أحلام المشهدي: أرسم لأبطال تلك «الحكايا» غير معروفة النهاية
نظم إتيليه جدة للفنون الجميلة المعرض الثاني للفنانة التشكيلية أحلام المشهدي، برعاية الأديب أحمد باديب، بعنوان "حكاية حب"، ابتداء من 2 نيسان (أبريل) وامتد لعشرة أيام.
اختارت له الرسامة "الحب" كثيمة للمعرض. فقد يمر أي شخص بتجربة الإحساس بالوله والانصهار، إلا أن التعبير عنه وإنتاج لوحات فنية بهدف مشاركة هذه اللحظات الآخرين، ذلك يعبّر عن ميول فنية مرهفة.
تقول المشهدي "لأن هاجس الحب سيطر على كياني فدخلت في عالمه ولا مخرج لذلك". وتذكر أن المرأة والحب موضوعات مسيطرة على معظم لوحاتها. إلا أنها تحب إضافة "الجانب الروحاني والارتقاء بالنفس البشرية إلى عالم المثاليات والجمال".
الرسالة التي تحاول إيصالها المشهدي من خلال معرضها هي "رسالة الحب"، "وحاجتنا له في حياتنا الغارقة في الماديات والأنانية وحب الذات. حيث انتشر فقدان المشاعر الإنسانية وموت القلوب". وأبطال الحكايا التي رسمتها، هم من عاشوا أجل لحظات الحب يوماً وتغنوا به وحلقوا في سمائه. والحكاية غير معروفة النهاية، فالغموض والجمود يكتنفها".
ترسم أناملها بتقنيات متعددة وألوان تتنوع بين الزيتي والمائي والإكريليك، عبر أحبار وخامات مختلفة. من يتأمّل لوحاتها يلحظ رؤوسا محنية خضعت للحب، وأجساد تظهر بانحناءات تظهر كفراشات حالمة. تظهر بالألوان القاتمة التي اختارتها نظرة سوداوية للحب، وكأنه حتماً سيمر بمرحلة الانحدار والتلاشي. قسمت مراحل الحب وحالاته إلى ثلاثة: "مرحلة الأحلام والتحليق في عالم الحب الجميل"، "ومرحلة الانتقال من عالم الحب الحالم إلى مرحلة تلقي الصدمات"، وأخيراً "مرحلة اليأس والانطواء على الذات".
تظهر أحلام تأثراً بالمدرسة التعبيرية للفن، التي نشأت في ألمانيا عام 1910، فهي تبوح بأن "مصدر إلهامها هو ما تحمله من شحنات وأحاسيس عبر العقل الباطن"، بما هو أشبه لما يقوله أشهر فنان تشكيلي للفن التعبيري "هنري ماتيس": التعبير هو ما أهدفه قبل كل شيء. فأنا لا يمكنني الفصل بين الإحساس الذي أكنه للحياة، وبين طريقتي في التعبير عنه". إلا أنها تبعد نفسها عن التصنيفات فهي "لا تحب الالتزام أو السير وفق نمط معين أو مدرسة معينة" وتجد أعمالها في بعض الأحيان يطغى عليها الجانب السريالي، الذي يميل إلى الاعتماد على العقل الباطن والمبتعد عن العقلنة.
معرض أحلام الشخصي الأول، بعنوان "الواقع واللاواقع"، نظمته الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، في الرياض، عام 2005. استغرقت وقتاً طويلاً وصل إلى ستة أعوام للعودة مجدداً بمعرض جديد، بسبب عدم تفرغها للفن التشكيلي، فالمشهدي تعمل إخصائية علاج فيزيائي في مستشفى الملك فهد في الخبر، بعدد ساعات طويلة، وارتباطات أسرية واجتماعية أخرى. وهي تعتقد أن عدم التفرغ للفن يعوق أفكارا ومشاريع عديدة لم تتمكن من تكملتها. "حيث بات من الصعب على معظم الفنانين التفرغ للفن والإبداع، في ظل عدم وجود الدعم سواء من الجهات الحكومية والخاصة." ومن المعوقات الأخرى التي شددت عليها "عدم توافر مراسم مهيأة بمبالغ معقولة، وعدم وجود تقدير للموهوبين والمبدعين، وعدم توافر تخصص للفنون الجميلة في جامعاتنا، وإن وجد فهو ليس بالمستوى المطلوب". إضافة إلى "غياب النقاد المتخصصين".
أحلام عضو في عدد من الجمعيات من ضمنها الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت). كما شاركت في عدد من المعارض الجماعية كالجنادرية في الرياض عام 2013، والمعارض الدولية كمهرجان شرم الشيخ الدولي للفنون في عام 2013. تذكر أحلام أن الاهتمام بالفن التشكيلي في جدة يفوق ذلك في مناطق المملكة الأخرى. فقد لامست احتفاءهم بها و"مدى التأثر على وجوه الحاضرين، واندماجهم مع ما تحمله اللوحات من معاناة وعاطفة." تقول المشهدي: "وجدت بصراحة تفاعلاً من الحضور في جدة أكثر بكثير عما وجدته في الرياض". تفاعل أكبر حيال معرض "حكاية حب"، حيث تهمس بقنوط من خلال كتيب يصف إحدى لوحاتها فيه، حيث تحاط رقبة تلك الحالمة وهي تحني رقبتها باستسلام: "سأظل في سجن حبك الأبدي، حتى لو لم يكن ذلك الحب سوى في أحلامي. أين المفر من حبك وروحي معلقة بين ثنايا العشق المحموم. الحب وهم وليس لنا سوى الغرق في جحيم الأوهام..".