«متحف المدينة» .. تجسيد التاريخ من الهجرة النبوية إلى العهد السعودي
يعد "متحف دار المدينة للتراث العمراني والحضاري" أول متحف متخصص للتاريخ والتراث الحضاري للمدينة المنورة، يكشف معالم إرثها وحضارتها الإسلامية، ويضيء صفحات ناصعة من تاريخ طيبة الطيبة وتفاصيل دقيقة وشاملة من معالم السيرة النبوية والإسلامية والثقافة العمرانية والحضارية للمدينة المنورة.
ويجسد المتحف تاريخ آلاف السنين عبر المجسمات والصور والمؤلفات والمعروضات النادرة ليعاصر فيها الزائر ماضي المدينة المنورة العريق ومسيرة أهلها منذ الهجرة النبوية الشريفة حتى العهد السعودي الزاهر.
#2#
ويقع المتحف في الجهة الشرقية للمدينة المنورة في مقر مدينة المعرفة الاقتصادية على امتداد شارع الملك عبد العزيز أمام محطة سكة قطار الحرمين، فيما استقبل المتحف منذ افتتاحه في عام 2011 أكثر من 100 ألف زائر من كل الأعمار ممثلين بأكثر من 30 جنسية مختلفة من أنحاء العالم، إضافة إلى الوفود الرسمية والعائلات وطلاب الجامعات والمدارس من خارج المدينة وداخلها.
لقد خطرت الفكرة الأساسية من إنشاء المتحف واللبنات الأولى لتأسيسه حين توالت الهدميات التي خضعت لها المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي الشريف لصالح مشاريع التوسعات المتتالية للمسجد النبوي، الأمر الذي جاء على كامل مناطق التراث العمراني الزاخرة بتراثها الحضاري والتاريخي، ما تطلب معه البحث عن أسلوب حضاري وحديث يمكن من حفظ هذا الموروث الثقافي للمدينة المنورة، حيث كانت الخطوة الأولى جمع أكبر قدر ممكن من المقتنيات بجميع أنواعها العمرانية والحضارية، ثم مرحلة التقاط الصور والاحتفاظ ببعض القطع العمرانية والزخارف والنقوش النباتية، التي كانت تتساقط بسقوط تلك الرواشين التي كانت تعتبر غاية في الدقة والروعة والإتقان.
#3#
ومع مرور الزمن وجمع الكثير من المقتنيات تمكنت الدار من بناء مجموعة لا بأس بها من المجسمات التي تؤرخ معالم السيرة النبوية الشريفة في المدينة المنورة وتوثقها وبعض المجسمات التي توثق الوضع العمراني والاقتصادي والثقافي والحضاري للمدينة المنورة.
وينقسم المتحف إلى ثلاث قاعات رئيسة، وهي قاعة السيرة النبوية، وقاعة التراث العمراني والحضاري، وقاعة المتحف المفتوح "حديقة المتحف"، فيما تعد قاعة السيرة النبوية أولى قاعات متحف دار المدينة للتراث العمراني والحضاري وتؤدّي إلى قاعات العرض الأخرى، ومساحتها 500 متر مربع، حيث تشمل هذه القاعة مجموعة من المجسمات والصور النادرة للمدينة المنورة، وتشرح معالم السيرة النبوية الشريفة بأسلوب مشوق ودقيق.
#4#
وقد رتب العرض في هذه القاعة على عدة مراحل، وهي مرحلة تاريخ وتطور مكة المكرمة، ويحتوي عرضها على مجموعة مجسمات تحكي تاريخ مكة المكرمة منذ نزل فيها سيدنا إبراهيم عليه السلام حتى بعثة النبي- صلى الله عليه وسلم- وهجرته إلى المدينة المنورة، ثم مرحلة مسار طريق الهجرة النبوية الشريفة، وعرضها عبارة عن مجسم ضخم يشرح مسار رحلة الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
ويضم المتحف مجموعة من المجسمات توضح محطات وصول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة. ويحتوي المتحف على سلسلة مجسمات توضح للزائر المخطط التفصيلي لعمارة وتطوير وبناء المسجد النبوي الشريف بدءا من تأسيسه على يد النبي- صلى الله عليه وسلم- حتى العمارة الحالية في العهد السعودي الزاهر، إضافة إلى 12 مجسما للحجرات النبوية الشريفة.
#5#
وتضم قاعة التطور العمراني والحضاري في المتحف التي تمثل الفترة التاريخية السابقة للمدينة المنورة والتطور العمراني والتراثي لها، المجسم العام للمدينة المنورة مطلع العهد السعودي، ويعد المرجع الوثائقي الوحيد والمهم لمنطقة المدينة المنورة للفترة حتى عام 1345هـ لما يحتويه ويوثقه من معالم التراث العمراني والحضاري والاجتماعي في تلك الفترة.
كما أن هذا المجسم يحتوي على أكثر من 4000 معلم، واستغرق العمل على إعداده وبنائه أكثر من ثماني سنوات، واشترك في تصحيحه وتوثيقه أكثر من 400 شخص من أهالي المدينة الذين عاشوا في تلك الفترة.
#6#
كما تشمل هذه القاعة مجموعة من الصور والمقتنيات النادرة للمدينة المنورة. ويمتاز المتحف بعرضه لمجموعة من المقتنيات النادرة والجميلة التي ارتبطت بثقافة وتاريخ المدينة المنورة، من أهمها العملات النادرة التي استخدمت في المدينة المنورة على مدى عصورها المختلفة منذ العهد النبوي وتتابعاتها عبر التاريخ الإسلامي حتى يومنا الحاضر.
يذكر أن المتحف حصل على العديد من الجوائز، منها جائزة الأمير سلطان بن سلمان بن للتراث العمراني- فرع البحوث العمرانية، وجائزة المدينة المنورة – فرع البحوث العمرانية، وجائزة توثيق التراث العمراني والمعماري للمناطق التراثية والحضرية بالمدينة المنورة، في حين أصدرت الدار موسوعة معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ من تسعة أجزاء، وبعض الدراسات والكتب والأبحاث التي تخدم معالم المدينة وتراثها العمراني.