشتروا عقارات في تركيا خلال الأشهر التسعة الأولى من 2013 بلغ 11 ألفا، شكل الكويتيون 10 في المائة منهم.
ويهتم كثير من الكويتيين بالسفر سنويا للخارج لا سيما خلال أشهر الصيف الحارقة، وخلال السنوات العشر الأخيرة اعتادوا السفر لتركيا وأصبح كثير منهم يرددون في جلساتهم أسماء المدن التركية كإسطنبول وأزمير وبودروم وأنطاليا بشكل اعتيادي مثلما يرددون أسماء المدن العربية كدبي والقاهرة وبيروت.
وأقرت تركيا أخيرا تشريعات سمحت لمواطني كثير من الدول ومنها دول مجلس التعاون الخليجي بشراء المنازل والشقق بلا قيود، كما سمحت بتملك الأراضي أيضا، وهو ما أزال عقبة كبيرة كانت تحول دون الاستثمار وسمحت أيضا بمنح تأشيرات الدخول في المطار وحق الإقامة لمدة معينة لمن يمتلك عقارات بها.
وعزا الصفار من اكسبو سيتي تزايد الإقبال على تركيا إلى "الحركة الاستثنائية" التي يشهدها الاقتصاد هناك، إضافة إلى سهولة الحصول على تأشيرة الدخول، ويرى أن أهم مميزات العقار في تركيا ارتفاع عائد الاستثمار الذي يراوح بين 15 في المائة و20 في المائة سنويا، إضافة إلى تواضع الأسعار مقارنة بالكويت ومقارنة بدول أوروبا.
وأشار إلى أن سعر شقة مساحة 100 متر في بعض مناطق الكويت قد يصل إلى 100 ألف دينار، بينما نظيرتها في تركيا تباع بمبلغ 15 ألف دينار فقط.
ويقول محللون إن تركيا التي غدت واحدة من أقوى عشرين اقتصاد في العالم استفادت بشكل كبير من موجات الربيع العربي التي جعلتها تبدو كجزيرة مستقرة وسط بحر من الاضطرابات.
وأضاف الصياد أن الربيع العربي كان له دور كبير في إحداث طفرة في تركيا، وتخيل كم السائحين الذين كانوا يدخلون سنويا مصر وسورية ولبنان 90 في المائة منهم يذهبون إلى تركيا.
وأوضح مراد تامير السفير التركي أن بلاده بعيدة عن هذه الأزمات، لكن نحن نزين بيتنا ونعمل ما يجب عمله فيه ويسعدنا أن يستفيد إخواننا من ذلك، معرباً عن اعتقاده بأن المستثمرين الكويتيين يدركون إلى جانب روابط التاريخ والثقافة مع تركيا أن العقار في هذا البلد "لا يخسر" وقد تزايد استثمارهم فيه بعد أن سمحت تركيا لدول الخليج بحق التملك.
وأفاد عثمان من شركة بروجى بياز بأن استقرار تركيا سياسيا وماديا جعل كل هذه المشكلات في دول المنطقة تتحول إلى فائدة لتركيا، وأن عائدات المشاريع العقارية تراوح بين 30 و40 في المائة خلال سنتين من إنشاء المشروع وبعضها يصل إلى 100 في المائة خلال الفترة نفسها إذا أخذت المكان الصحيح.
ويقول فيض الله يتجين إنه في تركيا يمكنك العيش في كل المواسم، وفي تركيا ستشاهد العديد من الأسر الكويتية ومعهم أطفالهم، وأعتقد أن هذا سيستمر ويتزايد، مضيفاً أن السياح الأوروبيين يقبلون على تركيا بسبب الشمس والبحر لكن العرب مغرمون بالأماكن التاريخية لا سيما مدينة إسطنبول. وتابع فيض الله أن الدراسات التي أجريت في تركيا أكدت أن الكويتيين يركزون على المناطق التاريخية الإسلامية والأماكن القريبة من الشواطئ كما يتميزون بالبحث عن المناطق الأكثر فخامة مقارنة بغيرهم، لكن الصفار اعتبر أن شريحة المقبلين على تركيا هي ذاتها الشريحة التي كانت تسافر قبل ذلك إلى الدول العربية وهي تختلف عن تلك الشريحة التي تتجه إلى أوروبا.