900 مليار ريال عوائد مشاريع النقل العام في السعودية
قال مسؤول حكومي في وزارة النقل إن كل ريال تنفقه الدولة على مشاريع النقل العام سيكون عوائده على الدولة ثلاثة ريالات، وبالتالي فإن مشاريع النقل العام التي تشهدها مدن السعودية ستوفر نحو 900 مليار ريال، إذا ما اُعتبر أن تكاليف مشاريع النقل العام بمختلف مدن السعودية وصلت حتى الآن إلى نحو 300 مليار ريال.
وأوضح لـ"الاقتصادية" الدكتور عبدالعزيز بن عبدالرحمن العوهلي, وكيل وزارة النقل لشؤون النقل، على هامش مشاركته في ملتقى "آفاق النقل العام بالمملكة"، أن عوائد مشاريع النقل العام في مكة المكرمة والمدينة المنورة أكبر، مقارنة بتلك التي يجري تنفيذها في الرياض في الوقت الحالي، نظراً لكثافة حركة النقل بهما بسبب الحجاج والمعتمرين وقصر مسافات التنقل داخلهما، إضافة إلى زيادة تكاليف بناء الطرق في الرياض لطولها.
وأشار إلى أن مسألة رفع أسعار الوقود لتشجيع المواطنين والمقيمين على استخدام وسائل النقل العام في التنقل بدلاً من استخدام سياراتهم الخاصة، أمر غير وارد حاليا في ظل عدم وجود البدائل المتاحة.
ولفت إلى أن مدينة الرياض ستتجه لجعل مواقف السيارات في العاصمة برسوم للحد من استخدام السيارات في المدينة، إلا أن ذلك لن يتم ما لم يوجد البديل، ولا يمكن رفع أسعار أي من السلع إلا مع وجود البدائل، ومتى ما وجدت البدائل فمن حق الدولة إيجاد الأنظمة التي تُقيد من استخدام السيارات داخل المدن التي بدئ فيها تشغيل وسائل نقل عام.
ورد على الاتهامات لوزارته بالاستفادة من تجارب مشاريع النقل العام الفاشلة في عدد من الدول الأوروبية والأمريكية، أوضح العوهلي أن أسباب فشل مشاريع النقل العام في عدد من الدول الأوروبية, وأمريكا وأستراليا يعود للتكلفة العالية للوقود، وضيق الطرقات هناك، وهوس الأوروبيين بحماية البيئة من التلوث، وهذه كلها عوامل لا يمكن مقارنتها بالوضع في السعودية، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي من مشاريع النقل العام في المملكة هو تخفيف الضغط على الشوارع والطرقات.
وحول جديد هيئة النقل العام في السعودية بيّن العوهلي أن الهيئة العليا للنقل العام بعد أن صدر قرار إنشائها وتحديد أنظمتها تنتظر تعيين رئيس لها من قِبل المقام السامي, ولا تزال أعمالها مناطة بوزارة النقل لحين تعيين رئيس لها.
وأشار العوهلي إلى أن الدولة لم تركز على إنشاء مشاريع النقل العام في المدن الرئيسية فقط، الرياض وجدة، بل إن الوزارة تدرس حالياً انتقال مشاريع النقل العام لجميع المدن وبالتدريج وعلى حسب الحاجة السكانية في المناطق المختلفة، مشيراً إلى أن مكة المكرمة والمدينة المنورة، قد قُرر أن تبدأ مشاريع النقل فيها، وسيبدأ فيها العمل تباعاً لإنشاء قطار خفيف وخطوط باصات, إذ من المقرر أن تبدأ مشاريع النقل العام في الرياض خلال خمس سنوات، كما سيكون في جدة خلال سبع سنوات، وأرجع أسباب طول تلك المدد لطبيعة المشاريع الضخمة، التي تبنى داخل مدينتي الرياض وجدة دون تعطيل حركة النقل الاعتيادية في تلك المدن.
وأوضح أن الحافلات تعد الحل الأمثل في مكة لأن فيها مرونة وتكاليف اقتصادية منخفضة، فإذا زاد الطلب زادت الباصات, وإذا انخفض قُلّصت أعداد الباصات, كما أن القطارات تنتقل بين محطات، والباصات تنقل من الباب للباب، بالإضافة لاحتمالية تغير طبيعة المدن مثل مكة والمدينة، فقد تتحول أحياء سكنية لتجارية مثلما حدث في الرياض قبل فترة.
