أزمة أوكرانيا تشعل المضاربات في أسواق الحبوب .. القمح يرتفع 10 %
واصلت الأزمة السياسية في أوكرانيا تفاعلاتها مع أسعار الحبوب في البورصات العالمية، فتصاعدت حدة المضاربات في تلك الأسواق خاصة بعد تلويح الغرب بفرض عقوبات على روسيا، ردت عليها الأخيرة بتحذيرات قوية، هذا في الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمة داخل أوكرانيا وانعكاسها على المزارعين الذين بدأوا يواجهون مشكلات تمويلية بعد تقليص البنوك الدولية العاملة هناك حجم أعمالها بإلغاء جزء من التمويلات الممنوحة للتجار وصغار المزارعين، وهو ما قفز بأسعار القمح العالمية خلال الأسبوع الماضي نحو 10 في المائة، فيما ارتفعت أسعار الذرة نحو 8 في المائة وذلك على الرغم من ارتفاع إنتاج المخزونات العالمية لمستويات قياسية هذا العام.
وحسب رصد "الاقتصادية" لتطورات سوق الحبوب العالمية خلال الأسبوع الماضي، فإن الأسعار لعقود شهر نيسان (أبريل) في بورصة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية والمتخصصة في تداول القمح الطري قفزت إلى 286 دولارا للطن فوب مقابل 260 دولارا قبل أسبوع بارتفاع 26 دولارا للطن، أي بارتفاع 10 في المائة، وتعد مصر المستورد الأساسي لهذه النوعية من القمح التي تبلغ نسبة البروتين فيها 11.5 في المائة.
أما القمح الصلب، الذي تستورد السعودية أغلب الكميات منه، ونسبة البروتين فيه تتجاوز 12.5 في المائة، فتعتبر بورصة كانساس بالولايات المتحدة الأمريكية هي المؤشر الأساسي لأسعاره لتخصص ولاية كانس والمنطقة الوسطي من الولايات المتحدة في زراعته، حيث ارتفعت أسعار عقود نيسان (أبريل) خلال الأسبوعين الماضيين بنحو 22 دولارا للطن إلى 321 دولارا للطن مقابل 298.7 دولار للطن بارتفاع 7 في المائة.
#2#
وقفزت أسعار الذرة العالمية الأمريكية إلى 237 دولارا للطن فوب مقابل 222 دولارا للطن قبل أسبوعين بارتفاع 7 في المائة. أما أسعار الذرة في الأرجنتين فقد صعدت إلى 228 دولارا للطن فوب مقابل 214 دولارا للطن قبل أسبوعين بارتفاع 6.5 في المائة.
وكذلك أسعار الشعير العالمية ارتفعت هي الأخرى، حيث سجل طن الشعير الفرنسي 259 دولارا للطن فوب مقابل 243 دولارا للطن قبل أسبوعين بارتفاع 16 دولارا بنسبة 6.6 في المائة.
وما يزيد من احتمالات استمرار ارتفاع الأسعار هو أن محللين توقعوا انخفاض المساحات المزروعة من محاصيل الحبوب الربيعية في أوكرانيا على خلفية معاناة صغار ومتوسطي المزارعين الذين يملكون مساحات تقل عن 50 ألف هكتار من ضعف التمويل اللازم لتغطية نفقات الزراعة خلال الفترة القليلة المقبلة، كما دفعت هذه التوترات خروج بنك بي إن بي باريبا الفرنسي من أوكرانيا، واتجه كثير من البنوك الدولية العاملة هناك إلى تقليص حجم أعمالها وإلغاء التمويل الممنوح للتجار بشكل دفعهم إلى الاستمرار في بيع المحاصيل الزراعية للتغلب على مشكلات نقص السيولة، إلا أن انخفاض العملة المحلية (هيرفنيا) أمام العملات الأجنبية بنسبة 20 في المائة حد من هذا التوجه، حيث يفضل العديد من المزارعين الاحتفاظ بالمخزونات من السلع لكونها مخزونا آمنا مقارنة بالعملة المحلية المتناقصة.
وفي الوقت الذي تسير فيه عمليات شحن الحبوب من الموانئ الأوكرانية بشكل طبيعي، إلا أن هناك شبه توقف في إبرام عقود جديدة للتصدير، حيث تتخوف الشركات الموردة والتجار من عدم تنفيذ العقود سواء القائمة أو المستقبلية نتيجة عدم اتضاح الرؤية، وفي الغالب يلجأ التجار المحليون في أوكرانيا عند حدوث أي أزمة في إعادة أو إجراء تعديلات على العقود الموقعة سواء بالسماح بمد فترة التوريد أو تأخيرها إضافة إلى إجراء مفاوضات لرفع الأسعار وهو ما يضطر المستورد أو الشركة المتعاقدة إلى القبول به بدلا من الدخول في قضايا تحكيم دولية قد يخسرها نتيجة ما يسمى بالظروف القاهرة التي تنشأ نتيجة إعلان حرب أو صدور قرارات من سلطات الدولة بحظر التصدير وهو ما يستند إليه الموردون عند عدم قدرتهم على الوفاء بتوريد العقود.
وعلى صعيد الإنتاج العالمي من الحبوب، تشير توقعات مجلس الحبوب العالمي إلى ارتفاع الإنتاج العالمي من الحبوب هذا الموسم إلى 1.96 مليار طن مقابل 1.79 مليار طن الموسم الماضي، أي بارتفاع 9.5 في المائة. أما المخزونات العالمية من الحبوب، وهي الأكثر تأثيراً في الأسعار العالمية، فمن المتوقع أن تصل هذا الموسم إلى 386 مليون طن مقابل 334 مليون طن الموسم الماضي، أي بارتفاع 15.5 في المائة، وهو ما يفسر أن المعروض العالمي الحالي من الحبوب قادر على استيعاب أي نقص من منطقة البحر الأسود، إلا أن المضاربات هي التي تقود أسواق الحبوب العالمية.
وتشير البيانات حول مخزونات القمح العالمية هذا الموسم إلى أنها ستسجل مستوى قياسيا عند 190 مليون طن مقابل 173 مليون طن الموسم الماضي بارتفاع 10 في المائة، وهو أعلى مستوى لها خلال آخر خمس سنوات. أما مخزونات الذرة فهي الأخرى عند أعلى مستوياتها وبارتفاع يصل إلى 21 في المائة مقارنة بالموسم الماضي، حيث من المتوقع أن تسجل 154 مليون طن مقابل 127 مليون طن الموسم الماضي، وهو أعلى مستوى لها خلال السنوات الأخيرة.