شكوك حول قدرة الغاز الصخري على توفير طاقة رخيصة
قال الرئيس التنفيذي لمجموعة التعدين والنفط والغاز "بي إتش بي بيليتون" إن الاعتماد على الغاز الصخري قد يكون حلاً "مكلفاً للغاية" لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.
ودعا أندرو ماكينزي الذي تولى رئاسة "بي إتش بي" العام الماضي، إلى فرض ثمن على انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الكوكب، بهدف التصدي لخطر الاحتباس الحراري العالمي. وقال إن صناعة التعدين بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لتطوير تكنولوجيا لالتقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون.
وشدد ماكينزي في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" في هيوستن على أن "من غير العملي نهائياً" الإشارة إلى أن الغاز الصخري يمكن أن يكون الحل الوحيد لتوفير الطاقة بأسعار معقولة للعالم، وفي الوقت نفسه العمل على خفض انبعاثات الكربون.
وقال: "علينا أن نكون حذرين قليلاً بشأن قياس التجربة الأمريكية وتطبيقها على بقية العالم". ولاحظ أن احتياطيات المكامن الصخرية خارج أمريكا الشمالية لا تزال غير مؤكدة وتتطلب كثيرا من الاختبار والتطوير.
وأضاف: "ليس من المفيد بشكل خاص الحديث عن الكيفية التي يمكن أن تحل بها جميع مشكلاتنا بواسطة شيء يعتبر مكلفاً للغاية بالنسبة لمعظم البلدان".
ولدى "بي إتش بي" عمليات لإنتاج الغاز في الولايات المتحدة وأستراليا، لكنها تستخرج أيضاً الفحم الذي يُحرَق في محطات توليد الطاقة، واليورانيوم المستخدم للطاقة النووية، والنحاس المستخدم في الأسلاك الكهربائية، لذلك يجادل ماكينزي بأن لدى الشركة وجهة نظر "موضوعية" بشأن المنافسة بين مصادر الطاقة المختلفة.
وتوقع أن يكون الغاز الطبيعي الوقود الأحفوري الأسرع نمواً في العالم خلال العقود الثلاثة المقبلة، مبينا أن بي إتش بي ملتزمة باستثمار رأسمالي يبلغ أربعة مليارات دولار سنوياً في مشاريعها للنفط والغاز الصخري، في إطار مبلغ إجمالي يبلغ 16 مليار دولار.
ومرت الشركة بتجربة مؤلمة في النفط الصخري الأمريكي، حين اضطرت إلى شطب 2.8 مليار دولار من قيمة أصول حصلت عليها العام الماضي مقابل 4.8 مليار دولار. ومع ذلك بقيت تعمل لتحسين كفاءة العمل وتقول إنها خفضت تكاليف إنتاج النفط والغاز الطبيعي المستخرج من النفط الصخري في حقل إيجل فورد في جنوب تكساس بنسبة 30 في المائة خلال العام الماضي.
ومع ذلك، تتوقع بي إتش بي أيضاً أن يواصل الفحم لعب دور مهم في تلبية الطلب على الطاقة. وعلى الرغم من عدم وجود خطط لتطورات جديدة في الفحم، إلا أن الأمر غير مستبعد إذا تحسنت الأسواق.
وقال ماكينزي إنه يقبل المخاوف التي أثيرت حول تأثير ذلك على المناخ الذي يستمر فيه حرق الوقود الأحفوري.
وتجادل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن استخدام الطاقة تسهم في خطر الاحتباس الحراري العالمي الكارثي. ويقول ماكينزي إن تحليلات الهيئة "صحيحة على نطاق واسع"، ما يعني أن العالم في حاجة إلى تكنولوجيا لخفض هذه الانبعاثات.
وتدعم شركة بي إتش بي إلغاء الحكومة الأسترالية المقرر لضريبة الكربون، التي قال عنها ماكينزي "إنها لم تكن في الواقع مصممة بشكل جيد"، لكنه أضاف أن الشركة يمكن أن تدعم السياسات البديلة للحد من الانبعاثات في البلاد، وهي تريد أن تشارك في وضع تلك الخطط.
