رائحة البطل

من حققوا لقب الدوري بالنقاط, اكتسبوا خبرة في التعامل معه, والسير وسط جولاته المتعددة بهدوء ورؤية واضحة, ويكون هؤلاء غالبا الأقرب إلى التوقعات الصائبة أكثر من غيرهم, نسبة إلى الخبرات التي مروا بها.
واحد من هؤلاء هو الجنرال صالح النعيمة, كان قائدا استثنائيا في الميدان, حقق لقب الدوري بالنقاط أكثر من مرة, سألته قبل يومين: كيف تعرف البطل قبل نهاية الدوري؟ أجاب: الانضباطية العالية, تحقق لقب المشوار الطويل, واستدرك: لا بد أن يكون أمام البطل المنتظر مباراة, أو مباراتان أو حتى ثلاث, لا يكون في المستوى, وهنا تنقذه هيبته التي خلقها في المراحل الماضية والحظ الجيد, وختم القائد الذي لا ينسى: الدوري مشوار تراكمي, يجب أن تحترم فيه الصغير حتى يحترمك الكبير.
.. خالد البلطان رئيس نادي الشباب, رجل تعلم بسرعة فائقة أوجدت له مكانا رفيعا في الإدارة الرياضية, مر بخبرات في الدوري وحققه وسط منافسة صعبة جدا, وفي موسمين سابقين كان قد أخبرني بتوقعاته للبطل بعد نهاية جولتين من الدور الثاني, مرة لفريقه الشباب وفي المرة الأخرى للفتح, وفي المرتين صدقت توقعاته, قبل أيام سألته السؤال ذاته, فأجاب: في مشواره تجاه اللقب, لا بد أن يمر البطل المنتظر باختبارات, إذا تجاوزها فهو المتوج المرتقب, وأوضح: اختبارات النقص قبل وأثناء المباريات, التأخر أمام منافس صعب, فقد لاعب مهم والقدرة على تعويضه, تحمل الضغط العالي من منافس يلاحقه, وتابع: إن تجاوزها فهو يخلق زخما إعلاميا وجماهيريا وفنيا, يكون عونا له في أي موقف صعب قادم, ويصبح الاقتراب منه مغامرة محرقة, وختم: لا تنسى أن الحظ رفيق مطلوب في كل الحالات.
الهداف التاريخي للدوري السعودي, ماجد عبد الله, حقق اللقب أيضا بالنقاط, يعبر عن رؤيته في هذا السياق قائلا: البطل المنتظر يلتهم النقاط أمام الصغار بأقل مجهود وبكثير من الاحترام, ويدخر العرض المتكامل أمام الكبار, وواصل: رغم ذلك ستجده في مباراة أو مباراتين, لا يقدم المأمول, وهنا ينقذه خطأ فردي من خصم, حظ جميل لأحد مهاجميه, أو حتى قرار حكم خاطئ.
.. كبير المدربين السعوديين خليل الزياني الذي قاد الاتفاق إلى لقبين للدوري بالنقاط, قلت له: هل تشم رائحة البطل قبل الجولات الأخيرة, قال: نعم؟ سألته: كيف؟ أجاب: عندما تصاعدت مستويات فريقي في دوري 82, رأيت اللقب في أعين اللاعبين أثناء التمارين, حتى الجماهير يمكنها أن تشعر بذلك, قبل ثلاث جولات من النهاية كنا نلعب أمام الأهلي في الدمام ولأول مرة في حياتي أرى الملعب يمتلئ عن بكرة أبيه, وتابع: كل أولئك حضروا بأحساس اللقب, لقد شعروا به مثلنا تماما, كنا نشعر به ونقترب أكثر فأكثر. ثم ختم عميد المدربين السعوديين: لا بد أن نعترف أيضا بأن البطل المنتظر يساعده الحظ والطالع الحسن في كثير من المواقف, لا يمكن أن تكون منحوسا وتفوز ببطولة.
النادر يوسف الثنيان, حاز لقب الدوري أيضا بالنقاط, سألته البارحة: هل كنت تشعر بالبطولة قبل نهايتها؟ قال: نعم, وواصل: عندما كنت التفت إلى دكة بدلاء فريقي وأنا في الملعب, وأرى الرغبة الجامحة في المشاركة والتنافس القوي على المقاعد الآساسية, كنت أبذل جهدا مضاعفا حتى لا أفقد مقعدي, وكذلك كل زملائي, الدكة القوية هي سر بطولة الدوري, والحظ أيضا عندما تتعطل القدرات فجأة.
السابقون أعلاه, تعددت آراؤهم, واتفقوا على شيء واحد, أن البطل لا بد أن يكون محظوظا.. ومحظوظا في الوقت المناسب. وقديما قيل: "الحظ لا يخدم الجبناء".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي