«أم مرزوق» صانعة «السلال» .. 8 ساعات من العمل والربح 600 ريال

«أم مرزوق» صانعة «السلال» .. 8 ساعات من العمل والربح 600 ريال

تمضي أم مرزوق أو "صانعة السلال" كما يحلو لزوار مهرجان الساحل الشرقي مناداتها، ثماني ساعات وقوفاً على رجليها هي مدة العرض في المهرجان لتبيع على الزوار منتجاتها التي تصنعها بنفسها.
من ينظر إلى "أم مرزوق" يلحظ شقوقا عميقة وتجاعيد محفورة تملأ يديها؛ لأنها دأبت على صناعة سلال الخوص على مدى 50 عاماً منذ صباها برفقة أمها التي علمتها الصنعة، فكانت تجمع أغصان النخيل وتفردها وتقطعها بيديها التي فقدت طراوتها ونعومتها مبكراً في سبيل مشاركة أمها في تأمين لقمة العيش.
ومريم عيد المرأة الستينية وكنيتها "أم مرزوق" تعتز بمشاركتها الثانية في ركنها الخاص بصناعة سلال الخوص في مهرجان الساحل الشرقي المقام في كورنيش الدمام شرق المملكة.
وتروي لـ "الاقتصادية" قصتها بقولها: "منذ صباي وقفت إلى جانب أمي الأرملة التي تحملت مسؤوليتنا بمفردها دون مساعدة من أحد؛ كونها لم تكن من أهل الحي التي عاشت فيه مع والدي المرحوم، فأمي كما تقول من سكان الجنوب وبعد زواجها عشت مع أبي الذي كان يعمل حمالا في المنطقة الشرقية وتوفي وهو في عمر صغير مخلفا وراءه خمس بنات، وحملت أمي على عاتقها مسؤوليتهن لتوفير لقمة العيش لهن".
وتتابع: "كنا نأكل الرز من دون سمن كوجبة غداء، ونتعشى برغيف خبز يابس مع الماء، ونحمد الله أننا وجدنا ما نأكله ذاك اليوم، واضطرت أمي للعمل في صناعة الخوص، وكوني أنا الكبرى وهبت نفسي لمساعدتها وتحمل الحياة الشاقة، فكنت أحمل السعف على ظهري كل يوم، ثم أقوم بفصل الخوص عن الجريد التي تستغرق مني ساعات طوالا، وأتعرض في اليوم لنحو عشرين جرحاً بسبب قساوة الخوص ومن رؤوسه الحادة، كما أن عيني لم تسلما من الأذى".
وتستطرد أم مرزوق: "ورثت من أمي هذه الصنعة، وأصبحت أرملة كأمي لعشرة أبناء، وتحملت التعب والجهد، وأنا منهمكة في صناعة الخوص من أجل توفير حياة أفضل لأبنائي، وفضلت أن يعتنوا بدراستهم، وأنا أتعهد بتأمين حاجاتهم".
وتعتبر مريم مهرجان الساحل الشرقي فرصة لزيادة المبيعات، وتقول: "أعرض خبرتي وصناعتي في الخوص، وأصنع السلال والمهاف وسفر الطعام ومخضة اللبن وحافظة الخبز والمكسرات والتمر مقابل مبالغ زهيدة لا تتوازى مع كم الإرهاق الذي أعانيه في أثناء الصناعة".
وتتراوح الأسعار بين خمسة ريالات و90 ريالا مقابل ربح يومي لا يتعدى الـ 600 ريال.
وتشير مريم إلى يديها قائلة: "ها هي يداي شاهدتان على سنين التعب التي عشتها في صناعة الخوص".
وتشرح لنا أم مرزوق طريقة الصناعة عند تصنيع الخوص لا بد من نقعه في الماء الحار لتليينه حتى يسهل تشكيله، وبعد تطريته يبدأ التصنيع بعمل ضفيرة طويلة، ويختلف عرض الضفيرة حسب نوع الشكل، وكلما زاد العرض زاد عدد أوراق الخوص المستعملة، وتصبح الصناعة أصعب، وبعد صنع الجديلة يتم تشكيل الخوص حسب الرغبة بالاستعانة بإبرة عريضة وطويلة وخيط غالبا يكون من خوص نخيل الدوم حيث يتسم بمتانته.
أما ألوان الخوص فيتم صبغه بألوان مختلفة تتوافر لدى محال العطارة عن طريق غلي الماء في وعاء كبير، وتوضع فيه الصبغة المطلوبة، ثم يتم إسقاط الخوص المطلوب تلوينه، ويترك لمدة خمس دقائق ثم يرفع من الماء ويوضع في الظل حتى يجف، أما الخوص الأبيض فإنه يكتسب ألوانا نتيجة لتعرضه للشمس.

الأكثر قراءة