وذكر أن أحد الحلول لتقليص الانبعاثات سيكون في أن تعمل التكنولوجيا على اقتناص وتخزين انبعاثات الكربون من معامل الكهرباء، التي ستكون لازمة لمحطات الغاز ومحطات الفحم كذلك، حتى إن كانت الانبعاثات من حرق الغاز أقل.
وكان الاستثمار في اقتناص الكربون في أنحاء العالم متعثراً، وتم إلغاء كثير من المشاريع، بينما تجاوزت تكلفة مشاريع أخرى ميزانياتها بمسافة لا بأس بها.
معادلة بريطانية سالبة
وحين رفعت الجمعية الجيولوجية البريطانية تقديراتها إلى الضعف بخصوص حجم احتياطيات الغاز الصخري في حوض بولاند، رفعت بالتالي التوقعات بحدوث ثورة في الغاز الصخري في بريطانيا على غرار الثورة الأمريكية.
ويعتبر هذا الحوض، الذي يمتد من تشيشاير إلى يوركشاير، واحداً من أكثر الحقول البرية الواعدة للغاز الصخري، ويمكن أن يشتمل على 822 ـ 2281 تريليون قدم مكعب.
ويقول جون ماكجولدريك، الرئيس التنفيذي لشركة دارت للطاقة، المختصة في الغاز غير التقليدي: "إن إمكانات الغاز الصخري هائلة هنا، حتى لو أننا حصلنا على 1 في المائة فقط من التقديرات الحالية".
لكن مجرد كون الغاز قابل للاستخلاص لا يعني أنه مجز من الناحية الاقتصادية ولا بد لشركات التنقيب أن تحفر الآبار لاكتشاف معدلات تدفقه. وتعتبر كوادريلا الشركة الوحيدة التي حفرت في بريطانيا، ولم يتم استخدام التكسير الهيدروليكي في أي آبار منذ أن رفع قبل أكثر من سنة حظرا دام 18 شهراً. وتظل إمكانات الغاز الصخري في بريطانيا غير معروفة إلى حد كبير.
والتنقيب مكلف ومن السهل إنفاق المزيد على الحفر على نحو يفوق قيمة الغاز الذي يخرج من البئر. وتكاليف الحفر في بريطانيا، مقارنة بالولايات المتحدة، أعلى بصورة لا يستهان بها. ويلقى اللوم إلى حد كبير على سلسلة الطلب الوليدة والعملية الطويلة في إصدار التراخيص.
ويقول فرانسيس إيجان، الرئيس التنفيذي لشركة كوادريلا: "الوضع هنا أبطأ كثيراً مما هو في الولايات المتحدة. علينا أن نتقدم بطلبات من أجل ثمانية أو تسعة تراخيص لكل بئر استكشافية".
والجيولوجيا تشكل عاملا آخر. ففي حين تبدو احتياطيات الغاز الصخري في بريطانيا أكثر كثافة مما هي في الولايات المتحدة، إلا أن التركيب الجيولوجي لبريطانيا يرجح له أن يكون أصعب.
ويقول جو كارترايت، أستاذ كرسي شل لعلوم الأرض في جامعة أكسفورد: "بريطانيا مليئة بالصدوع مقارنة بالمنطقة الصخرية العادية في أمريكا الشمالية، مثل مارسيلوس أو إيجل فورد. إن مناطقنا هنا أكثر تعقيداً في تركيبها الداخلي".
ولأن التكاليف في بريطانيا أعلى، فلا بد أن يحقق الغاز سعراً أعلى حتى يصبح إنتاجه مجديا من الناحية الاقتصادية. وفي الوقت الحاضر تبلغ الأسعار الاستهلاكية للغاز في بريطانيا ضعف الأسعار الأمريكية. ويقول ماكجولدريك: "ستكون تكاليفنا أعلى، لكن هل ستكون ضعف التكاليف الأمريكية؟ لا أظن ذلك".
وبحسب أليكس جرانت، من بنك جيفريز الاستثماري: "في الوقت الحاضر المعادلة الاقتصادية سالبة".