الجوف تحتضن مجمعاً لإنتاج أكثر من 30 صنفاً من الزيتون عالي الجودة
تحتضن مدينة الجوف السعودية مجمعاً لأصناف الزيتون يضم أكثر من 30 صنفًا من أهم الأصناف المشهورة في البلدان المنتجة للزيتون التي يقارب مناخها مناخ المناطق المنتجة للزيتون في المملكة، كما أنتجت شتلات من شجر الزيتون المتميزة بالإنتاج عالي الجودة، ووزعتها على المزارعين في مناطق إنتاج الزيتون لدعم هذه الصناعة التي يمكن وصفها بالاستراتيجية كون الزيتون أحد محاصيل الأمن الغذائي واسع الانتشار ومصدراً مهماً للدهون الصحية في التغذية.
يأتي ذلك ضمن مشروع تطوير إنتاج وتصنيع وتسويق الزيتون في المملكة، الذي تنفذه وزارة الزراعة مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" في إطار برنامج التعاون الفني بين الجانبين الهادف لتحقيق الرؤى والأهداف المشتركة بين المملكة ومنظمة "الفاو"، والإيفاء بالاستراتيجيات الهادفة لتخطي معوقات الارتقاء بالتنمية الزراعية والريفية المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي، والمحافظة على الموارد البيئية، والاستفادة من المقدرات الوطنية للمملكة والميزات النسبية لمناطقها المختلفة.
وأوضح الدكتور الهاشمي المهري كبير الخبراء الفنيين في مشروع تطوير إنتاج الزيتون في منظمة "الفاو"، أن المشروع تم البدء فيه عام 2011م ويستمر حتى عام 2016م بغية تحسين زراعة الزيتون في السعودية وزيادة المساحات المزروعة بأصناف الزيتون عالية الجودة والملائمة لظروف ومناخ وتربة المملكة لتحقيق أعلى إنتاج لها، من خلال توجيه الدعم الفني وتدريب الكوادر الوطنية على الأساليب العلمية الحديثة وإدخال ونشر التقنيات والطرق الحديثة في عمليات الزراعة.
وأشار في تصريح لـ" واس" إلى أن فكرة المشروع تمخضت عن الخطة التي أعدتها وزارة الزراعة للنهوض بقطاع الزيتون وتطويره في المملكة، نظرًا لتوافر جميع المقومات الزراعية والبيئية والاقتصادية وملاءمة الظروف المناخية لنجاح زراعة شجرة الزيتون ولا سيّما في المناطق الشمالية مثل الجوف وتبوك وحائل، إضافة إلى المناطق الجنوبية في الباحة وعسير، مبينا أن شجرة الزيتون من الأشجار التي تتحمل الجفاف والأجواء الحارة، وتتحمل نسبة ملوحة معينة في التربة والمياه وتعطي إنتاجًا اقتصاديًا كبيرًا، وتساعد على التقليل من ظاهرة التصحر.
وأضاف الدكتور المهري أن المشروع تبلغ ميزانيته 3.5 مليون دولار تمولها السعودية من خلال اتفاقية الأموال المودعة المدرجة ضمن إطار اتفاقية التعاون الفني المبرمة بين وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، ويقوم بالتنسيق بينهما الدكتور عبدالله وهبي.
ولفت إلى أن المشروع يعمل على وصف أنواع الزيتون التي يمكن أن تكون ذات أهمية تجارية، تدريب المهندسين والفنيين على كيفية التعرف على مختلف أصناف الزيتون، الحفاظ والعناية بالحقول الوراثية للزيتون، علاوة على تطوير برنامج علمي عن الآفات التي تصيب أشجار الزيتون، وإرشاد المزارعين بالتقنيات الحديثة في غرس الزيتون مع إيجاد حقول نموذجية بإدخال التكنولوجيا المتطورة على مستوى خدمة الأرض والري، والتسميد، والتقليم، والقطاف.
