3 جامعات
درستُ المرحلة الجامعية في جامعة فلوريدا. هذه الجامعة هي أكبر جامعة في فلوريدا وواحدة من أكبر خمس جامعات في الولايات المتحدة. كان عدد طلبتها في تلك الأيام يتجاوز 30 ألفاً، وتجاوز الآن 50 ألفاً.
تقع الجامعة في مدينة مجهرية تسمى قينزفيل، يسكنها ما يقارب 120 ألفاً نصفهم في الجامعة وما يتبعها من مراكز بحوث وخدمات، والنصف الآخر لهم علاقة بالجامعة من قريب أو بعيد.
لعل أشهر الأمثلة على المدن الصغيرة التي بُنيت على مرافق وخدمات التعليم الجامعي هي مدينة بوسطن الأمريكية التي يسكنها نحو 650 ألف نسمة، وفيها 58 منشأة جامعية. يهمني هنا أن أنقل فكرة مهمة وهي أن التعليم الجامعي المدعوم من الدولة يجب أن يوجّه نحو المناطق البعيدة عن مراكز الكثافة السكانية.
يمكن للمدن الكبيرة أن تحصل على ما تريد من الاستثمارات في المجال من القطاع الخاص الذي ينشئ الجامعات بناءً على الحاجة والدعم الذي يتلقاه من الدولة ومتطلبات السوق. هذه العناصر واضحة في المدن الكبيرة لكنها تخبو في المدن الأصغر، ما يستدعي التحليل العلمي للاحتياج والبناء عليه.
تتوافر عناصر ربحية التعليم الجامعي في المملكة. يجب أن تشجع الدولة منشآت التعليم الجامعي القادرة على التمويل الذاتي التدريجي. يتطلب مثل هذا الأمر أن تنشط وزارات التعليم العالي والشؤون الاجتماعية والأوقاف في سبيل دعم استقلالية الجامعات المالية، أمر بدأته جامعة الملك سعود، لكننا لم نشاهده بالفورة نفسها في جامعات قادرة على تحقيق الاستقلال المالي ولو جزئياً مثل جامعتي الملك عبد العزيز والملك فهد.
بقدر ما أسعدني خبر افتتاح ثلاث جامعات حكومية بأمر من خادم الحرمين الشريفين، بقدر ما تمنيت أن تكون كل هذه الجامعات في المدن الصغيرة. جدة ثاني أكبر مدن المملكة ومحور كبير في الاقتصاد، لديها القدرة على تحفيز القطاع الخاص لإنشاء الجامعات. يمكن أن يدعم هذا التوجّه بشراء عدد معين من المقاعد الدراسية من قِبل وزارة التعليم العالي وابتعاث طلبة عليها من سكان المدينة. سيكون إنشاء الجامعات أسرع، وتكلفتها على الدولة أقل.
أتمنى أن يبذل الجهد في المستقبل لتوفير التعليم الجامعي الحكومي ومتطلباته في المدن الأصغر، مثل حفر الباطن وبيشة.