«شل» تتكبد خسائر بمليار دولار بسبب سرقة النفط النيجيري
تعد نيجيريا واحدة من أكثر مراكز إنتاج النفط أهمية وإزعاجا لعملاق النفط العالمي رويال دويتش شل، خاصة بعدما أعلنت الشركة أمس عن خسارة تقارب المليار دولار جراء سرقة النفط والاضطرابات المختلفة التي شهدتها نيجيريا العام الماضي، وتعتقد "شل" أن التشريعات النيجيرية تعيق الاستثمار والإنتاج النفطي، بالإضافة إلى أن السيولة الأمنية وسرقة النفط تعد تحديا يوميا.
وأشارت "شل" في تقريرها السنوي إلى أن 10 في المائة تقريبا من إنتاجها مصدره نيجيريا، وأنها تتوقع أن يزداد هذا المعدل مستقبلا، لكنها أقرت بأن مخاطر العمل في نيجيريا تزداد سوءاً. وبلغ متوسط إنتاج شركة شل من الغاز والنفط النيجيري نحو 265 ألف برميل يوميا العام الماضي، بانخفاض نحو 100 ألف برميل عن عام 2012. وعلى الرغم من الاتهامات التي توجه لشركة شل بأنها تهمل منطقة دلتا النيجر التي تستخرج منها النفط، فإن الشركة تؤكد أنها استثمرت العام الماضي 100 مليون دولار في مشاريع محلية في مجالي الزراعة والرعاية الطبية، وأن المشاريع التي تقودها "شل" أسهمت بنحو 700 مليون دولار في صندوق التعليم الحكومي في السنوات الخمس الماضية.
ويؤكد لـ "الاقتصادية" الخبير النفطي في شل سي آي بيكر، أن خسائرنا تقدر بنحو مليار دولار سنويا جراء الاضطرابات وعمليات سرقة النفط، إلا أن خسائر الحكومة النيجيرية أعلى من ذلك بكثير إذ تقدر خسائرها الضريبية جراء سرقة النفط بنحو 12 مليار دولار، ومن ثم فإن التعاون بين الطرفين سيعود علينا وعلى الحكومة بالفائدة، وتعمل شركة شل في نيجيريا منذ عام 1937، وتمتد مساحة عملياتها النفطية لنحو 20 ألف كيلو متر مربع، وتمتلك نحو 6000 كيلو متر من أنابيب النفط.
من جهة أخرى، بلغت أرباح عملاق النفط العالمي شركة رويال دويتش شل خلال العام الماضي ما قيمته 16.75 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل تراجعا عما حققته عام 2012 عندما بلغت أرباحها 27 مليار دولار، وأرجعت الشركة هذا التراجع لمجموعة من العوامل أبرزها كما جاء في تقريرها السنوي زيادة العرض العالمي من النفط وتزامنه مع انخفاض الطلب إضافة إلى خسائر تقدر بالمليارات نتيجة الأوضاع في نيجيريا. ودفعت التراجعات المليارية في أرباح الشركة دفعت بالمدير التنفيذي الجديد بين فان بيردان لطرح خطة للإنعاش، تتضمن تقسيما أكثر تفصيلا لوحدات العمل لرصد مستوى الأداء، وزيادة المساءلة، لكن الأكثر تأثيرا كان رؤيته لتوزيع استثمارات الشركة والبدء في تطبيق خطة لسحب الاستثمارات من المناطق غير الاستراتيجية بهدف تحسين التدفقات النقدية والعوائد المتاحة لشل على أن يتم استثمار هذه الأموال في مناطق أخرى من العالم، ومن المتوقع أن تشهد النفقات الرأسمالية للشركة هذا العام تراجعا لتبلغ 37 مليار دولار مقابل 46 مليارا العام المنصرم.
وفي أول تطبيق للاستراتيجية الجديدة، قلصت "شل" إنفاقها في أمريكا بما يقارب 20 في المائة كما تخطط لإنهاء خدمات نحو 30 في المائة من العاملين الدائمين لديها والمتعاقدين هناك، وأرجعت الشركة هذا إلى تواصل خسائرها في أمريكا الشمالية رغم ضخها لنحو 80 مليار دولار أي ما يعادل 36 في المائة من رأسمالها في مشروعات هناك.
ولـ "الاقتصادية" يعلق الخبير النفطي في شركة شل سي آي بيكر قائلا إن تقليص نفقات واستثمارات "شل" في أمريكا يمثل تحديا كبيرا لنا، فنحن الآن نخطط لبيع 700 ألف هكتار من الأرض في تكساس وكنساس وذلك في إطار إعادة تقييم أصولنا في أمريكا، ومن المتوقع أن نسرع حركتنا لبيع بعض ما لدينا من أصول حول العالم، إذ نستهدف بيع أصول تقدر بـ 15 مليار دولار، وعلينا أن نتذكر أننا انفقنا قرابة 4.5 مليار دولار في مساعينا لاكتشاف النفط في سواحل ألاسكا، لكننا فشلنا في حفر ولو بئر واحدة. أما الدكتور بيتر كاديت أستاذ مادة اقتصادات النفط في جامعة برادفورد فيعتقد أن توقيت انسحاب "شل" من أمريكا خاطئ، ولـ "الاقتصادية" يؤكد أن تراجع "شل" في أمريكا يأتي في الوقت الذي يشهد فيه الإنتاج الأمريكي من النفط والغاز الصخريين تزايدا كبيرا، وأعتقد أن توقيت تقليص أعمالها في أمريكا غير سليم، فالثورة الراهنة في مجالي النفط والغاز الصخريين يتطلب وجود شركة شل في أمريكا الشمالية.
وأضاف، أن العديد من شركات الطاقة الصغيرة حققت أرباحا ضخمة جراء اكتشافات النفط والغاز الصخريين، بيد أن الشركات العملاقة لم تفلح في ذلك، وخير مثال شركة أكسون موبيل وشركة "BP" التي أعلنت عن نيتها في نقل أصولها البرية من الغاز والنفط الصخريين إلى أنشطة منفصلة لتحسين الأداء.
وتخطط "شل" لتعويض تراجع استثماراتها في أمريكا بتركيز أعمالها في المناطق التي تعتبرها "فرص المستقبل" مثل شرق إفريقيا والعراق وكازاخستان، إلا أن البعض يعتقد أن الاتجاه الذي تتبناه الشركة يعود لتعرضها لضغوط خارجية جراء تبنيها لبرامج تنقيب عن النفط في مناطق مثيرة للجدل.
ولـ "الاقتصادية" يشير إيد كورناد من منظمة السلام الأخضر المعنية بالدفاع عن البيئة إلى أن شركة رويال دويتش شل واجهت ضغوطا عنيفة من منظمات بيئية محلية ودولية نظرا للمخاطر التي يمكن أن تنجم عن بعض مشاريعها النفطية، ومن أبرزها مشروعها للتنقيب عن النفط في القطب الشمالي، وقد أفلحت هذه الضغوط في دفعها للإعلان في كانون الثاني (يناير) الماضي عن تجميد هذا المشروع.