أوكرانيا: نريد ضخ الطاقة في اتجاه معاكس .. موسكو تنتهك العقود وتضاعف أسعار الغاز

أوكرانيا: نريد ضخ الطاقة في اتجاه معاكس .. موسكو تنتهك العقود وتضاعف أسعار الغاز

طلبت أوكرانيا من الاتحاد الأوروبي إمدادها بشحنات الطاقة بسبب نزاعها المتسارع مع روسيا.
وذكر أرسيني ياتسينيوك رئيس الوزراء الأوكراني على هامش قمة الاتحاد الأوروبي أنه من الملح بالنسبة لأوكرانيا أن يتم ضخ الطاقة في اتجاه معاكس، لأن موسكو تنتهك عقودها وتضاعف أسعار الغاز.
ووفقاً لـ "الألمانية"، فقد اعتبر ياتسينيوك مطالبات روسيا باستحقاقات مالية تقدر بالمليارات من أوكرانيا عقابا على طريقها الموالي لأوروبا، مضيفاً أنه من المهم أن نتحدث بصوت واحد حتى لا نسمح لأحد وأيضا لروسيا باستخدام الطاقة كسلاح نووي جديد.
ويعمل الاتحاد الأوروبي حاليا على ما يسمى بآليات التدفق الاحتياطي، التي تسمح على سبيل المثال بتوريد الغاز من سلوفاكيا إلى أوكرانيا.
وأشار رئيس الوزراء الأوكراني إلى أنه يتعين على المرء أن يدفع الثمن، ويتعين علينا جميعا أن ندفع الثمن من أجل السلام والاستقرار والأمن والقيم، وأفضل طريق للسيطرة على روسيا هو استخدام ضغط اقتصادي حقيقي.
وأضاف ياتسينيوك، أن الروس يبيعون النفط والغاز إلى الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، ثم يأخذون اليورو والدولار والجنيه ليشتروا أسلحة ومدرعات ودبابات يغزون بها دولة مستقلة.
وانضم رئيس الوزراء الأوكراني إلى زعماء الاتحاد الأوروبي في اليوم الثاني من محادثاتهم ليوقع على العناصر الأساسية في الشق السياسي لاتفاق الشراكة والالتزام بالاتفاق نفسه الذي رفضه الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في خطوة أدت للإطاحة به.
وسيلزم الاتفاق أوكرانيا والاتحاد الأوروبي بعملية سياسية واقتصادية وثيقة غير أن أجزاء أكثر أهمية من الاتفاق تتعلق بمنطقة تجارة حرة ستوقع بعد أن تجري أوكرانيا انتخابات رئاسية جديدة في أيار(مايو) المقبل.
وأشارت داليا جريبا وسكايتي رئيسة ليتوانيا، إلى أنه من الضروري دعم الشعب الأوكراني وحكومته سياسيا واقتصادياً مضيفة أن الاتحاد الأوروبي مستعد لمساعدة كييف كل يوم من الآن فصاعدا، وهونت رئيسة ليتوانيا من الإجراءات الروسية المضادة قائلة "لا أحد يخاف من أحد".
وكان يانوكوفيتش أعرض عن توقيع الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مفضلا علاقات أوثق مع موسكو مما أثار احتجاجات في الشوارع استمرت لشهور ودفعته في نهاية الأمر إلى الفرار من البلاد، ثم سيطرت القوات الروسية على شبه جزيرة القرم مما أثار غضب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودفعهما لفرض عقوبات على موسكو.
واتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على زيادة قائمة أسماء الشخصيات الروسية المستهدفة من عقوبات الاتحاد بإضافة 12 اسما جديدا وحذروا من اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية الاقتصادية ضد روسيا إذا ساءت الأوضاع في أوكرانيا، وطلب الزعماء من المفوضية الأوروبية إعداد تقييم للآثار المحتملة لفرض عقوبات اقتصادية أوسع نطاقا على روسيا.
ومن جانبها اتهمت روسيا القيادة الأوكرانية بعدم المحافظة على مصالح الشعب الأوكراني بتوقيعها اتفاقية لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي.
ووصف سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي الاتفاقية بأنها محاولة لإحراز مكاسب في اللعبة الجيوسياسية، مشيراً إلى أن القائمين على السلطة في أوكرانيا أعلنوا توقيع الاتفاقية بدون دعم من الشعب بأكمله وأنها تفتقد التوافق الوطني.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستمتنع في الوقت الراهن عن اتخاذ عقوبات ردا على العقوبات التي أعلنتها واشنطن واستهدفت مصرفا ومسؤولين روس
ويأتي تصريح بوتين في الوقت الذي نشرت فيه موسكو قائمتها للعقوبات ضد مسؤولين أمريكيين فور إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما فرض عقوبات جديدة على موسكو ردا على ضمها القرم.