وقد شهدت جلسات اليوم الأول لـ "ملتقى آفاق النقل العام في المملكة" أمس في جدة انتقادات واسعة من عدد من المختصين في مجال النقل واقتصاداته، فجدوى تحمُّل الدولة تكاليف "مُبالغ" فيها، على حد تعبير الحاضرين، دون أن يكون للقطاع الخاص السعودي دور في تطوير وإنشاء النقل العام في السعودية، في ظل الاستخدام السيئ من قِبل المواطنين لتلك الطرق وزيادة أعداد حوادث السيارات سنوياً.
كما انتقد الحاضرون أيضاً طول المدة الزمنية، التي تستغرقها تنفيذ تلك المشاريع، وزيادة ميزانيات تلك المشاريع، مقارنة بمشاريع مماثلة في دول مجاورة، وتساءلوا عن دور الوزارة لضمان الانتهاء من تلك المشاريع في وقتها المحدد دون تأخر, ومدى استفادة الوزارة من التجارب الفاشلة للنقل العام في الدول المختلفة حول العالم.
وبدوره، علّق وكيل وزارة النقل لشؤون النقل أن تكلفة إنشاء الكيلو متر الواحد من المترو في السعودية تساوي تكلفة 30 كيلو مترا في قطر وسنغافورة, مشيراً إلى أنه لا يمكن مقارنة ميترو أنشئ في 2006 بمترو بدأ تنفيذه في 2013, موضحاً أن سعر الكيلو متر الواحد يدخل في تكلفته أجور الكهرباء, وأجهزة التحكم, والعربات, وليس كأي كيلو متر عادي.
وبين أن الدولة لا يمكنها إجبار القطاع الخاص السعودي للدخول في البناء, إلا أنه عليها تهيئة البنية التحتية للنقل العام في بداياته كي يكون مجديا ويزيد عليه الإقبال, ليدخل القطاع الخاص فيها، مشيراً إلى أن الدول الاقتصادية الكبرى تجني أرباحا وفيرة من هذا المجال، نظراً لدخول الحكومة في البداية في تلك المشاريع.
وفي سياق آخر، أوضح المهندس محمد السويكت، رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية, على هامش مشاركته أمس في الملتقى أن الاستراتيجية الجديدة للنقل العام بدأ تنفيذها بالفعل, حيث تم تنفيذ 9900 كم من الخطوط الحديدية عبارة عن 19 خطا تشمل ربط المملكة شمالها بجنوبها وشرقها بغربها، وستنتهي هذه المشاريع عام 2030م.
وتوقع السويكت قرب البدء في تنفيذ الجسر البري, ومشروع قطار المجلس التعاون الخليجي, والتي تحت التنفيذ, وقطار الحرمين, خط الشمال الجنوب, موضحا بأن الخط الخليجي يبلغ طوله 2200 كم, ومن المقرر أن يربط الكويت شمالاً بعمان جنوباً, وجزء داخل المملكة, يصل لـ 663 كم, وقد تم بدء التنفيذ في السكة الحديدية في عدد من الدول منها الإمارات، وستلتحق بهم السعودية قريباً.
واستطرد السويكت قائلاً: "كما أن مشروع قطار الحرمين ينقسم إلى ستة أجزاء, يبدأ بمكة المكرمة وينتهي بالمدينة المنورة, ونظراً لأن المشروع يواجه بعض العراقيل في الجزء الخاص في منطقة مكة المكرمة وجدة فقد تم تشكيل لجان خاصة لوضع الحلول لتلك العقبات, ولضمان عدم تأخر تنفيذ المشروع عن الجدول الزمني المحدد مسبقاً له".
وتابع قائلاً: "أما بالنسبة للجزء الشمالي لمشروع قطار الحرمين, فقد بدأ العمل في المرحلة الثانية من المشروع", إذ بدأ المقاول المسؤول عن تمديد وتركيب القضبان, بمدها على الأجزاء المخصصة لمسار القطار بين المدينة المنورة, ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية بثول.
وأفاد رئيس مؤسسة الخطوط الحديدية بأنه تم ابتعاث المجموعة الأولى من قائدي القطارات، مؤكداً أن المؤسسة تستهدف توطين 70 في المائة من عدد العاملين في مشروع قطار الحرمين, ويبلغ عدد تلك الوظائف نحو 3098 وظيفة, سيكون 70 في المائة منها للسعوديين, وستبدأ المؤسسة بتلك الخطوة ضمن مشروع المرحلة الثانية, والتي تشمل تشغيل مشروع قطار الحرمين لمدة 12 عاما.