الإسكان لمحدودي الدخل .. الحل يبدأ من المجتمع

ازمة الاسكان موضوع حيوي للمجتمع نتيجة ملامسته لحاجة شريحة ليست بالصغيرة في مملكتنا الغالية، بعض الكتاب يطرح الحلول والاقتراحات رغبة في ايصالها الى صاحب القرار بينما قد يجد البعض الاخر في هذا الملف مادة جاذبه لقراءة مقالاته وتلميع صورنه، في الجانب الاخر لم يكن للفئات المحدودة الدخل نصيب وافر من تلك المقالات بالرغم من الاهمية البالغة التي توليها الدولة في رعاية هذه الفئة.

قبل الدخول في موضوع المقال لابد من الاشارة الى الاجراءات الايجابية التي قامت بها العديد من الجهات الحكومية لتعديل الاختلالات الهيكلية في سوق العقارات بشكل عام خلال الفترة الماضية، هذه الاجراءات يتوقع في حالة تطبيقها "بالشكل الذي خططت من اجله" ان تنعكس بشكل ايجابي على عنصري العرض والطلب في السوق العقاري وبالتالي سوف تساعد بشكل او باخر على دفع ملف الاسكان نحو الطريق الصحيح بالرغم من الصعوبات المتوقع حدوثها خصوصا اذا ما اخذنا في عين الاعتبار مقاومة اصحاب المصالح لتلك الاجراءات.

فمن برامج متعددة اطلقتها وزارة الاسكان كبرامج الدعم الاسكاني الى الترخيص لجهات تمويلية متعددة لممارسة انشطة التمويل العقاري من مؤسسة النقد العربي السعودي جميعها اجراءات تصب باتجاه تحفيز القطاع العقاري نحو مستقبل اسكاني افضل، لكن السؤال هل الجانب الاقتصادي وحده هو من سيحل الازمة لجميع فئات المجتمع ؟.

باعتقادي ان ملف الاسكان بالرغم من ارتباطه بالجانب الاقتصادي الا انه له جانب مجتمعي مهم يجب تفعيله عن طريق التكافل بين افراده، هذا التكافل قد يكون العامل الرئيسي في توفير حياة معيشية اكثر امانا واستقرارا للفئات المحتاجة من محدودي الدخل ودفعهم للتمتع بمستوى معيشي افضل ومن ثم سينعكس هذا الاثر ايجابيا على المجتمع ككل.

ان عملية فهم المشكلة بشكلها الواسع بعيدا عن الجانب الاقتصادي الضيق سوف يساعد في فهم اكبر للأثر السلبي المباشر التي قد تحدثه هذه الازمة على هذه الشريحة، ومن ثم محاولة تخفيف هذه الاثار عن طريق طرح حلول تساعد في تيسير تملك "السكن المناسب" لتلك الفئة، خصوصا اذا علمنا عدم استطاعة بعضهم دفع الايجار اصلا فضلا عن تملك منزل مناسب. ان عملية حل مشكلة مرتبطة بالفئة من محدودي الدخل تحتاج الى اعادة التفكير بشكل جدي ودراسة الاثار السلبية التي قد تغيب عن البعض ويدركها المواطن البسيط الباحث عن سكن له ولعائلته يحقق له الاستقرار، وبالمقابل قد لا يفهمها التاجر و المضارب خصوصا اذا تعارضت حلول الاسكان مع مصالحة الربحية الضيقة ولنا في فرض رسوم على الاراضي البيضاء مثال على ذلك.

بظني ان وضع حلول لفئات المجتمع الاكثر احتياجا للسكن ودمجهم في المجتمع هو عنصر رئيسي نحو الخروج من الازمة ككل وليس فقط مجرد اجراء شكلي خصوصا اذا علمنا ان كل وحدة سكنية يتم ضخها في السوق تساعد على الحل وتزيد العرض، وقد نجد ان من الحلول التوسع في المؤسسات الخيرية الاسكانية وإعطائها دور اكبر في عملية تحفيز اصحاب الاموال والمؤسسات المالية على انشاء "مساكن مجتمعية" قريبة وداخل الاحياء السكنية، ويمكن ان يضاف اليها انشاء صندوق مجتمعي لتمويل انشاء المساكن للفئات الاكثر حاجة ويتم دعمه من الدولة والقطاع الخاص على حد سواء، اضف الى ذلك تخصيص جزء من رسوم قد تفرض على عقارات مختلفة كالأراضي البيضاء واستثمار الاوقاف الخيرية وتخصيص عوائدها له.

ان تكامل الطروحات بين الجوانب المختلفة الاقتصادية منها والمجتمعية سوف يساعد صاحب القرار على تكوين تصور متكامل قادر بعون الله على تخفيف اثار ازمة اخذت من الوقت والجهد الشي الكثير، وهذا لا يمنع من الاستفادة من خبرات الدول الاخرى في دعم الفئات محدودة الدخل، خصوصا ان قضية الاسكان لا تخص وطننا لوحدة بل هي قضية متكررة في كثير من الدول بما فيها المتقدمة منها بالرغم من وجود اسباب قد تميزها لدينا عن غيرها كارتفاع اسعار الاراضي واحتكارها وصعوبة الحصول على الايدي العاملة في المقاولات، يجب علينا الحرص على البداية من حيث انتهى الاخرون في ملف هذه الفئة وطرح برامج وحلول لاختصار الوقت والدفع نحو مستقبل اسكاني افضل بإذن الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي