طرفة «نزاهة»
لم يمر عليّ في العام المنصرم 2013 طرفة كخبر نشرته إحدى الصحف المحلية عن توجيهات عليا لهيئة مكافحة الفساد "نزاهة" بالتشهير بالفاسدين دون الكشف عن أسمائهم، وتأتي التوجيهات ــــ وفق الصحيفة ــــ بعد أن رصدت "نزاهة" أن الخدمات التي تقدم للمواطن لا ترتقي للمستوى الذي تنشده الحكومة.
للوهلة الأولى وقبل أن أصنف الخبر في سياق النكتة، ساورني شك في "فهمي"، بل إن "الطبل" في داخلي وبخني وقال: ربما أنت "مفهي" وسقف إدراكك يلامس سطح الأرض، فقررت اللجوء لـ "جوجل" للفصل في النزاع، وبالفعل كتبت في "جوجل" "هل يمكن لنا التشهير بشخص ما دون ذكر اسمه؟"، فجاء الرد من "جوجل" سريعا قائلا: "حسبي الله ونعم الوكيل على من دلك على طريقي".
لا أدري إن كان الصحافي ناشر الخبر أو من أجازه أراد أن يمنح القارئ "طرفة"، أم أنه من كتيبة "الدرعمة" التي تدرعم دون إدراك أو تمييز، ونشر الخبر دون فحص وكأنه "جايب الذيب من ذيله"، فالخبر لا يمكن وضعه إلا في سياق النكتة، "فالتشهير دون ذكر الاسم" لا يشبهه إلا القول الخالد "يجب منح المرأة كامل حقوقها سواء كانت رجلا أو أنثى".
يقول محمد الشريف، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في ندوة "واقع الفساد الإداري في المملكة وجهود التغلب عليه"، التي عقدت في الرياض ديسمبر الماضي، إن أكبر العقبات التي تواجه الهيئة، هي تصنيف الفساد وتحديده، ونقص الأبحاث في هذا الجانب لوضع تصوّر كامل عن الفساد! مؤلم جدا أن نحارب أمرا لم نصنفه بعد ولم نجمع له تصورا أو تعريفا!؟ مؤلم جدا أن يمضي على تأسيس هيئة مكافحة الفساد سنوات وهي لم تميز الفساد بعد!
السعودية وفق آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية تحتل المركز الـ 63 عالمياً، والخامسة عربياً في مجال مكافحة الفساد، هذا المركز المتأخر في القائمة جاء بفعل فاسدين كبار، وهناك للأسف من يخجل ويكرمهم بعدم التشهير بهم.
السعودية ممثلة في هيئة مكافحة الفساد "نزاهة" عليها تجاوز الطرفة وعدم اختزال الفساد في تأخر الموظف عن العمل أو استخدامه لقلم حكومي في منزله، وإلى ضرب معاقل الفساد والفاسدين "الكبار" والتشهير بهم من أجل ردعهم وردع غيرهم من هدر مدخرات البلد وصرفها في غير ما يرضي الله.