«عز الله اللي ما سكنوا»
لعل أهم ما يتداول في المجالس ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من قضايا لا يخلو من الحديث عن وزارة الإسكان. نكثت الوزارة وعدها ببدء التسليم اعتباراً من غرة شوال. قررت الوزارة أنه من الأفضل تأجيل التسليم وتعقيد عملية التسجيل، ويبدو أنها فُوجئت بأعداد المستحقين عندما فتحت التسجيل للمرة الأولى، أمر كشف عدم وضوح خطط وآليات وأهداف الوزارة.
فقدت الوزارة مصداقيتها لدى المواطن المسكين الذي يتسقط الأخبار ويعبئ النموذج تلو النموذج، ويحاول أن يفك رموز شروط الاستحقاق وكيفية الحصول على السكن وماهية مفهوم "الأرض والقرض"، و"القرض بدون أرض"، و"الأرض بدون قرض" و"الإسكان الجاهز"، وغيرها من "لوغاريتمات" عملية الإسكان التي تجاوز عمر وزارتها أربع سنوات وهيئتها العامة سبع سنوات، دون نتائج ملموسة.
ثم يأتي خبر يقول إن وزارة الإسكان الماليزية قررت أن تستفيد من خبرة وزارتنا في تنفيذ مشروع لإسكان مليون مواطن ماليزي.
نسي الماليزيون أنهم نجحوا في إنشاء وتمويل أكثر من 500 ألف وحدة سكنية ميسّرة التكلفة للمواطنين خلال مدة لم تتجاوز ثلاث سنوات.
غفل الماليزيون عن أنهم يقدمون القروض الحكومية للمواطن مباشرةً عند شراء الوحدات السكنية التي تطابق مواصفات وزارة الإسكان؛ الأمر الذي أدى إلى تملُّك ما يقارب 70 في المائة من أربعة ملايين أسرة مساكنها.
تجاوزت غفلتهم واقع أن وزارة الإسكان الماليزية وضعت قائمة بالمقاولين غير المؤهلين أو الذين لا تقبل أعمالهم، ووفرتها للمواطن الراغب في شراء منزل مستفيداً من القرض الحكومي.. الأمر الذي يضمن للمواطن أمواله ومستقبل أبنائه في منزل مطابق للمواصفات العالمية.
لم أتوقع أن يتصدّر تصريح مثل هذا صفحات جريدة سعودية تعايش واقع وشكاوى الناس. هذا يجعل صحافتنا شريكاً في "نفش" عضلات المسؤول، وسيطرة الانغلاق على تفكيره وأسلوب إدارته للعمل. يتنافى هذا بالتأكيد مع مصداقية العمل الصحافي ودور وسائل الإعلام كسلطة رابعة. لماذا لم يتوجّه الصحافي للمسؤول عن الخبر ويعرض عليه الإحصائيات التي يطلع عليها كل الناس؟ المساهمة في تضليل المسؤول خطأ يجب ألا تقع فيه الصحافة.
أَجملَ صديقي ما يمكن أن يقوله كل سعودي بعد قراءة الخبر حين قال: "عز الله اللي ما سكنوا".