وبعدين يا وزارة الصحة

شعرت "نوف" بألم في المعدة وذهبت لمستشفى حائل بحثا عن دواء يخفف ألمها، ولكنها لم تعد إلى منزلها وحُملت من المستشفى إلى قبرها بعد أن توفيت بسبب خطأ "طبي". شقيقها "محمد" وهو يهم بتقديم شكوى، قال: يجب أن يكون هناك تدخل عاجل من قبل وزارة الصحة لوقف هذه الأخطاء التي نسمعها ونقرأ عنها بشكل مستمر، والتي أودت بحياة كثير من الأبرياء، قبل أن يضيف "الجميع الآن يتخوف كثيرا في حال مراجعته المستشفى لأنهم فقدوا الثقة بالأطباء".
لم يكن محمد شقيق الضحية نوف الشمري ـــ رحمها الله ـــ وهو يطالب وزارة الصحة بالتدخل، يعلم أن الوزارة وعلى لسان متحدثها الرسمي الدكتور خالد مرغلاني، نأت بنفسها عن الأخطاء الطبية التي يقع فيها منسوبوها من أطباء وممرضين وفنيين، وأكد أنها لا تتحمل تعويضات تلك الأخطاء، وأن من يتحملها هم ـــ من وصفهم ـــ بالممارسين الصحيين.
لم يكن "محمد" وهو يلجأ للوزارة من أجل وقف إزهاق الأرواح البريئة في المستشفيات، يعلم أن المتحدث الرسمي للوزارة وفي تصريحات سابقة مع مطلع العام الميلادي الجديد، يرى أن الكوادر الطبية العاملة في "الصحة" عبارة عن دولة داخل دولة، وأن وزارته لا تتحمل مسؤولية أي خطأ يقعون فيه، وكأنهم يعملون بمعزل عنها ولا يخضعون لإدارتها ورقابتها وتوجيهاتها.
وزارة الصحة تتجرد من مسؤولية تحمُّل التعويضات المالية وتحمِّلها لكوادرها الطبية، التي استعانت بشركات التأمين، ولكنها تناست أن هناك مسؤولية أخلاقية يفترض أن يتحملها رأس الهرم في الوزارة كما يُفعل في الدول التي تحترم صحة وحياة مواطنيها.
لم تكن نوف الشمري الضحية الوحيدة للأخطاء الطبية، بل هي واحدة من ضمن مئات الضحايا الذين رحلوا عن الدنيا بفعل تلك الأخطاء، فتشير آخر الدراسات إلى وفاة 1239 شخصا خلال السنوات الثلاث الماضية بفعل الأخطاء الطبية، ناهيك عن مئات الضحايا الذين تسببت لهم تلك الأخطاء في إعاقات جسيمة.
المسؤولية الأخلاقية تدفع أي وزير إلى تحمل أي خطأ يصدر عن وزارته ويبادر إلى تقديم الاستقالة، احتراما للرسالة التي يحملها والأمانة التي تطوق عنقه، فقبل سنوات قدمت وزيرة الصحة الكويتية معصومة المبارك استقالتها، بعد أن لقي مريضان حتفيهما بسبب حريق اندلع في مستشفى الجهراء، في حين الوزير السعودي ما زال متمسكا بكرسيه ولم يلوح أو يفكر في الاستقالة، رغم وفاة مئات الأبرياء بفعل الأخطاء الطبية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي