80 شركة أمريكية طلبت الحضور للرياض والوزيرة خفضتها إلى 21
نثر نحو 400 رجل أعمال سعودي وأمريكي بطاقات البيزنس الكارت على طاولة كبيرة وضعت في بهو قاعات الاجتماعات الرئيسة في فندق إنتركونتنينتال في الرياض أمس، في مشهد يعكس نوايا الصفقات ومفهوم الاستثمار التجاري والاقتصادي بين الرياض وواشنطن، هذا المشهد كان عنوانه "علاقات ثنائية وقوية من خلال التجارة والاستثمار" حيث تصدرت هذه العبارة اللوحة الترحيبية لحفل زيارة بني بريتزكر وزير التجارة في الولايات المتحدة، وحضر المناسبة الأمير عبد العزيز بن سلمان نائب وزير البترول والثروة المعدنية والأمير عبد العزيز بن أحمد، وعدد من المسؤولين في القطاعين الخاص والعام في السعودي وطبعا رجال الأعمال من الطرفين.
ونظم مجلس الأعمال السعودي ـ الأمريكي حفل الاستقبال بمناسبة زيارة بعثة تطوير الأعمال التي تقودها الوزيرة أمس في الرياض وتنتهي في قطر في 14 آذار (مارس) الجاري.
وقال المهندس محمد الماضي رئيس مجلس الإدارة المشارك في الجانب السعودي لمجلس الأعمال السعودي - الأمريكي "مقياس صحة المستقبل واستمرار نمو التجارة الثنائية لدينا هو العدد المتزايد من المصدرين الأمريكيين الجدد إلى السعودية في العام الماضي مشيرا إلى أنه دخل أكثر من 150 شركة في السوق السعودية لأول مرة".
وشهد برنامج جولة الوزيرة بريتزكر استضافة المديرين التنفيذيين رفيعي المستوى ومسؤولين حكوميين من الولايات المتحدة السعودية لتوفير نظرة ثاقبة على الاتجاهات في السوق السعودية.
ومن جهته، أوضح إدوارد بيرتون الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الأعمال السعودي الأمريكي أنه يسر مجلس الأعمال استضافته لأول مرة وزير تجارة أمريكي رسمي يقوم بزيارة السعودية خلال ثماني سنوات حيث تضاعفت قيمة التجارة بين البلدين خلال تلك الفترة، كما أن صادرات الولايات المتحدة إلى المملكة قد تضاعفت نحو ثلاث مرات، مشددا في الوقت نفسه أنه يأمل أن تعمل الزيارة على تأكيد التزام الولايات المتحدة بمزيد من النمو في العلاقات الثنائية بين البلدين.
#2#
ومن جانبها، قالت الوزيرة بريتزكر "نقدر لإدارة الرئيس أوباما العلاقات مع السعودية والخليج ونعتقد أن هناك العديد من الفرص الاستثمارية في العديد من القطاعات التي يجب أن نشارك ونتعاون فيها بعمق، حيث يحظى قطاع الأعمال الأمريكي بدور مهم في صنع الاهتمام المشترك بين البلدين، مبنية أن الشركات التي ترافقها لديها الأفكار وخبرة التقنية التي ستساعد الجانب السعودي على تنفيذ خططهم المهمة في التشييد والبنية التحتية والكل يعلم أن العمل الجماعي مربح للطرفين.
وحيث تبيع الشركات الأمريكية منتجاتها وخدماتها لسوق جديدة فإنه مفيد للاقتصاد الأمريكي، متمنية أن تقود هذه البعثة التاريخية التجارية العديد من العلاقات المتبادلة بين البلدين.
وذكرت الوزيرة أن مستوى الاهتمام من الشركات الأمريكية بالانضمام إليها في زيارتها السعودية كان لافتاً للنظر بشكل كبير، حيث تقدمت 80 شركة بطلبات للاشتراك، واضطرت الوزيرة لتخفيض العدد إلى 21 شركة للمشاركة في الوفد.
وقالت: "تمتلك هذه الشركات خبرة عالمية في الطاقة المتجددة والزراعة والبنية التحتية. إنها مجموعة مذهلة".
وأضافت: "نحن بطبيعة الحال حلفاء استراتيجيون أساسيون، وتظل علاقتنا الأمنية مهمة تماماً. والواقع أن السعودية خلال الفترة الأخيرة اشترت 72 طائرة من طراز ف – 15، وهي أكبر عملية شراء من هذا النوع في التاريخ. وقالت "إننا نقر بأنه حتى الأصدقاء المقربون يمكن أن يختلفوا فيما بينهم أحياناً، إلا أن هذا لن يؤثر على أسس الصداقة التي تربطنا".
وتابعت تقول: "إن التزامنا بهذه العلاقة لن يتغير حتى في الوقت الذي تصبح فيه الولايات المتحدة مكتفية ذاتياً أكثر من ذي قبل في مجال الطاقة. إن أمريكا تعرف أهمية استقرار أسواق الطاقة العالمية، بالنسبة إلينا، وبالنسبة إلى حلفائنا، وبالنسبة إلى الاقتصاد العالمي المتداخل الذي يعتمد بعضه على بعض.
وقالت "وفي السنة الماضية، وصلت تجارتنا المتبادلة إلى 71 مليار دولار. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وللمرة الأولى، كانت الصادرات الشهرية من الولايات المتحدة إلى السعودية أكثر من ملياري دولار. هناك طلب قوي ومتزايد من السعودية على السيارات والطائرات والآلات وتكنولوجيات الطاقة المتحدة، والبنية التحتية ذات النطاق الواسع.
وأضافت "أن وزارة التجارة مسؤولة عن مساعدة الشركات الأمريكية على الدخول والنمو في الأسواق الأجنبية. ويسرني أن أقول إنه خلال السنوات الأربع السابقة فإن قسم الخدمات التجارية ساعد نحو 500 شركة في إنشاء أعمالها، وبيع السلع والخدمات في السعودية. على سبيل المثال، شركة Headworks International، وهي ضمن وفدنا التجاري، تقدم معدات للصرف الصحي وخدمات التصريف إلى جامعة الملك سعود في الرياض.
وأوضحت الوزيرة الأمريكية "اجتمعنا في وزارة الزراعة والمياه أمس. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على هذه المنافع والخدمات بنسبة 10 في المائة سنوياً في السعودية، بسبب الزيادة والتوسع في عدد السكان. وأنا أحيي القيادة السعودية على خططها لاستثمار أكثر من 150 مليارا على مدى العقدين المقبلين لتحديث البنية التحتية للبلاد. وتأمل الشركات الأمريكية أن تكون جزءاً من هذه المشاريع. وهي تتمتع بخبرة عميقة تستطيع أن تساعد أصدقاءنا في السعودية على اكتساب الوصول إلى المياه والكهرباء بتكلفة ميسورة. كما التقينا خلال زيارتنا هذه مسؤولين في مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة.
وأشارت إلى أن لدى السعودية هدفا طموحا في أن تحصل على نصف الطاقة لديها من مصادر بديلة، حيث يأتي ثلث هذه الاحتياجات من الطاقة الشمسية. وبصورة عامة، وبمجموع يزيد على تريليون دولار في المشاريع الحالية والمستقبلية في أنحاء السعودية، فإن الفرص للعمل معاً هي فرص هائلة: من نظام مترو الرياض، الذي تبلغ قيمته 22 مليار دولار، إلى مشاريع السكك الحديدية في عدة مدن في مختلف أنحاء البلاد، إلى كثير من المشاريع الضخمة التي تزيد قيمة الواحد منها على مليار دولار.
وفي الوقت الحاضر تحقق السعودية خطوات عديدة مهمة لحماية الملكية الفكرية، حيث توسع العقوبات على مخالفي حقوق الطبع. وقلصت أيضاً استخدام البرامج المقلدة، ووظفت عدداً من الموظفين الجدد المختصين بفحص العلامات التجارية، الذين سيتلقون مساعدة تدريبية من مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية في الولايات المتحدة.
وهناك مجال آخر للتعاون بين الحكومتين، وهو القانون التجاري، حيث تعمل وزارة التجارة الأمريكية مع وزارة العدل ووزارة التجارة والصناعة في السعودية من أجل إنشاء بيئة قانونية لمساندة أصحاب المشاريع. ولفتت الوزيرة الأمريكية في ختام حديثها إلى أنها بصدد عرض فكرتين إضافيتين لمساعدتنا في تعميق علاقاتنا التجارية أكثر من ذي قبل.
الأولى هي أننا نود أن نشهد المزيد من الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، فقد وضع الرئيس أوباما أول برنامج فيدرالي لمساندة الاستثمارات الداخلة – وهو برنامج SelectUSA (اختاروا الولايات المتحدة) – الذي يخضع لإدارة وزارة التجارة. ويعمل موظفو الخدمات التجارية في الوزارة على الربط بين المستثمرين وبين الموارد والأصول التي تقدمها الولايات المتحدة – وهي بالتحديد جامعاتنا، وقاعدتنا الاستهلاكية العريضة، ومؤسساتنا المالية، ومراكز الأبحاث والتطوير، وسلاسل التوريد.
أما الفكرة الثانية فهي أن نقدم الفرص التعليمية والفرص في مجال ريادة المشاريع للجيل المقبل من الأمريكيين والسعوديين. وقد أعطانا الملك عبد الله مثالاً رائعاً من خلال برنامجه للابتعاث الخارجي، ففي الوقت الحاضر يدرس عشرات الآلاف من الطلاب السعوديين في أمريكا وفي مختلف أنحاء العالم.
فهؤلاء السفراء الشباب أنشأوا روابط ستزدهر وتثمر في العقود المقبلة. وإذا سمحتم لي باقتباس ما قاله الملك عبد الله من أن هذا البرنامج مخصص "من أجلهم حتى يعرفوا العالم، ومن أجل أن يعرفهم العالم"، هذه رؤية رائعة، وأرجو أن نشهد المزيد من برامج تبادل الطلاب.