البلوي يترجم للسياح نهارا .. ويدرس لغتين مساء
لم يدر بخلد عبد العزيز أحمد البلوي (22 عاما)، أن يكمل دراسته الجامعية بعيداً عن مدينته عروس البحر الأحمر، التي ولد وترعرع فيها، مسافة تتجاوز 900 كيلومتر، بل يعمل موظفاً للاستقبال في أحد فنادق العلا التي تعج بالسياح على مدار الأسبوع لإتقانه اللغة الإنجليزية والفرنسية.عندما تدلف بهو فندق أراك العلا في اليوم الأول لزيارة "الاقتصادية" لمنطقة العلا، يلفت الانتباه ذاك الشاب السعودي باستقباله الحار وترحيبه والابتسامة تعلو محياه، مصرا على تقديم القهوة العربية ريثما ينهي إجراءات الحجز.
ملامحه البريئة والحماس الذي يتدفق من دواخله، حفز "الاقتصادية" على سرد قصة هذا الشاب الذي يعد مصدر فخر للشباب العامل في قطاع السياحة.
وجد عبد العزيز نفسه يدرس اللغتين الإنجليزية والفرنسية في جامعة طيبة فرع العلا، بعد أن قدم أوراق التحاقه للدراسة في جامعة الملك عبد العزيز في جدة مسقط رأسه.
ربما هذا البعد ومفارقة الأهل والأحباب عوضها عبد العزيز في الاستفادة من وجوده في مدينة العلا الشهيرة بآثار دار الحجر "مدائن صالح" والعديد من المناطق الأثرية الأخرى، بممارسة اللغات التي يدرسها في الجامعة عملياً مع الوفود الأجنبية التي تزور المنطقة باستمرار.
يقول عبد العزيز البلوي "أنا من سكان جدة، وجئت إلى هنا منذ أربع سنوات تقريباً، كنت قد قدمت أوراقي للالتحاق بجامعة الملك عبد العزيز في جدة لكن القبول جاءني انتساب بكل أسف".
ويضيف والابتسامة لا تفارق محياه "بعدها قدمت في جامعة طيبة في المدينة المنورة، وبالفعل حصلت على قبول لكن في فرع الجامعة في منطقة العلا، تخصصت في اللغات والترجمة قسم اللغة الإنجليزية والفرنسية، وكون بعض إخوتي عينوا معلمين في العلا، فإن ذلك خفف علي فراق الأهل في جدة".
لم يكتف البلوي بالدراسة فقط في مدينة تبعد عن مسقط رأسه نحو 900 كيلومتر، بل أصر على البحث عن عمل حتى وجد ضالته التي لطالما بحث عنها، حيث حظي بالعمل في الصف الأمامي لأحد أكبر الفنادق في العلا، يقول عن تجربة العمل "تقدمت على الوظيفة في الفندق، وبحمد الله تم قبولي مباشرة لإتقاني التواصل باللغة الإنجليزية".
ويواصل عبد العزيز الذي يدرس في سنته الجامعية الثانية حديثه بالقول "فكرت في العمل للاستفادة من وجود السياح في العلا لممارسة اللغات التي أدرسها، أعمل الآن في فندق أراك العلا بمكافأة جيدة، وأستفيد كثيراً من الوفود الأجنبية التي تأتي لزيارة الآثار على مدار الأسبوع".
وعلى الرغم من إرهاق العمل الشاق لثماني ساعات يومياً ثم التوجه للجامعة، إلا أن عبد العزيز يبدي إصراراً وعزيمة تجعل منه أنموذجاً للشاب الطموح المكافح، ويشير بقوله "يبدأ عملي في الثامنة صباحاً وحتى الثالثة عصراً، ثم أتوجه مباشرة للجامعة وهكذا يومياً". يحلم عبد العزيز الذي يمنح مكافأته الجامعة لوالديه منذ عامين ـ على حد قوله، بأن يصبح مترجماً في أحد الأندية الرياضية الشهيرة في السعودية، أو العمل في إحدى السفارات السعودية في الخارج، لكن يستطرد "أحلم بالعمل مترجماً لكن والدتي ترغب أن أكون معلماً، من يدري قد أصبح مرشداً سياحياً في العلا التي تستقبل آلاف الأجانب لزيارتها".