وأفاد أن المشروع توصل إلى إنشاء وحدة تجريبية لاستخلاص زيت الزيتون وضبط الجودة في مختبر لفحص جودة الزيت، ويتم حالياً تزويده ببعض الأجهزة الأساسية التي تساعد على عملية تقدير جودة الزيت وتيسير عمل البحوث على الزيتون، كما تم إنشاء معصرة للزيتون حسب تقنيات العصر الحديثة التي تمكن من القيام بإرشاد الفنيين العاملين في المعاصر والقيام بالأبحاث اللازمة لتقنيات العصر.
وأعرب الدكتور الهاشمي المهري، عن توقعه أن يعزز المشروع من زيادة إنتاج الزيتون مع تقديم خدمات استشارية لاستخدام أصناف ملائمة لبيئات مناخية مختلفة في المملكة، وإظهار فوائد الزراعة عالية الكثافة واستخدام الميكنة في الحصاد وتقنيات التقليم المناسبة، وتحديد الاحتياجات المائية الملائمة وتقنيات الري الحديثة وتحسين طرق التسميد واستخدام الإدارة المتكاملة للآفات والممارسات الزراعية الجيدة لمكافحة آفات وأمراض الزيتون واستخدام البنيات الأساسية لعصر الزيتون ونشر طرق محسنة لاستخلاص الزيت.
وكان التعاون الفني بين وزارة الزراعة ومنظمة (الفاو) قد بدأ عام 1369هـ الموافق لـ 1950م، حين وقعت أول اتفاقية بين الطرفين تقضي بإرسال بعثة من الخبراء إلى المملكة سنة 1371هـ الموافق لـ 1952م لدراسة تطوير الري في وادي جازان، واتسعت مجالات التعاون الفني إثر إيفاد المنظمة لفريق استشاري للوزارة عام 1372هـ الموافق لـ 1953م، حيث أبرمت اتفاقية فنية شملت البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة كأحد الأطراف، وهدفت لتطوير الزراعة في جازان، واتفاقية أخرى للتدريب الزراعي في الرياض، واتفاقية للأبحاث الزراعية في القطيف، وأخرى للتدريب البيطري في الهفوف.
وفي عام 1383هـ الموافق لـ 1964م، انطلقت المشاريع الفعلية والعملية لبرنامج التعاون عبر توقيع اتفاقية فنية، تكفلت المنظمة بموجبها بتزويد الوزارة بفريق استشاري لتقديم المشورة، والمساندة الفنية للمساهمة في تنمية القطاع الزراعي، وتحسين الأداء الفني لأجهزة الوزارة، وتنمية المهارات الفنية للكوادر الوطنية عن طريق التدريب في مواقع العمل لتحقيق هدف الوزارة الرامي إلى إحلال الكفاءات الوطنية المدربة محل المتعاقدين.
وأسهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى جانب عدد من المنظمات الدولية في تمويل هذا البرنامج، وارتفعت مستويات التعاون عام 1401هـ الموافق لـ 1981م عبر اتفاقية (الأموال المودعة) التي قامت المملكة بموجبها بإيداع المخصصات المالية لدى المنظمة سنوياً للصرف منها على احتياجات المراكز والمشاريع لتنفيذ الإنشاءات وتأمين المعدات وتوفير الخبراء وغيرها من الأمور ذات الصلة.
ووفرت اتفاقيات التعاون الفني المبرمة بين الوزارة والمنظمة على امتداد السنوات الماضية، أداة مرنة للوزارة لتنفيذ البنية الأساسية لعدد من مراكز الأبحاث والتدريب الزراعي المتخصصة، وتأمين المعدات والإمدادات، وتوفير الخبرات الفنية في التخصصات والمجالات التي تحتاج إليها الجهات ذات العلاقة في الوزارة للفترات الزمنية التي تقتضيها الظروف، ونجم عن ذلك إنشاء العديد من مراكز البحوث والتدريب الزراعي وتطويرها.