«بئر الرفدي» .. من سقي الإبل إلى مصدر للعلاج
لم يتوارد إلى خاطر سليمان الرفدي، الذي حفر بئرا قبل نحو 35 عاما، قاصدا منها سقي قطيع من الإبل التي يملكها وبعض البادية من حوله، أن تكون هذه البئر مصدر علاج للمصابين بأمراض جلدية مزمنة استعصى علاجها.
ويستخرج من ''بئر الرفدي'' الواقعة غرب محافظة الشملي (١٨٠ كيلو مترا جنوب غربي حائل)، مواد طبيعية وليست كيميائية تحتوي على نسبة عالية من مادة الكبريت، الذي كشفت تحاليل علمية أنها فاعلة في علاج الأمراض الجلدية بنسبة كبيرة.
وجاء سر اكتشاف ما تحويه بئر الرفدي بعد أن شفي عدد من الإبل شربت من هذا البئر كانت تعاني مرض ''الجرب''، وخاطب الرفدي بلدية حائل آنذاك لفحص وتحليل الماء، التي اكتشفت سره واحتواءه مواد كبريتية.
ويتوافد على هذه البئر مرضى من دول الخليج والعالم العربي للعلاج من المشكلات الجلدية المستعصية التي يعانونها، بعد أن ثبت شفاء كثيرين بسبب مياه البئر الكبريتية.
ورغم شهرة البئر الواسعة والإقبال الكبير عليها إلا أنها تعاني تواضع الخدمات وتدني النظافة، إذ إن مالك البئر سليمان الرفدي أنشأ خزانات للمياه و٢٥ دورة مياه عمرها أكثر من ٣٠ عاما تحتاج للصيانة المستمرة، فيما تدخلت بلدية الشملي قبل ثلاثة أعوام ببناء ١٥ دورة مياه مجهزة.
وحاول عدد من رجال الأعمال والمستثمرين إغراء مالكها بالتنازل عنها مقابل مبلغ مالي وصل إلى أربعة ملايين، إلا أنه رفض جميع الإغراءات المالية، قاصدا بها وجه الله لكل من يريد العلاج والاستطباب فيها، حسبما أكد لـ ''الاقتصادية'' فارس بن سليمان الرفدي رئيس مركز قرية بئر الرفدي، مبينا أن والده اكتشفها في عام 1399هـ.
وأضاف ''الماء الذي يخرج من البئر ويُعالج الناس فيه تم تحليله في المختبرات الطبية ووجد أنه يحتوي على مادة الكبريت، وهي مادة معروف تأثيرها في علاج الأمراض الجلدية، وقال ''تتم طريقة العلاج من خلال شرب الماء والاغتسال به، فهناك من شفي من أمراض الكلى والحصى، فمن يشرب منها ينزل الحصى خلال 15 يوما، وكذلك للأمراض الجلدية المزمنة كالصدفية والبهاق والحساسية أيضا''.
وأبان رئيس مركز بئر الرفدي، أن أحد الأشخاص قدم من عُمان وهو يعاني مرضاً جلدياً ''البهاق'' واستقر في القرية واستمر في العلاج قرابة سبعة أشهر من خلال الاغتسال من الماء مرتين يوميا، وبفضل من الله، عاد إلى بلاده وقد شفي من المرض بنسبة 95 في المائة، مضيفا أن هناك كثيراً من القصص الشبيهة من الذين شفاهم الله بسبب هذا الماء.
لكن مثل هذء البئر في حاجة إلى وقوف متخصصين عليها للتأكد من سلامتها ومدى مفعول مياهها الكبريتية.
وبيّن الرفدي أن أحد المستثمرين الخليجيين عرض مبلغ أربعة ملايين ريال للتنازل عن البئر، إلا أنه رفض البيع وفضل وضعها سبيلا ابتغى به وجه الله تعالى.
وناشد الرفدي الجهات المعنية في حائل النظر في شأن البئر والعمل على تطويرها وتلبية احتياجاتها نظير الأعداد الكبيرة التي تقصدها، مشيرا إلى أن هناك مخاطبات بين الهيئة العامة للسياحة والآثار وبلدية الشملي للإسهام في عملية تطوير البئر وتقديم الخدمات لقاصديها من خلال الإشراف على عمليات الصيانة والنظافة وإقامة دورات مياه إضافية تتسع لمرتادي البئر. يقول عبد الله بن ناصر الدوسري أحد مرتادي البئر، ''إن مياه البئر تمتلك سمعة واسعة في مختلف المناطق، وأنا أعاني حساسية جلدية مزمنة وقدمت من منطقة الرياض للعلاج بماء هذه البئر، فأنا هنا منذ يومين أغتسل بهذا الماء وأشعر بتحسن، وهناك أشخاص شفوا ـ بفضل الله ـ من الحساسية، ولكن واصلوا الغسل والشرب منها لفترات طويلة''.