وتستهدف القائمة الروسية 9 أشخاص يحظر عليهم الدخول إلى روسيا خصوصا 3 من مستشاري أوباما هم كارولين أتكينسون، ودانيا بفايفر، وبنجامين رودز، ونشرت القائمة فور إعلان أوباما فرض عقوبات على 20 مسؤولا روسيا جديدا بالإضافة إلى مصرف "روسيا".
وستطلب موسكو من كييف إعادة تسديد 11 مليار دولار (7.9 مليار يورو) وهي عبارة عن منافع مالية منحت إلى أوكرانيا في إطار اتفاق موقع في نيسان(أبريل) 2010 يستهدف التمديد لانتشار الأسطول الروسي في البحر الأسود في القرم.
وقال ديمتري مدفيديف رئيس الوزراء الروسي إن الدولة الأوكرانية وفرت بهذه الطريقة 11 مليار دولار وبالتالي فإن موازنة الاتحاد الفيدرالي الروسي فيها نقص بهذه القيمة، مشدداً على أن الاتفاق لم يعد له مبرر بما أن القرم باتت جزءا من روسيا.
وتهدد الأزمة الأوكرانية بقلب المعطيات الدولية من خلال تسليطها الضوء على ضعف الاتحاد الأوروبي على الصعيد السياسي وعودة الولايات المتحدة على الساحة الأوروبية بالإضافة إلى الوزن الجيوستراتيجي لروسيا التي تعتبر نفسها منذ زمن بعيد مهملة.
وقال توما غومار من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن بوتين بضمه القرم في عملية خاطفة "أذهل" الغربيين موضحا أنه إن كان الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على شخصيات روسية وأوكرانيا موالية لروسيا إلا أن تأثيرها ليس بمستوى الرهانات.
ويعاني الاتحاد الأوروبي من اعتماده على روسيا على صعيد الاقتصاد والطاقة، حيث إنها تمده بربع وارداته من الغاز، واستثمرت العديد من الشركات مثل مجموعة توتال الفرنسية مبالغ طائلة في روسيا، كما أن الرساميل الروسية تسهم إلى حد بعيد في ازدهار حي المال والأعمال في لندن.
ويخطط الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على واردات الطاقة من روسيا، وذكر هيرمان فان رومبوي رئيس قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أن هذا الأمر كان موضوعا رئيسا في اليوم الثاني من قمة الاتحاد، وأن الإجراءات المخطط اتخاذها ستكون تقليل استهلاك الطاقة وزيادة تنويع مصادرها، وينبغي أن نتوصل إلى اتحاد للطاقة.
وفيما ذكر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه سيتم طرح خطة خفض الاعتماد على إمدادات الطاقة من روسيا في حزيران (يونيو) المقبل، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أهمية ترشيد الطاقة، مشيرة إلى أنه رغم أن الأمر لن يستقيم بدون محروقات، فإن الثقة في إمدادات الطاقة من روسيا تزعزعت.
واليوم يدفع الاتحاد الأوروبي ثمن تعامله مع موسكو وقد وعد بتنويع مصادر تزوده بالطاقة غير أن هذا يبقى طموحا بعيد الأمد، والمشكلة الأساسية المطروحة على الأوروبيين هي أنه لا يمكنهم فرض عقوبات مجدية على روسيا دون إضعاف اقتصادهم الذي ما زال يتعافى من الأزمة.
وفي حين بدأت واشنطن تبتعد في السنوات الأخيرة عن القارة الأوروبية لإعادة تركيز سياستها في آسيا والمحيط الهادئ، وجدت نفسها مضطرة للعودة إلى تركيز اهتمامها بهذه المنطقة، ومن اللافت بهذا الصدد أن يختار أوباما الإعلان عن عقوبات جديدة بحق روسيا في وقت كان القادة الأوروبيون مجتمعين في بروكسل، وكما في زمن "الحرب الباردة" اختارت موسكو فرض عقوباتها أولا على الأمريكيين ومن الواضح أنه بنظر موسكو اختبار قوة مع واشنطن.
واستبعد القادة الغربيون الخيار العسكري في مواجهة روسيا، وفي وقت يعمد العديد من دول الحلف الأطلسي لتقليص ميزانياتها العسكرية، أعلنت روسيا عن زيادة بنسبة 44 في المائة لميزانيتها الدفاعية خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويبقى بوتين متمسكا بمشروعه، فإن كانت روسيا المنتج الأول للنفط الخام في العالم والمنتج الثاني للغاز الطبيعي، فهي تواجه تراجعا مزمنا في نسبة المواليد ويبقى اقتصادها هشا بمعزل عن عائدات النفط والغاز.
وموسكو مستبعدة من المفاوضات التجارية الجارية حاليا في اتفاقين مهمين هما اتفاق التبادل الحر بين أوروبا والولايات المتحدة والشراكة عبر المحيط الهادئ بين آسيا وأمريكا الشمالية.

الأكثر قراءة